حققت المفاوضات بين القوى الكبرى وايران الاربعاء تقدمًا، لكن بدون اختراق، حيث تتواصل في لوزان في سويسرا بدون تحديد مهلة نهائية جديدة للتوصل إلى تسوية، لكن صبر المفاوضين بدا ينفد على ما يبدو. وأكد البيت الأبيض من جهته أن المحادثات "مثمرة" وتحقق تقدمًا.


لوزان: قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس لدى وصوله مساء الاربعاء الى لوزان ان المفاوضات حول برنامج ايران النووي "هي على بعد بضع خطوات من خط الوصول، لكنها الخطوات الاصعب".

واكد "نحن على بعد بضع خطوات من خط الوصول (الى اتفاق) بضع عشرات من الامتار، لكننا نعرف انها تكون دائما (الخطوات) الاصعب" مضيفا "لم ننته بعد".

واضاف ان "الرهان مهم جدا لان الامر يتعلق بكفاح ضد الانتشار النووي وبطريقة ما اعادة ادماج ايران الى الاسرة الدولية".

وكرر القول بان فرنسا ترغب بالتوصل الى اتفاق "متين وقابل للتحقق منه".

وقال ايضا "لا تزال هناك بعض النقاط التي يجب تحقيق تقدم بشأنها وخصوصا من الجانب الايراني" في الوقت الذي دخلت فيه جولة المفاوضات يومها الثامن.

وردا على سؤال لمعرفة ما اذا يأمل التوصل الى تتويج للمفاوضات، اجاب فابيوس "باقرب وقت" ممكن.

وقال دبلوماسيون في لوزان انه بعد اسبوع من المحادثات "الصعبة جدا والمعقدة جدا" والتي تتواصل رغم تفويت المهلة المحددة لها، والتي انتهت في 31 اذار/مارس، بدأ يظهر شعور بالسأم لدى بعض المفاوضين. لكن ذلك لم يمنع وزير الخارجية الاميركي جون كيري من اعلان انه باق في لوزان "حتى صباح الخميس على الاقل".

أجهزة الطرد
وقالت نائبة المتحدث باسم الخارجية الاميركية ماري هارف "نواصل احراز تقدم، ولكننا لم نتوصل الى تفاهم سياسي، ولذلك فان الوزير كيري سيبقى في لوزان حتى صباح الخميس على اقل تقدير لمواصلة المفاوضات". ولا تزال المفاوضات تتعثر حول النقاط نفسها، رغم احراز بعض التقدم، بحسب ما قال دبلوماسيون غربيون وايرانيون. وهاتان النقطتان هما: العقوبات والأبحاث والتطوير التي تتيح لايران تطوير اجهزة طرد مركزي عالية الاداء.

وتتيح اجهزة الطرد المركزي تخصيب اليورانيوم وهذه المسالة في صلب المشكلة، لانه اذا خصب بنسبة 90% يمكن ان يستخدم في صنع اسلحة ذرية. وتشتبه المجموعة الدولية في ان ايران تريد امتلاك السلاح الذري، وهو ما تنفيه الجمهورية الاسلامية بشدة.

وتريد القوى الكبرى بالتالي كبح البرنامج النووي الايراني ومراقبته بشكل وثيق للتاكد من ان ايران لن تمتلك ابدا القنبلة الذرية مقابل رفع العقوبات الدولية التي تخنق الاقتصاد الايراني. ومسالة رفع عقوبات الامم المتحدة لا تزال تشكل نقطة خلاف كبيرة. فايران تريد ان يتم الغاؤها فور توقيع الاتفاق، الا ان القوى الكبرى تفضل رفعا تدريجيا للعقوبات الاقتصادية والدبلوماسية التي يفرضها مجلس الامن الدولي منذ 2006.

ازالة تدريجية
وتخضع ايران لعقوبات مشددة اميركية واوروبية وتلك التي فرضتها الامم المتحدة. وقال دبلوماسي من مجموعة 5+1 (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين والمانيا) "يريدون ان يعرفوا تحديدا كيف ستعلق او تلغى وباي ترتيب".

ويجري ايضا بحث رفع العقوبات-تدريجيا او فورا- والطريقة التي سيعاد فيها فرضها في حال انتهكت ايران تعهداتها، ضمن مجموعة 5+1 حيث يعارض الروس والصينيون عادة العقوبات، وابدوا استعدادا لتخفيفها بشكل اسرع من الاخرين (الولايات المتحدة وفرنسا). واكد المصدر نفسه ان "هذا الامر لا يؤثر على دينامية المفاوضات وتضامن مجموعة القوى الكبرى".

لكن بعض التباين ظهر ضمن اعضاء مجموعة 5+1 ليل الثلاثاء الاربعاء بعد تعليق الجلسة العامة بين القوى الكبرى وايران. فقد عبّرت بعض الوفود عن تفاؤل شديد بامكانية التوصل الى اتفاق فيما نفى اخرون ذلك واشاروا الى نقاط تعثر مستمرة. ودعا وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف الدول الكبرى الاربعاء الى "اقتناص الفرصة" لابرام اتفاق يمكن ان يكون تاريخيا للحد من انشطة البرنامج النووي الايراني.

