أي دور للإعلام والأخلاق الإعلاميّة في لبنان في تهدئة كل أنواع الخطابات السياسيّة المتطرّفة التي تشهد رواجًا في الآونة الأخيرة بين مختلف الفرقاء السياسيين في لبنان؟.

بيروت: بعد الخطابات الناريّة بين حزب الله والمستقبل، ورغم استمرار الحوار بينهما، وكان آخر هذه الخطابات خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الذي وُصف بأنه حاد ومتطرّف اللهجة، يُطرح السؤال عن الدور الإعلامي والأخلاق الإعلاميّة في تغذية هذه الخطابات النارية، علمًا أن للإعلام دورًا كبيرًا في إبراز تلك الخطابات وحتى تغذيتها في الكثير من الأحيان، وفي هذا الصدد تؤكد الإعلاميّة سعاد قاروط العشي ل"إيلاف" &أن تدني سقف الأخلاق الإعلاميّة اللبنانيّة سمح بنبذ السياسيين للفريق الآخر وتشويه صورته إعلاميًا، والشعب اللبنانيّ أصبح منقسمًا حتى في مشاهدته للوسائل الإعلاميّة، فهناك من يشاهد فقط قنوات تابعة لتيار المستقبل، وآخرون لحزب الله، وهنا حصل التصنيف من قبل الشعب اللبناني نفسه، وأصبح يرى الأمور من زاوية واحدة، والمعلوم أنه يجب مشاهدة الوسائل الإعلاميّة التي تختلف سياسيًا عنا، من أجل القيام بقراءة ذاتيّة، لبناء الرأي الصحيح والصحيّ، وكل لبنانيّ للأسف اليوم، يشاهد أو يقرأ أو يسمع الوسيلة الإعلاميّة التي تنسجم مع سياسته، ولا يرضى أبدًا بتوسيع مدار قراءاته ومشاهداته، وهذا يدخل ضمن ثقافة عدم قبول الرأي السياسي الآخر.
&
وتتحدت العشي عن الأخلاق الإعلاميّة التي يكتسبها الإعلاميّ إلى حد كبير من عائلته، ومحيطه، والتي تساهم إلى حد كبير في ترطيب أجواء الخطابات السياسيّة النارية، ولكن نشهد اليوم على بعض الأخوة من العائلة عينها حيث كل أخ باتجاه مختلف، وسمعنا بقصص عن طلاقات حصلت بسبب السياسة، وهناك تأثير خارجيّ من خلال المدارس والجامعات والقراءات.
و"لا أحد يمكن الحديث عن تفعيل الأخلاق الإعلاميّة، لأن الأمر يعود إلى كل إعلاميّ من خلال العمل على نفسه وقدراته وموضوعيته وقناعاته، ولا أحد يمكن أن يحاسبه غير ضميره أوسلوكه المهني".
&
سوء ثقافة
&
يعتبر الإعلامي ساطع نور الدين في حديثه ل"إيلاف" أن هناك سوء ثقافة وتربية وخبرة، وهي كلها تؤدي إلى عدم تدريب الصحافييّن والإعلامييّن الجدد على كسب الخبرة الضروريّة لقبول رأي الفريق الآخر، من خلال معرفتهم بالتاريخ والجغرافيا والتجارب السابقة، ما جعلهم يتحوّلون إلى صحافة "الجدران" أو ربما صحافة صفراء.
&
ويؤكد نور الدين أن الأمر برمّته هو نتاج ثقافة جماعيّة، لأن هناك العديد من الصحافييّن ينتمون إلى أسر تتمتع بالأخلاق والرصانة، ويتحولون إلى "شتّامين" و"مهدِّدين" في منابرهم الإعلاميّة، وللأسف تلك المنابر هي الأكثر قراءة.
&
عنصرية لبنان القاتلة
&
بهذا الخصوص يؤكد الإعلامي نقولا ناصيف ل"إيلاف" أن مشكلة لبنان عنصريّته القاتلة، عنصريّة طائفيّة وثقافيّة وحتى جندريّة، وهذه العنصريّة في ظل الانقسام الطائفي سمحت في تجاوز كل القوانين والأخلاق الإعلاميّة، من خلال الاستنسابيّة في تطبيق القوانين، ما سمح باستخدام الشتائم من قبل السياسيين وحتى الإعلامييّن، والتحريض المباشر وحتى التهديد بالقتل على صفحات الجرائد، وفي حالات النزاع تشتّد هذه الظواهر بكثرة، وهي حالات كانت موجودة سابقًا، لكنها كانت محتكمة إلى صراع سياسيّ حقيقيّ، بين مشروعين، أما اليوم فبات الصراع طائفيًا ومذهبيًا، ولا طائفة تستطيع القول إن لديها مشروعها الخاص للبنان، ما أدّى إلى انحدار المستوى الأخلاقيّ في الخطاب الإعلاميّ والسياسيّ.
&
تدنّي الأخلاق
&
كما تشير الإعلامية شدا عمر ل"إيلاف" إلى تدني سقف الأخلاق الإعلاميّة اللبنانيّة ما سمح بنقل وحتى تحوير الخطابات السياسيّة، وهناك بناء خطاب حربي منذ فترة، وهذا حتمًا سينعكس على جمهور الوسائل الإعلاميّة، والأمر يدخل ضمن التعبئة الإعلاميّة، فنصل إلى إنفجار كلاميّ.
&
وتلفت عمر إلى أن الأخلاق الإعلاميّة تُكتسب عندما نخرج من طائفيتنا ومذهبيتنا في لبنان، والشرط الأول كي يكون الإعلاميّ موضوعيًا، عليه أن يخرج من قوقعته، وفي عائلة مشحونة طائفًيا ومذهبيًا، لا يمكن للإعلاميّ إلا أن يتسم بتلك الصفات، ويذهب بالتالي إلى إعلام موجّه.
&