أعلن في بغداد اليوم عن عودة النائب السني السابق المحكوم بالإعدام محمد الدايني إلى العاصمة، وتسليم نفسه إلى السلطات، تمهيدًا لاعادة محاكمته في التهم المنسوبة اليه خلال فترة حكم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.

لندن: قال رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية حاكم الزاملي إن النائب السابق والمحكوم غيابياً بالإعدام محمد الدايني قد عاد إلى بغداد اليوم. وأشار خلال مؤتمر صحافي في بغداد الاثنين أن الدايني سلم نفسه فور وصوله إلى المحكمة المختصة عبر وساطة نائب في البرلمان لم يذكر اسمه.&

ثالث مسؤول كبير محكوم يعود إلى بغداد

والدايني هو ثالث مسؤول عراقي كبير محكوم غيابيًا في عهد حكومة نوري المالكي، الذي يعود إلى بغداد، حيث كان القضاء العراقي قد برّأ في شباط (فبراير) الماضي محافظ البنك المركزي ووزير الاتصالات السابقين، اثر عودتهما إلى بغداد، من تهم فساد كان وجهها لهما المالكي وأقصاهما من منصبيهما، حيث لم يثبت للمحكمة هذه الاتهامات وتم اطلاق سراحهما على الفور بعد ان كان صدر على كل منهما حكم بالسجن لمدة سبع سنوات.&

وقال الناطق باسم السلطة القضائية الاتحادية عبدالستار البيرقدار إن القضاء اصدر حكماً الاثنين بالافراج عن محافظ البنك المركزي السابق سنان الشبيبي ووزير الاتصالات السابق محمد علاوي.&

وأشار في تصريح صحافي إلى أنّ محكمة الجنايات المتخصصة في قضايا النزاهة بالرصافة في بغداد "اصدرت قرارًا بالافراج عن سنان الشبيبي وفسخ الحكم الغيابي الذي كان صادرًا بحقه، وذلك لعدم كفاية الأدلة.. وتم ايضًا اصدار قرار بالافراج عن وزير الاتصالات السابق محمد توفيق علاوي في قضية وزارة الاتصالات وفسخ الحكم الغيابي الصادر في حقه"، وذلك لعدم كفاية الادلة ضدهما.

وكان القضاء العراقي أصدر في الرابع من أيلول (سبتمبر) عام 2013 حكماً غيابيا بالسجن لمدة سبع سنوات ضد الشبيبي بناءً على التهم الموجهة إليه أثناء إدارته البنك المركزي.. فيما صدر في 22 كانون الاول (ديسمبر) عام 2013 حكم غيابي على علاوي بالسجن سبع سنوات ايضًا بتهم تتعلق بالفساد.

الدايني اتهم بتفجير كافتيريا البرلمان

وكانت محكمة عراقية حكمت في عام 2010 بالإعدام على النائب محمد الدايني بتهمة تفجير كافتيريا مجلس النواب عام 2007 والذي اسفر عن مقتل نائب وجرح آخرين. واصدرت المحكمة المركزية في الكرخ حكمًا غيابيًا بالإعدام شنقًا على النائب الدايني بتهمة المشاركة في التخطيط لعملية تفجير كافتيريا مجلس النواب والمشاركة في عمليات مسلحة أخرى صنفت كأعمال إرهابية، رغم أن الهيئة التحقيقية التي شكلها البرلمان برئاسة النائب السابق جعفر الموسوي قد برّأت النائب الدايني من تهمة التفجير.

وكانت السلطات العراقية قد اتهمت الدايني وعناصر حمايته بتفجير كافتيريا مجلس النواب في شهر نيسان (أبريل) عام 2007 حين قتل نائب وأصيب آخرون، لكن الدايني نفى ذلك بشدة ولكي لايدخل في مماحكات مع السلطة فقد غادر إلى عمان لكن السلطات العراقية أعادت الطائرة العراقية المغادرة إلى هناك، وعلى متنها الدايني المطلوب اليها، لكنه اختفى بعد خروجه من مطار بغداد الدولي وتضاربت الانباء حول مكان وجوده بين العراق والاردن وماليزيا.&

