أجمع وزراء الخارجية من دول عربية وعالمية على أن الأمير سعود الفيصل مدرسة ديبلوماسية قائمة بذاتها، واستذكروا في شهاداتهم مواقفه التي تركت اثرًا كبيرًا في السياسة العربية.&
&
الرياض: سلّم الأمير سعود الفيصل آخر أوراقه، وترك وزارة الخارجية التي دخلها قبل أربعين عامًا، لكنه ترك بصمة في الدبلوماسية السعودية لا يمكن نسيانها.&
يمدح وزراء الخارجية في العالم، الأمير سعود الفيصل، ويصفه وزراء خارجية دول الخليج بفقيه السياسة والدبلوماسية. وهذه بعض الشهادات فيه.
&
لن ننسى مواقفه
الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، وزير خارجية البحرين: "الأمير سعود الفيصل أدى دورًا دبلوماسيًا عظيمًا وحكيمًا وناجحًا خلال الفترة التي مرت بها مملكة البحرين في عام 2011، وكان يعتبر في هذه الفترة بمثابة وزير خارجية مملكة البحرين بالإضافة إلى عمله. دبلوماسيته تعد مدرسة نتعلم منها جميعًا، ورسخت مكانة المملكة العربية السعودية، والتي يمكن وصفها بالثابت وما حولها هو المتغير".
أضاف: "يقول الحقيقة عن البحرين بأفضل وأبدع صورة يمكن شرحها، ويبين للقاصي والداني في الحلفاء والأصدقاء وكذلك لمن كان لديهم رأي آخر، وكان مستعدًا على الدوام لإظهار الحقائق وما يجري على الأرض في البحرين بحكم تواصله معنا هاتفيًا حتى في الليل وفي ساعات الفجر للاطلاع على كل الأمور، كما زار المملكة في تلك الفترة عدة مرات، ووضع كل جهده لإيضاح الصورة الحقيقية، في مواقف لن ينساها شعب البحرين لهذا الرجل الكبير".
وتابع: "بعض هذه المواقف تحدث في بعض الاجتماعات العربية والتي تشهد أحيانًا صعوبة في النقاش حول بعض الأمور، التي كانت تهدد بإنهاء الاجتماع، غير أن الفيصل يطرح في لحظة حرجة طرحًا لا يحمل أي ذرة تنازل أو تراجع، ويحظى بنفس الوقت بالقبول من الجانب الآخر، وهو حقيقة مدرسة تعلمنا منها وما زلنا نستذكرها سواء في اجتماعات الجامعة العربية أو بعض اللقاءات مع الدول الكبرى وفي مواقف دقيقة تتعلق بأمن المنطقة".

سعود السياسة الدولية
الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية الإماراتي: "الفيصل طراز نادر من الوزراء، وهو من تلك الشخصيات التي صفّحت كتب التاريخ الإسلامي والعربي، والتي لا يملك المرء إلا أن يتوقف عند دهائها، وشاعريتها، ولطافة قولها وحزْم فِعْلها".
أضاف: "عندما قرأتُ خبر تنحيه عن منصبه كوزير للخارجية، قلتُ لزملائي الذين كنتُ جالسًا معهم إن مَن وصف الأمير سعود الفيصل بأنه كيسنجر السياسة العربية قد ظلمه، فهو سعود السياسة العربية، وسعود السياسة الدولية".
تابع: "سألني أحد الأصدقاء أن أصف الأمير سعود الفيصل في كلمة واحدة، فقلتُ له (الهِمّة). فلم أرَ وزير خارجية قط بهمّته العالية، وكان النشاط والعمل الدؤوب من أهم صفاته وأجملها، ولا أدري كيف ستبدو طاولة اجتماعات وزراء الخارجية العرب بعد اليوم، ورغم أن الأمير سعود قد وضع ركائز العمل الدبلوماسي العربي، فإنني متأكد من أن طاولتنا ستظل ناقصة دائمًا".
&
محل الاعجاب
جون كيري، وزير خارجية الولايات المتحدة: "الدوائر السياسية ستفتقد الأمير سعود الفيصل كثيرًا، فقد ساعد في توجيه المملكة السعودية في عالم أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى، وأقدر صداقته والساعات الكثيرة التي كنا نقضيها في مناقشة التحديات التي تواجه دولنا، وسأواصل الحصول على نصائحه".
أضاف: "لم يكن الأمير الفيصل أقدم وزير خارجية في العالم فقط، بل أكثر وزراء الخارجية حكمة، وقد عمل مع 12 من وزراء الخارجية الأميركيين السابقين، وكان محل إعجاب الجميع".