وقال ظريف عقب اجتماع على انفراد مع نظيره الاميركي جون كيري "ايران اظهرت استعدادها للحوار بكرامة، وحان الوقت لشركائنا في التفاوض لاقتناص هذه الفرصة التي قد لا تتكرر". واضاف ظريف "نحن نتفاوض مع ست دول لها مصالح مختلفة ومواقف مختلفة وعلاقات مختلفة مع الجمهورية الاسلامية. وفي بعض الاحيان تكون لهذه الدول وجهات نظر مختلفة".

تفاؤل ألماني
والاربعاء كان وزراء خارجية الولايات المتحدة جون كيري وبريطانيا فيليب هاموند والمانيا فرانك فالتر شتاينماير ونظيرهم الايراني محمد جواد ظريف لا يزالون في لوزان.
وسينضم اليهم مساء الاربعاء وزير وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، الذي غادر فجرا للمشاركة في اجتماع مجلس الوزراء في باريس، واشار مقربون منه انه سيعود عندما يكون ذلك ضروريا.

وفي برلين عبرت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل عن تفاؤل ايضا، قائلة "اعتقد انه تم قطع قسم كبير من الطريق". واضافت "لقد انجز عمل كثير منذ سنوات عديدة من قبل كل الاطراف الحاضرة، وآمل في ان نصل اليوم الى تسوية تتوافق مع الشروط التي حددناها اي عدم تمكن ايران من امتلاك السلاح النووي". وهذا الغموض حول نتيجة المفاوضات دفع برئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو، المعارض بشدة لاي تسوية مع ايران، الى التعبير عن رايه هذا لليوم الرابع على التوالي.

وقال نتانياهو "التنازلات المقدمة الى ايران في لوزان تضمن اتفاقا سيئا سيعرّض اسرائيل والشرق الاوسط والسلام في العالم الى الخطر". واضاف "الان حان الوقت لان يصر المجتمع الدولي على اتفاق افضل". وفي وقت سابق صرح& كبير المفاوضين الايرانيين عباس عراقجي ان "مشكلات" لا تزال تعترض المحادثات حول ملف طهران النووي مؤكدا ان لا اتفاق بدون "اطار لرفع جميع العقوبات" المفروضة على طهران.

قال عراقجي في مقابلة مباشرة اجراها معه التلفزيون الروسي من لوزان "لا يمكن التوصل الى اتفاق شامل طالما اننا لم نجد حلا لجميع المشكلات"، مشيرا تحديدا الى العقوبات ومسالة البحث وتطوير اجهزة طرد مركزي كالعقبتين الاساسيتين في وجه المفاوضات.

الصين: لتقريب المواقف
من جهتها دعت الصين الاربعاء الدول الكبرى الست وايران الى "تقريب مواقفها للتوصل الى اتفاق" حول الملف النووي الايراني و"اعطاء دفع سياسي اقوى" للمفاوضات، وفق بيان وزعه الوفد الصيني في لوزان الاربعاء.

من جهته افاد دبلوماسي الماني ان محادثات لوزان تعثرت خلال الليل عند عدة مسائل هامة. وقال ان "المحادثات تعثرت الليل الماضي عند عدة مسائل هامة وعمل الخبراء الفنيون طوال الليل ويقوم الوزراء الان باستعراض الوضع" معتبرا انه من الممكن التوصل الى اتفاق "بوجود حسن النية". واكتفى الاميركيون بالقول انه "لم تتم تسوية جميع المسائل الجوهرية بعد" غير ان البيت الابيض اعرب الثلاثاء عن نفاد صبره مذكرا بان الخيار العسكري لا يزال "مطروحا". والهدف من الاتفاق الجاري التفاوض بشأنه هو التثبت من عدم سعي ايران لحيازة القنبلة الذرية، لقاء رفع العقوبات الدولية التي تخنق اقتصادها.

وانتهت المهلة المحددة للتوصل الى تسوية في المفاوضات حول الملف النووي الايراني في منتصف ليل الثلاثاء غير ان وفودا عدة، ولا سيما الوفد الاميركي كانت اكدت مساء الثلاثاء تحقيق ما يكفي من التقدم لمواصلة المفاوضات الاربعاء سعيا لتسوية المشكلات الاخيرة. وكان المفاوضون حددوا مهلة 31 اذار/مارس للتوصل الى تسوية تاريخية في هذا الملف الذي يقع في صلب ازمة دولية مستمرة منذ 12 عاما.

وتشكل هذه التسوية التي لم يعرف بعد شكلها (اعلان سياسي او وثيقة تنشر اجزاء منها او شكل اخر) مرحلة اساسية على طريق اتفاق نهائي يتضمن كل التفاصيل والملاحق التقنية وحددت مهلة للتوصل اليه اقصاها الثلاثين من حزيران/يونيو. غير ان المفاوضات تتعثر منذ اشهر عند نقاط اساسية وفي طليعتها مدة الاتفاق، اذ تطالب الدول الكبرى بتحديد اطار صارم لمراقبة النشاطات النووية الايرانية، وخصوصا في مجال البحث والتطوير لمدة لا تقل عن 15 عاما، غير ان ايران ترفض الالتزام باكثر من عشر سنوات.

&