طوّرت شركة هولندية، متخصصة في الطاقة البديلة، تقنية جديدة تستفيد من حرارة أجهزة الارتباط بالكومبيوتر في تدفئة المنازل. ويمكن لتطوير التقنية لاحقًا أن يشمل الأجهزة الإلكترونية الأخرى، التي تعمل في المنزل بلا توقف، مع ملاحظة أن التقنية تزرق الطاقة المكتسبة من الجهاز مباشرة في شبكة التدفئة في الدار.


ماجد الخطيب: تشكل الطاقة المستهلكة في تشغيل أجهزة الارتباط بالانترنت (الراوتر) 2% من مجموع الطاقة المستهلكة على المستوى العالمي، بحسب تقدير منظمة السلام الأخضر (غرين بيس). هذا ليس كل شيء، لأن هذه الأجهزة تبدّد أثناء عملها القدر نفسه من الطاقة بشكل حرارة تذهب إلى الجو.

لا طاقة مهدورة
توفر تقنية حفظ المعلومات في"الغيمة" للمستهلك إمكانية حفظ مليارات من الغيغابايتس بشكل صور ومعلومات وموسيقى...إلخ، وترى شركة "نيردالايز" أن مثل هذه التقنية الرقمية تستهلك، على المستوى العالمي، سعرات حرارية لا تقل عددًا، لكن مصيرها، عكس المعلومات المحفوظة، الضياع في الجو.

وطوّر المهندسون في الشركة الهولندية كامل جهاز خدمة الانترنيت (سيرفر) بشكل مدفئة تشبه أجهزة التدفئة التي تنتشر في شبكات تدفئة المنازل الغازية والمائية. وجرى سلفًا& تركيب هذه الأجهزة في خمسة منازل هولندية، بالتعاون مع شركة "إينسو" الهولندية المعروفة، التي تعتبر من أكبر مزوّدي هولندا بالطاقة.

ظهر من التجارب الأولى أن الطاقة المكتسبة من حرارة الأجهزة تسدّ كلفة الطاقة المستخدمة في التدفئة التقليدية، وتكون بالتالي قد استفادت 100% تقريبًا من الطاقة المفقودة. هذا يعني أن المستهلك يضرب عصفورين بحجر، فهو يستخدم الانترنت بشكل مجانيّ تقريبًا، ويسدّد ثمن ما يستهلكه الجهاز من طاقة في الوقت عينه. المهم أيضًا أن الجهاز يستخدم الطاقة الصغيرة، المستخدمة في تبريد الجهاز نفسه، في تدفئة الغرف.

دورة مياه داخلية للتحكم
يستهلك الجهاز - المدفئة، في حفظ المعطيات في الغيمة، 50-60% طاقة أقل من بقية أنظمة الحفظ، ويوفر هذه الطاقة، من جديد، نظام التدفئة في المنزل. وزوّد المهندسون جهاز "نيردالايز" بدورة مياه مغلقة تعين المستهلك في التحكم بدرجة حرارته بين الشتاء والصيف وتقلبات المناخ، كما يمكن للجهاز استخدام الحرارة المكتسبة صيفًا في تسخين الماء للمنزل لمختلف الاحتياجات.

ما يبدو مثل مدفئة أنيقة في المنزل عبارة عن جهاز حفظ كبير يحتوي على ثمانية أقراص ثابتة لحفظ المعلومات يستطيع كل منها حفظ 256 غيغابايت. وهذا يعني أيضًا أن الجهاز يعمل مثل جهاز التبريد في السيارة، ومن الممكن عكس عمله صيفًا مثل مكيفات الهواء الحديثة.

فضلًا عن ذلك، فالجهاز"هامس"، ولا يصدر صوتًا عند عمله، بحسب معطيات الشركة الهولندية. والجهاز لا يكلف كثيرًا، لكن "نيردالايز" تضمن للمستهلك الاقتصاد بنحو 400 يورو سنويًا في كلفة كهربة وتدفئة البيت.