هيرفيه دو شاريت، وزير الخارجية الفرنسي الأسبق، للشرق الأوسط: "لدي الكثير من الذكريات عن الأمير سعود الفيصل الذي طبع الدبلوماسية السعودية بطابعه خلال سنوات طويلة يحسده عليها كثير من وزراء الخارجية، الذين لا يمضون عادة عُشر ما أمضاه الفيصل وزيرًا للخارجية. والسعودية التي خدمها الفيصل وزيرا للخارجية لعبت دورها كاملا كقطب للاستقرار والأمن في الشرق الأوسط، وأنا من أشد المعجبين به".
أضاف: "في اثناء عملية عناقيد الغضب الاسرائيلية عام 1996 ضد لبنان، التقيت الفيصل عدة مرات في الرياض والقاهرة، فكان شريكًا صلبًا وثابتًا من غير أن يتخلى عن الكياسة واللطف في التعاطي مع الآخرين".
&
صوت العقل
عمرو موسى، الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، للشرق الأوسط: "الأمير سعود الفيصل شخصية دبلوماسية رفيعة المستوى، شهدت له الساحة العربية والدولية بكثير من المواقف التي خدمت المنطقة العربية، وبصماته وفكره أصبحا ملكًا للشباب السعودي داخل وخارج الديوان السياسي للمملكة".
أضاف: "الفيصل من أفضل الرجال المشهود لهم في الحياة الدبلوماسية، ووجوده على الساحة السياسية العربية كان مطمئنًا وبمثابة صوت العقل والرصانة، بالإضافة إلى صفاته الشخصية الأخرى، وسوف نفتقده جميعًا سواء الذين في السلطة أو الحياة العامة".
تابع: "هذا الرجل الفاضل لو كان مثله من العرب ألف، قطعًا سنكون في وضع أفضل، ومدرسته الدبلوماسية مدرسة التعقل البالغ والآراء الرصينة القوية، فقد كان قويًا حين يحتاج الأمر إلى موقف قوي وكان إنسانًا حين يحتاج الأمر لمواقف إنسانية، وكان دبلوماسيًا إذا احتاج الأمر لمواقف دبلوماسية، وكان خبيرًا إذا احتاج الأمر لخبرته، وله الكثير من المواقف الشجاعة بما لا يعد ولا يحصى، وله مواقف قوية جدًا في قضية فلسطين والقدس والوحدة العربية والمصلحة العربية المشتركة".
&
صاحب الحضور المميز
فايز الطراونة، رئيس الديوان الملكي الأردني، للشرق الأوسط: "الأمير الفيصل أحد عمالقة الدبلوماسية في العالم، ليس لأنه صاحب خبرة طويلة كوزير للخارجية بل لفاعليته في العمل السياسي والدبلوماسي لما يتمتع به من جاذبية في شخصيته وحسن مجلسه".
أضاف: "عندما تتطلب بعض القضايا الحزم نجده حازمًا في موقفه، وهذا مهم في وزير الخارجية لإثبات الحضور، حيث كان له حضور مميز نال إعجاب وزراء الخارجية في العالم وكل من قابله على مدى أربعين عامًا، وعندما نلتقي لبحث أية قضية تجده شفافًا واضحًا يلتزم ما يقول، إضافة لصفة خفة الدم التي تلازمه وانعكست على حضوره".
تابع: "هناك مواقف كثيرة للأمير خاصة في القضية الفلسطينية، فهو من أكبر المدافعين عن الحقوق الفلسطينية وهو يؤمن بعملية السلام المستندة للشرعية الدولية على أساس إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، والأمير حضر اجتماعات اللجنة التوجيهية لمفاوضات السلام وتصدى للوفد الإسرائيلي لدى مناقشة إقامة الدولة الفلسطينية، وهذا الموقف عبرت عنه السعودية بعد عقد من الزمان عندما طرحت مبادرة السلام العربية في قمة بيروت".
&
خير الكلام...
ناصر جودة، نائب رئيس الوزراء الأردني وزير الخارجية، للشرق الأوسط: "الأمير سعود الفيصل مخزون استراتيجي للأمة العربية والعالم بحنكته وحكمته وثقافته الواسعة وحضوره المميز ومهاراته الدبلوماسية والسياسية، ونحن بأمس الحاجة للأمير الفيصل الآن وفي المستقبل في موقعه الجديد، لهذه الحكمة التي يتمتع بها في التواصل معنا والاستفادة من خبراته الهائلة خاصة ونحن نواجه التحديات الجسيمة التي تشهدها منطقتنا والعالم".
أضاف: "على مدى أربعين عامًا كان الفيصل يمثل كل الصفات العربية الحميدة وكان أسلوبه حضاريًا جدًا في التعامل مع قادة الدول ووزراء خارجيتها، يعالج كثيرًا من القضايا السياسية المعقدة بأسلوب سلس ودبلوماسية هادئة تنم عن خبرة طويلة وحكمة وعن معرفة ودراية".
