يبدو أن ميليشيا حزب الله تقع في أزمة مالية كبيرة، وقد ظهر ذلك في منشور استجداء، وزّعه في مناطق نفوذه، يطلب فيه تبرعات لتجهيز المقاتلين، طالبًا ألف دولار لكل مقاتل.


مروان شلالا من بيروت: وزّع شبان منتسبون إلى حزب الله في اليومين الماضيين منشورات "جهادية" في مناطق نفوذ الحزب في الضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، وفي مناطق الجنوب والبقاع، تحضّ المناصرين على ما أسماه المنشور "الجهاد بالمال"، في دعوة علنية للمؤيدين إلى دفع الأموال اللازمة لتجهيز المقاتل بالملابس والسلاح والعتاد، كي يستطيع تلبية "واجبه الجهادي"، وهي التسمية التي يطلقها الحزب على تورطه الميداني في سوريا إلى جانب نظام الأسد.

إستجداء مؤثر
المنشور صادر من "هيئة دعم المقاومة الإسلامية"، وهي أول خطوة علنية من هذا القبيل، لمصلحة ما يسميه المنشور "المجهود الحربي"، منذ كشف حسن نصرالله، زعيم حزب الله، عن مشاركة عناصره في القتال في سوريا.

وقد أرادت هذه الهيئة أن يكون استجداؤها أشد تأثيرًا، فصدّرت منشورها صورة لنصرالله نفسه، وتحتها كلام له، يتناول فيه الحاجات الشرعية والأخلاقية والإيمانية والوطنية لتقديم الأموال وتجهيز المسلحين بما يلزمهم، مع تبيان اللوازم المطلوبة، أي البنادق والذخائر والحربات والجعب العسكرية واللباس والأحذية.

الكلفة الإجمالية التي يقترحها المنشور لكل هذه المستلزمات هي 1.5 مليون ليرة لبنانية، أي ما يعادل ألف دولار، والطريقة وفق المقدور، أي نقدًا أو تقسيطًا، والحجة أن "من جهّز غازيًا فقد غزا"، والوعد في جملة خاتمة: "لنكن الشركاء في الإعداد للنصر الحاسم إن شاء الله"، والنصر هنا لا صلة له بالعدو "الصهيوني" طبعًا.

وقالت صحيفة "المستقبل" اللبنانية، الناطقة بلسان تيار المستقبل، المنافس اللدود لحزب الله على الساحة اللبنانية، إن فئة في الضاحية الجنوبيّة تعاطفت خلال الساعات الماضية مع المنشور، فقدمت ما تيسر من التبرع، لكن تحت عنوانين منفصلين: "فئة اعتبرت الدعوة بمثابة تكليف شرعي، لا يجوز التنصل منه تحت أي حجة، فلبّت الطلب بكل رحابة صدر وطيب خاطر، وفئة أخرى تبرّعت إما تملقًا أو خوفًا من ألسنة أو اتهامات يُمكن أن تضعها لاحقًا خارج خيارات حزب الله، وعندها قد تُحمّل ما لا طاقة لها على أن تتحمّله".

أين المال النظيف؟
هناك فئة ثالثة، بحسب الصحفية، لا تملك مالًا، بل تعتاش على التبرّعات، "بالرغم من أنها قدّمت أرواحًا من أبناء وأزواج وأشقاء، ضمن قافلة المُجاهدين الذين استغلت أسماؤهم بالأمس فداءً للمال".

وهناك من قرأ في هذا المنشور ضيقًا ماليًا أصاب "المقاومة الاسلامية"، فتساءل أين ذهب كل المال النظيف، الذي كانت ترسله إيران منذ العام 2006. كما سأل آخرون: "لمَ هذا الاستجداء طالما أن قياديين في حزب الله قالوا مرارًا إن إيران تتولى كسوة المقاتلين وتسليحهم، من الألف إلى الياء؟".

ونقلت "المستقبل" عن سيدة قولها: "علمنا عن طريق الصدفة أن مركز هيئة دعم المقاومة على أوتوستراد السيد هادي نصرالله، والذي يرأسه شخص يُدعى أبو زين، هو عبارة عن شقة فخمة يمتلكها حزب الله، يكفي ثمنها تجهيز ألفي مقاتل بالمواصفات التي طلبوها في المنشور وربما أكثر". وتساءل مراقبون: "هل هذه الأزمة من نتاج الاتفاق الإيراني الأميركي؟".

&