تناولت وسائل إعلام ومواقع أخبار مصرية أنباء استقالة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، على خلفية فشل مؤسسة الأزهر في تجديد الخطاب الديني ومواجهة الأفكار المتشدّدة التي تقودها الجماعات التكفيرية، وهو ما ترتب عليه تدخل مؤسسة الرئاسة لإجبار الطيب على تقديم الاستقالة، وهو الأمر الذي نفته مشيخة الأزهر، واعتبرته نوعًا من الشائعات المغرضة ضد شيخ الأزهر.


أحمد حسن من القاهرة: اتهم مكتب شيخ الأزهرعددًا من رجال الدين والإعلاميين البارزين بالوقوف وراء إطلاق شائعة استقالة شيخ الأزهر، واعتبر ذلك ضمن حملة ممنهجة& ضد الدكتور الطيب منذ توليه مشيخة الأزهر.

وبحسب وصف مكتب الإمام الأكبر، في بيان رسمي، فقد أكد أن الإمام الأكبر باق في منصبه، وأن القاصي والداني في جميع أنحاء العالم الإسلامي يعلم أنها حملة تهدف إلى الإساءة إلى الأزهر الشريف، حيث استغل البعض دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي لتجديد الخطاب الديني، معتبرين أن هذا يعد نقدًا لدور مشيخة الأزهر، وهو ما اعتبره الأزهر نفسه دعمًا له من خلال الخطوات التي اتخذها لتجديد الخطاب الديني، وأن دعوة الرئيس دعم، وليست نقدًا".

أضاف الأزهر في البيان الذي حصلت "إيلاف" على نسخة منه: "أنه تابع بقلقٍ الاتصالات من كل المخلصين في داخل مصر وخارجها بخصوص شائعة الاستقالة، ويودّ التوضيح للشعب المصري وللأمة الإسلامية بأجمعها بشكل قاطع وواضح لا ريب فيه كذب هذه الأنباء، مؤكدًا بشكل واضح أن الإمام الأكبر ليس ممَّن يتخلى عن أمانته وواجبه وأنه باق في المشيخة لخدمة الدِّين والوطن والأزهر".

وأوضح الأزهر أن رئاسة الجمهورية سبق ونفت هذه الشائعة بمجرد صدورها، كما سبق ونفاها عدد من القيادات في الأزهر، لكن الأقلام المسمومة لم تتوقف عن نشر الشائعة، ونسبها إلى مصادر مجهولة، على حد وصف البيان، مع التأكيد على اتخاذ الإجراءات القانونية ضد مروّجي هذه الشائعات الكاذبة المغرضة.

&ليست الأولى
ليست المرة الأولى التي يتعرّض شيخ الأزهر لشائعات الاستقالة، فقد انتشرت تلك الشائعات في المرة الأولى عقب ثورة 25 يناير في عهد المجلس العسكري، وذلك بعد تنظيم تظاهرات عدة من قبل جماعة الإخوان المسلمين أمام مشيخة الأزهر في الدراسة ومطالبته بالاستقالة على خلفية تسمم وجبات طلاب المدينة الجامعية للبنين في جامعة الأزهر، وكانت الشائعة الثانية في عهد رئاسة محمد مرسي، ومحاولة الإخوان المستميتة للسيطرة على مقاليد الأمور داخل مشيخة الأزهر، وذلك بتسيير طلاب الجماعة ودعاتها بمسيرات مطالبة باستقالة الإمام الأكبر.

وبالرغم من تهديد شيخ الأزهر إياهم بالاستقالة وتحمل تبعاتها، إلا أنهم خشوا رد فعل الشارع المصري، وحاولوا إثناءه عن تلك الفكرة، وهو ما أكده في تصريحات سابقة الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، قائلًا إنه دائمًا ما كان يضع استقالته في جيبه، وإنه هدد الإخوان بها بعد محاولتهم السيطرة على المشيخة بتوسيع نفوذهم.

حملة ممنهجة
من جانبه اتهم الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر الشريف، رجال دين وإعلاميين بارزين، بالوقوف وراء ترويج شائعة استقالة شيخ الأزهر، بهدف تحقيق ما يسعون إليه من ترويج أفكارهم الهدامة والبعيدة عن صحيح الإسلام تحت ستار تجديد الخطاب الديني، ولكون الدكتور الطيب يقف ضدهم بالمرصاد ويحاربهم، فكان لا بد من الإطاحة به.

وأشار إلى وقوف أساتذة من داخل الأزهر نفسه لمحاربة شيخ الأزهر ومهاجمة هيئة كبار العلماء للوقوف ضد ما يدعون إليه من أفكار شاذة عن الدين وهؤلاء يساندهم بعض العلمانيين مستغلين الفضائيات والصحف التي تتفق مع أفكارهم للهجوم على الأزهر وشيخه.

وقال ﻟ"إيلاف": "إن الدستور وقانون الأزهر الجديد حصّن منصب شيخ الأزهر من العزل والاستقالة حتى بلوغ سن الثمانين عامًا، ولهيئة كبار العلماء الحق في انتخاب شيخ الأزهر من ضمن أعضائها فقط من دون تدخل من الدولة والرئيس، وبالتالي الحديث عن قصص الإجبار على الاستقالة أصبح كلامًا لا يصدقه عقل".

وشدد على أن مؤسسة الرئاسة لم تتدخل من قريب أو بعيد في الشأن الداخلي لشيخ الأزهر، والرئيس حريص على ذلك، ويكنّ كل الاحترام لدور الأزهر في تجديد الخطاب الديني وتنقية المناهج من العنف والتشدد.

سر غضب الإمام
على الجانب الآخر يرى الدكتور سعد عبد الغني، أستاذ العقيدة في جامعة الأزهر، أن شائعات استقالة شيخ الأزهر ليست من فراغ، بل توجد حالة من الغضب الشديد تنتاب شيخ الأزهر نتيجة الهجوم الشديد من قبل وسائل الإعلام على قضية تجديد الخطاب الديني، مستغلين تدخل الرئيس لحث مؤسسة الأزهر على العمل السريع على هذا الأمر.

وأشار ﻠ"إيلاف" إلى أن شيخ الأزهر غاضب جدًا من تلك الحملات، وقد صرّح أكثر من مرة للمقرّبين منه أنه يضع استقالته في جيبه، في حال استمرار هذا الهجوم غير المبرر.

وقال الدكتور عبد الغني: "إن هناك صراعًا كبيرًا داخل الأزهريين أنفسهم بشأن تجديد الخطاب الديني، فهناك انقسام حول مفهوم التجديد، وهو الأمر الذي سوف يستغل من قبل العلمانيين لترويج أفكارهم الهدامة".
&