تابع: "حضور الفيصل كان مميزًا في المحافل الدولية وكلماته كانت منتقاة ودقيقة، وهو معروف لدى كل الذين عملوا معه كزميل وأخ كبير وعميد لوزراء الخارجية العرب، وهو يتبع المثل العربي القائل (خير الكلام ما قل ودل)، إذ إن كلماته منتقاة بحكمة، وكان لا يتجاهل صلب الموضوع بل يعالجه مباشرة بطريقته المعروفة".
وختم: "بالنسبة لي كوزير خارجية الأردن اجتمعت مع الفيصل مرات كثيرة ما يجعلني أنظر بكل فخر واعتزاز لهذه العلاقة التي تربطني به شخصيًا".
&
رجل السهل الممتنع
طاهر المصري، وزير الخارجية الأردني الأسبق ورئيس الوزراء الأسبق ورئيس مجلس أعيان في الأردن، للشرق الأوسط: "الفيصل رجل السهل الممتنع، حيث كان صارمًا وواضحًا في مواقفه أو قراراته لكنه في الوقت نفسه رجل في منتهى اللطف والعفة والذكاء الدبلوماسي، تزاملت معه 6 سنوات في العمل الدبلوماسي في وقت الحرب العراقية الإيرانية، حيث كنت والفيصل والشيخ صباح السالم وزير الخارجية الكويتي نعمل سويًا ضمن إطار اللجنة السباعية التابعة لجامعة الدول العربية وشكلنا نحن الثلاثة محور التحركات الدبلوماسية في الأمم المتحدة من أجل الوصول لقرارات تصدر عن مجلس الأمن الدولي قبل أن تعلن إيران قبول وقف القتال".
أضاف: "إنه رجل متمكن من عمله، وكان محبًا للأردن وله بصمات واضحة على الدبلوماسية العربية وأثر كبير جدًا كونه كان والده الملك فيصل بن عبد العزيز وزيرًا للخارجية السعودية، فهو عاش في بيت سياسي مثقف بشكل واضح انعكس على عطائه للدبلوماسية العربية والسعودية".

&مدرسة دبلوماسية بحد ذاتها
عبد الإله الخطيب، وزير الخارجية الأردني الأسبق، للشرق الأوسط: "الفيصل مدرسة دبلوماسية بحد ذاتها، وصاحب خبرة طويلة في السياسة يستفيد منها الآخرون، وهو بطبيعته وشخصيته قريب إلى كل من زامله ومن عمل معه يكتشف أنه عميق التفكير ورزين جدا ومحاور جيد".
اضاف: "الفيصل كان يعبر دائمًا عن إعجابه وتقديره لدور الأردن في التعامل مع القضايا العربية المشتركة ويبدي حرصه الدائم على تمتين العلاقات السعودية بين البلدين، وهو واسع الثقافة ملم بالتطورات الدولية، ينتمي إلى المدرسة الدبلوماسية الواقعية، وبعيد النظر والانفتاح وشخص نبيل، عملت معه في أكثر من ملف، سواء القضية الفلسطينية اوالقضية العراقية& وحرب 2006 على لبنان، وكانت للأمير مساهمات واضحة في تطوير الموقف الدولي إزاء هذه القضايا".
&
صوت فلسطين العالي
صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين، للشرق الأوسط: "كان الأمير سعود الفيصل يبعث الاطمئنان لدي ولدى بقية القيادة الفلسطينية عندما يكون حاضرًا في أي اجتماع يخص القضية الفلسطينية، إذ كنا نعتبره بحق صوت فلسطين العالي".
أضاف: "تشرفت بالتعامل مع الأمير سعود الفيصل على مدار عقود طويلة. التقيته في أكثر من مرة في مكتبه في جدة والرياض وفي كل المؤتمرات، في القمم العربية واجتماعات وزراء الخارجية العرب ومبادرة السلام وعدم الانحياز والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وفي كل قضية للعرب وفي كل مرة كانت فيها فلسطين قضية العرب الأولى حاضرة كان سعود الفيصل في المقدمة حاضرًا".
تابع: "إنه قيمة دبلوماسية للعرب والقامة الدبلوماسية لنا جميعًا. عندما كنت أشاهد سعود الفيصل كنت اعرف أن صوت فلسطين سيكون عاليًا. وهذا ليس نهجًا شخصيًا لسعود الفيصل، هذا نهج المملكة العربية السعودية منذ نشأتها، وهذه هي الحقيقة لا أستطيع أن أقول شكرا لسعود الفيصل، لقد كان ينطلق من أن لديه واجبًا تجاه فلسطين والقدس، وكانت فلسطين قضيته الأولى، وكانت القدس الخط الأحمر بالنسبة اليه، كان يطلب مني أن آتي إليه حتى أطلعه على الخرائط والتفاصيل وكان على اتصال دائم ومهتم ومتابع لكل صغيرة وكبيرة وقد جند نفسه للتواصل مع الإدارة الأميركية ومع جميع دول العالم من أجلنا".
&
&