ومعروف أن الدايني هو مهندس زراعي من محافظة ديإلى شمال شرق بغداد وشاب نشط ضد القوى الشيعية الطائفية، وله تصريحات رنانة ضدهم، كما انه سافر إلى الولايات المتحدة قبل حادث الكافتيريا والتقى بمسؤولين واعضاء في الكونغرس متحدثاً عمّا اسماها جرائم القوى الأمنية التي تسيطر عليها عناصر من منظمة بدر التابعة للمجلس الاعلى بزعامة الحكيم.. كما ساعد في انتاج القناة الرابعة التلفزيونية البريطانية لبرنامج وثائقي مطول عن عمليات التعذيب والقتل في المعتقلات، التي يتعرض لها المعتقلون السنة، وقد اغضب ذلك الحكومة العراقية واحزابها الشيعية جدًا وشنوا حملة شعواء ضده.

وقد استغلت الاحزاب الشيعية بدعم الاكراد غالبيتها في البرلمان وطرحت مقترحًا لرفع الحصانة البرلمانية عنه، حيث نجح المقترح وحصل على اغلبية ورفعت الحصانة عنه فعلاً. ثم بعد اسابيع تم الاعلان في بغداد ان السلطات الماليزية قد اعتقلت محمد الدايني في كوالالمبور بتهمة حمله جواز سفر ديبلوماسيًا مزورًا.&

والحقيقة أن الدايني حين وصل إلى العاصمة الماليزية بدعوة من جمعية لإلقاء محاضرات عن الاوضاع العراقية فإنه ارتكب خطأ، حيث انه لم يدخل المطار من القسم المخصص لحملة الجوازات الدبلوماسية لأنه يحمل جوازاً نافذًا باعتباره نائباً، ودخل مع المسافرين العاديين، فشك موظف في المطار بأنه يحمل جوازًا دبلوماسيًا مزورًا واحتجز لفترة اتصلت خلالها سلطات المطار بالسفارة العراقية للسؤال فيما اذا كان هو نائب حقاً، فردت السفارة أن هناك امراً من الانتربول بالقبض عليه بناء على طلب السلطات العراقية فتم اعتقاله لليلة وحين اصر الدايني على تكذيب وجود امر باعتقاله من الانتربول طلبت السلطات من السفارة ارسال خطاب الانتربول اليها حول اعتقاله، فتبين انها لا تملك مثل هذا الخطاب فاطلق سراحه في اليوم التالي.

&وكان الاتحاد البرلماني الدولي قد دعا في وقت سابق القضاء العراقي إلى حسم موضوع النائب الدايني واعادة محاكمته مؤكدًا على "أن من مصلحة القضاء وعلى وجه السرعة إبطال كامل الإجراءات ضد السيد الدايني وإلغاء الحكم الجائر فوراً وإعادة الاعتبار الكامل".&

التخلص من إرث المالكي

وجاء هذا التطور بعد اشهر قليلة من اعادة رئيس الوزراء حيدر العبادي الاعتبار إلى مظهر محمد صالح، الذي كان نائب رئيس البنك المركزي العراقي وجرى اعتقاله ايضًا لرفضه تدخلات المالكي في شؤون البنك ومحاولته وضعه تحت وصايته بالرغم من أن الدستور العراقي ينص على أن البنك هيئة مستقلة لا تخضع الا إلى رقابة مجلس النواب.. وقد اعتقله المالكي وزج به في السجن من دون محاكمة، لكن العبادي قرر اخيرًا اعادة الاعتبار له وتعيينه مستشارًا خاصًا له للشؤون الاقتصادية.

ولمعالجة قضايا بقية المتهمين من الشخصيات العراقية، ومعظمها موجود خارج البلاد حاليًا، فقد شكل مجلس القضاء الاعلى مؤخراً لجنة تضم سبعة قضاة وبدأ بإعادة النظر بالقضايا المرفوعة ضدهم.&

وقد قوبلت هذه الخطوات بإرتياح عام، حيث اعتبر العراقيون عودة السياسيين المحكومين في عهد المالكي إلى العراق جزءاً من المناخ السياسي الجديد الذي يأمل كثيرون بنجاحه في تصحيح اخطاء الفترة الماضية. ويوجد هناك الآن الكثير من الشخصيات السياسية والاخرى في مختلف الاختصاصات، وهي ملاحقة بمذكرات اعتقال صدرت على اساس انتقادهم لسياسات المالكي أو رفض الانصياع لأوامره التي اعتبرتها هذه الشخصيات مخالفة للدستور.