واقع الحال أن فكرة جهاز"نيردالايز" ليست جديدة، بمعنى الاستفادة من الطاقة المفقودة في تشغيل وتبريد الأجهزة المختلفة، إلا أن الجديد هو إنتاجها بشكل جهاز تدفئة أنيق. وسبق لشركة" كلود آند هيت" الألمانية أن أنتجت جهازًا مماثلًا بشكل دولاب كبير، لكن خشونته الظاهرة وحجمه الكبير لم يسمحا باستخدامه سوى في الأقبية وكراجات السيارات. كما تجري شركة "كارنوت" الفرنسية تجاربها على أجهزة مماثلة.

الدنمارك الأولى
انتشر في السنوات الأخيرة استخدام تقنية الحفظ في الغيمة بين الأفراد، وبشكل أكبر بين الشركات، وهذا يعني أن استخدام كل هذا الكم من الطاقة للتدفئة يمكن أن يزاوج فعلًا بين حفظ الطاقة واستهلاكها في آن واحد.

ويبدو أن&السكندنافيين، وخصوصًا الدنماركيين، أكثر استخدامًا من غيرهم للغيمة، حيث ترتفع نسبتهم إلى 40%، يليهم البريطانيون بنسبة 30%. أما الألمان فيأتون بدرجة متوسطة، حيث ثبت أن 20% منهم فقط يستخدم هذه التقنية. ومن المتوقع أن يؤدي الاستخدام البيئي العقلاني للتقنية في التدفئة إلى زيادة إقبال الناس عليها. (وهذه المعطيات مستمدة من إحصائية مركز "ستاتيتسا" المتخصص في تقنية المعلومات لعام 2014).

تشكل التدفئة باستخدام الغاز والتدفئة باستخدام الزيت الحار نسبة 62% من مجموع أشكال التدفئة في بلدان الاتحاد الأوروبي، ويمكن لتقنية "نيردالايز" أن تقلل كلفة هذه التقنيات بنسبة 40% في حالة تعميمها على بيوت أوروبا.

لا تتعارض تقنية استخدام الطاقة المفقودة من الأجهزة في التدفئة مع مصادر الطاقة البديلة الأخرى، لأنها تقنية بيئية أيضًا. ويمكن لمن يستخدم الطاقة المستمدة من ضوء الشمس، من خلال ألواح الخلايا الشمسية على سطح داره، أن يستفيد من تقنية "نيردالايز" أيضًا في التدفئة.

ربط الصرف الصحي
تتراوح درجة الحرارة في أنابيب مياه الصرف في ألمانيا بين 4 - 13 درجة مئوية، بحسب تقلبات المناخ صيفًا وشتاء، ولذلك لا يفكر الكثيرون في استخدامها في التدفئة بدلًا من التدفئة بالغاز أو الزيت أو الخلايا الشمسية. لكن المزارع الألماني زيغفريد مولر لاحظ أن درجة حرارة شبكة الصرف الصحي تحت بيته مباشرة ترتفع كثيرًا عن المعدل، وذلك بسبب الماء الحار، الذي يستخدمه في الاستحمام وفي تشغيل غسالتي الملابس والصحون... إلخ. وطبيعي فإن هذه هي الحال تحت معظم البيوت في ألمانيا، إلا أن الجميع يفكرون فقط في معدل درجة الحرارة في الأنابيب بعيدًا عن البيوت.

نال مولر موافقة السلطات على ربط داره مباشرة مع شبكة الصرف الصحي المتواجدة تحت بيته بوساطة أنبوب، وصار يستخدم حرارة الماء الذي يستهلكه في تدفئة بيته، الذي تبلغ مساحته أكثر من 300 متر مربع.&

استخدم مولر مضخة خاصة ترفع درجة حرارة بخار الماء أكثر، لكنه بقي يستهلك طاقة أقل في التدفئة، رغم تشغيل المضخة بالكهرباء. وذكر مولر للصحافة الألمانية أنه يدفئ بيته مقابل 5 سنت لكل كيلوواط ساعة، وهذا يقل كثيرًا عن كلفة التدفئة بالغاز أو الزيت.

وتبدو شركة "أوريغ لتقنية المجاري"، في بافاريا، مهتمة بنيل براءة الاختراع من المزارع مولر بهدف تعميمها على البيوت في ألمانيا. وذكر مارك بيلانيسكي، مدير أعمال الشركة، أنه من الممكن تدفئة ثلث البيوت في ألمانيا بهذه الطريقة.