رأت غالبية قراء "إيلاف" المشاركين في استفتائها الاسبوعي أن نظامًا فيدراليًا في العراق سيكون حلا لأزماته الحالية رغم أن آخرين رأوا أنه يمكن أن يقود إلى ضعف المركز أو تقسيم البلاد.

لندن: شارك في الاجابة على استفتاء "إيلاف" الاسبوعي الذي وجه سؤالا إلى القراء يقول "هل تعتقد أن نظامًا فدراليا يحفظ لكل المكونات دورها يحل أزمة العراق؟" 2023 قارئا حيث جاءت مواقفهم متباينة بين القبول والرفض حيث من المؤكد أن لكل جانب معطياته التي دفعته إلى التعبير عن رأيه وتوضيح موقفه.

ثلث المشاركين مع منح المكونات العراقية فيدراليات

ومن بين مجموع المشاركين في الاستفتاء فقد أيد 1332 قارئا بلغت نسبتهم 66 بالمائة من المجموع الكلي للمستفتين منح المكونات العراقية فيدرالياتها في نظام يساعد على حل أزمات البلاد.

ومن المؤكد ان موقف الغالبية هذه انطلق من الشعور بأن هناك تمايزا بين فصائل الشعب العراقي من خلال هيمنة مكون على آخر.. اضافة إلى أنّ المحاصصة الطائفية المعمول بها في البلاد منذ عملية التغيير التي شهدها ربيع عام 2003 قد خلقت وضعا لايمكن الفكاك منه في الوقت الحاضر ما يتطلب التماشي معه إلى حين مستجدات ظروف جديدة.

فالتناحر الطائفي في العراق خلق مخاوف من سيطرة طوائف ومكونات على اخرى اسفرت خلال السنوات القليلة الماضية عن حروب مذهبية ومناطقية شعرت معها بعض المكونات ان حقوقها مهضومة وعليها البحث عن نظام بديل يحقق لها هذه الحقوق وهو شعور ساعدت على تعميقه ممارسات الحكومات العراقية المتعاقبة منذ عام 2003.

ولذلك ترتفع بين الحين والاخر دعوات لإنشاء اقليم شيعي في محافظة البصرة او في محافظات الفرات الاوسط واخرى لاقليم سني في مناطق البلاد الغربية والشمالية وكذلك مطالب تركمانية بتحويل محافظة كركوك لاقليم ومسيحية بجعل سهل نينوى اقليما للمسيحيين.

وفي هذا الاطار فقد اكد اسامة النجيفي نائب الرئيس العراقي الحالي وزعيم ائتلاف القوى العراقية السنية حاليا وذلك مطلع العام الماضي دعمه لإعلان محافظة نينوى الشمالية (قبل سيطرة داعش عليها) إقليما جديدا وتأييده لاجراءات حكومة المحافظة لتنفيذ هذا الاعلان.

وقال النجيفي إن تشكيل الأقاليم ضرورة لحفظ الكرامة والحقوق والمستقبل والموارد وينسجم مع الدستور وهو تحت سقفه مشددا على دعمه لما اسماه بالقرار الشجاع الذي اتخذته حكومة محافظة نينوى بتشكيل اقليم نينوى معتبرا انه خطوة في انتزاع حقوق المحافظات التي طالما يتم التجاوز عليها مركزيا. وكان محافظ نينوى أثيل النجيفي قد اعلن في مطلع العام الماضي العمل على تحويل محافظة نينوى إلى اقليم وقضاء تلعفر ومناطق اخرى ستكون محافظات تابعة للاقليم.&

وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قد اكد مؤخرا انه لا يمكن لاحد الوقوف بوجه اقامة الفيدراليات لانها حق منصوص عليه في الدستور العراقي لكنه حذر من اقامتها على اسس طائفية او عرقية ومشترطا ان تكون الظروف لاعلان الاقليم المراد تشكيله.

معارضون للرأي: الفيدراليات تنهي أزمة العراق

وفي مقابل التأييد الواسع للمشاركين في الاستفتاء لاقامة الفيدراليات فقد رأت مجموعة أقل من الذين شاركوا في الاستفتاء ان هذا الامر لن يحل ازمة البلاد وكان مجموع افرادها 691 قارئا شكلت نسبتهم 34 بالمائة من المجموع الكلي للمشاركين والبالغ 2033 قارئا.

ويبدو ان هذا الموقف جاء متأثرا من التحذيرات التي اطلقها سياسيون ورجال دين من امكانية ان تقود الفيدراليات إلى تقسيم العراق في النهاية وهو امر ترفضه قطاعات من الشعب العراقي اضافة إلى دول الجوار الحريصة على بقاء العراق موحدا.

وفي هذا الاطار اكد المرجع السني العراقي والاب الروحي للاحتجاجات في المحافظات السنية المفتي الشيخ عبد الملك السعدي في وقت سابق رفضه لاقامة اقليم سني في العراق معتبرا ان دعاته يبحثون عن مناصب فقدوها في العاصمة وقال انه طمس لهوية العراق واوضح ان السياسيين السنة هم الراكضون وراء ذلك لمصالحهم وليس لمصلحة أهل الإقليم.

وشدد السعدي على نصه انه لايشجع الإقليم السني "لأني أعده طمسا لهوية العراق وليس تقسيما له وخطوةً أولى في التنازل عن جزء كبير لأراضيه لإيران بشكل رسمي مستقبلا وهذا غير مقبول شرعا وقد وضَّحتُ ما يترتب على ذلك -بفتاوى متعددة- من مضار وآثار سيئة".&&&

واكد الشيخ السعدي قائلا "لست أنا الوحيد في رفض الإقليم بل هناك الكثير يدركون مدى ضرره على العراق وعلى الإقليم نفسه ويرفضونه ويعلمون أنه لا يمكن التخلص به من سلطة المركز ما دام هذا الدستور قائما ولكنَّ السياسيين من أبناء السنة هم الراكضون وراء ذلك لمصالح هم يعرفونها وليس لمصلحة أهل الإقليم لذلك تَبَنَّوا هذه الحملة ضدي ويُثَقِّفون الناس بأني أنا الحائل دون قيامه تسقيطا لي بين الناس إذ أغاظتهم مكانتي بينهم وأنا لا أبالي إن سقطت مكانتي بين الناس المهم أن لا أسقط عند الله حسب اجتهادي".

والمتتبع للشأن العراقي يرى أن تطبيق الفيدرالية قد يؤدي إلى الكثير من المحن والمشكلات منها التسابق المتواصل للكتل السياسية الحاكمة لتوسيع الرقعة الجغرافية للأقاليم لتضم الأقضية والنواحي التابعة لمحافظات أخرى وهذا ما يتردد اليوم باسم المناطق المتنازع عليها.. فضلا عن اتخاذ التدابير والإجراءات التي توحي بأن الإقليم كيان مستقل بحد ذاته كالتعامل المباشر مع الدول الأجنبية والشركات العالمية وتوقيع الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية والثقافية دون الرجوع إلى حكومة المركز.

فالتخوف من تطبيق قانون الفيدرالية قد يؤدي إلى تقسيم العراق فعليا وخاصة ان التقسيم العرقي والطائفي في العراق موات اليوم إلى حد بعيد مع التقسيمات الجغرافية الموجودة على ارض الواقع.. فالأكراد في الشمال والسنة في الوسط والغرب والشيعة في الجنوب.. لكن هناك ايضا مناطق تتداخل فيها الأعراق والطوائف مثل كركوك والموصل وديإلى. كما ان هناك مناطق في الوسط والجنوب يتداخل فيها العرب من السنة والشيعة وبقية الأقليات كما في البصرة وبابل والكوت والانبار وديإلى وصلاح الدين فضلا عن بغداد ما قد يؤدي إلى نشوب حروب وصراعات داخلية للاستحواذ على اكبر قدر ممكن من المناطق والاستيلاء على الثروات الطبيعية.

ويضاف إلى كل ذلك افتقار عراق اليوم إلى أهم عنصر موحد له ألا وهو تكريس مبدأ المواطنة الصالحة وما يترتب عليها من حقوق وواجبات متساوية على جميع العراقيين وبغض النظر عن انتماءاتهم العرقية والقبلية والدينية والطائفية ما يجعل الفيدرالية في العراق أمرا مشكوكا فيه.

وفي هذا الاطار فقد اعلن في بغداد اليوم ان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات قد ردت الطلب المقدم من مواطني محافظة البصرة الجنوبية بتشكيل الاقليم وذلك لأسباب ادارية وإجرائية حيث كان الاف من اهاليها قدموا في 16 من الشهر الحالي طلبا موقعا من 44& الف مواطن إلى مكتب المفوضية للبدء بالإجراءات القانونية اللازمة لتشكيل اقليم البصرة.

&الاقاليم في الدستور العراقي

يذكر ان الدستور العراقي الجديد المصادق عليه شعبيا اواخر عام 2005 ينص على أن النظام الاتحادي في البلاد يتكون من عاصمة واقاليم ومحافظات لا مركزيةٍ وادارات محلية ويشير إلى أنّه يحق لكل محافظةٍ او اكثر تكوين اقليمٍ بناء على طلبٍ بالاستفتاء عليه يقدم بإحدى طريقتين: اولاً بطلب من ثلث الاعضاء في كل مجلسٍ من مجالس المحافظات التي تروم تكوين الاقليم .. وثانياً بطلب من عُشر الناخبين في كل محافظةٍ من المحافظات التي تروم تكوين الاقليم.

ويقوم الاقليم بوضع دستورٍ له يحدد هيكل سلطات الاقليم وصلاحياته وآليات ممارسة تلك الصلاحيات على ان لا يتعارض مع هذا الدستور. ولسلطات الاقاليم الحق في ممارسة السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية وفقاً لاحكام هذا الدستور باستثناء ما ورد فيه من اختصاصاتٍ حصرية للسلطات الاتحادية. كما يحق لسلطة الاقليم تعديل تطبيق القانون الاتحادي في الاقليم في حالة وجود تناقض او تعارض بين القانون الاتحادي وقانون الاقليم بخصوص مسألةٍ لا تدخل في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية.

وينص الدستور على انه تخصص للاقاليم والمحافظات حصةٌ عادلة من الايرادات المحصلة اتحادياً تكفي للقيام بأعبائها ومسؤولياتها، مع الاخذ&في الاعتبار مواردها وحاجاتها، ونسبة السكان فيها. وتؤسس مكاتب للاقاليم والمحافظات في السفارات والبعثات الدبلوماسية لمتابعة الشؤون الثقافية والاجتماعية والانمائية. وينص الدستور ايضا على ان تختص حكومة الاقليم بكل ما تتطلبه ادارة الاقليم وبوجهٍ خاص انشاء وتنظيم قوى الامن الداخلي للاقليم كالشرطة والامن وحرس الاقليم.