قالت دار الإفتاء المصرية إن فتاوى إهدار الدم سياسية، وليست دينية، واشار إلى أن الشرع يعصم دماء الناس، معتبرا أنها تقوم على تبريرات واهية. وقال علماء في الأزهر لـ"إيلاف" إن الإسلام حرم دماء المسلم وغير المسلم.

صبري عبد الحفيظ من القاهرة:&رداً على صدور فتاوى بإهدار دماء &بعض رموز الدولة في مصر، سواء في القضاء أو الجيش والشرطة، قال تقرير لمرصد الفتاوى التكفيرية والمتشددة التابع لدار الإفتاء المصرية، إن "فتاوى إهدار الدم التي انتشرت مؤخراً على لسان بعض المنتمين للتنظيمات الإرهابية، ترتبط بأيديولوجية تلك التنظيمات ولا علاقة لها بعلم الفتوى وشروطه ومقاصده"، مشيرا إلى أن "إهدار الدم أداة قديمة استخدمتها جماعات العنف من قبل، ولم ولن تؤت أي نتائج لهذه الجماعات الضالة، بل على النقيض تماما، زاد من تصميم البلاد والعباد على القضاء على الإرهاب ودحره بقوة القانون".
&
إهدار الدماء
ومن جانبه، قال الدكتور محمود عاشور، وكيل الأزهر السابق، إن حرمة الدماء من أعظم الحرمات في الإسلام، مشيراً إلى أن هدم الكعبة أهون عند الله من سفك دم إمرئ مسلم. وقال لـ"إيلاف" إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يهدر الدماء، ورفض اهدار دم كبير المنافقين، مشيراً إلى أن ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه روى أن الرسول قال: "لا يحل دم إمرئ مسلم، إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس والنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة".
ولفت إلى أن إهدار الدماء في الحالات الشرعية لا يكون إلا من خلال القاضي، وبعد تحقيقات مستفيضة، ويكون الأمر في النهاية في يد الحاكم، وشدد على أنه ليس من حق أي إنسان أو جماعة إهدار دم إنسان آخر، بسبب أفكاره أو اختلافه معها في الرأي. ولفت إلى أن الخارج عن الإسلام تهدر دماؤه إذا تسبب في إثارة فتنة، أدت إلى سفك الدماء والتخريب.
&
تسييس الفتاوى
بينما قال الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، لـ"إيلاف" إن الإسلام حرم سفك الدماء عموماً للمسلم ولغير المسلم، مشيراً إلى أن الله قال في القرآن: (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون). ولفت إلى أن فتاوى إهدار الدماء ظهرت حديثاً مع انتشار جماعات الإسلام السياسي، التي تستخدم الدين من أجل تحقيق أهداف سياسية، أو الوصول للسلطة. ولفت إلى أن الرسول قال في خطبة الوداع: "إنما دماؤكم وأعراضكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا".&
وحذرت دار الإفتاء في تقريرها "من خطورة تسييس الفتوى وتوظيفها لخدمة أغراض الجماعات والتيارات المتطرفة وتنفيذ أجندتها الخاصة".
ودعت إلى "مواجهة الفتاوى التكفيرية التي طغت على السطح، والتي خرجت من سياق الفتوى ودخلت حيز الدعوة إلى القتل"، معتبرة أنها فتاوى ترتبط بالتوجه السياسي أو الإلتزام بالتنظيم والفكر الحزبي، أكثر من ارتباطها بأصول علم الفتوى وشروطه ومقاصده. وأضافت أن فتاوى التنظيمات الإسلامية "تدعو إلى التكفير والتخريب والتدمير والتخوين، بعكس ما جاءت به الشريعة الإسلامية السمحاء التي تنادي بالحفاظ على المقاصد الخمسة، من دين ونفس وعقل ونسل ومال".

تحريم إهدار الدماء
وأوردت دار الإفتاء الأدلة من الكتاب والسنة التي تحرم إهدار الدماء، وقالت: إن الإسلام حرم سفك الدماء وجعله أشد حرمة من بيت الله الحرام قال تعالى "من قتل نفسًا بغير نفس، أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعًا". وقول النبي صلى الله عليه وسلم "لحرمة دم المسلم أشد عند الله من حرمة الكعبة"، وتابعت: "والإسلام يوجب على المسلم الحفاظ على وحدة الصف المصري لبناء المجتمع والدولة الحديثة. عملا بقوله تعالى "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا"، محذرًا من الفرقة والتنازع بين أبناء الوطن الواحد، مما يؤدي بنا إلى الخسارة والفشل مصداقاً لقوله تعالى "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم".
ووصفت دار الإفتاء المصري فتاوى إهدار الدم بـ"الأقاويل الضالة"، معتبرة أن الفتوى باهدار دماء القضاة، "تهدف للنيل من القضاء المصري وإرهاب القضاة للتأثير عليهم في نظر القضايا المطروحة أمام العدالة، وهي فتاوى قديمة متجددة استخدمتها الكثير من الجماعات التكفيرية في مراحل سابقة ولم تؤت ثمارها، ولم تنجح في التأثير على رجال القضاء".
وأوضحت أن الفتوى لها مكانة خاصة في المجتمع المسلم، ولها أثرها البالغ في تسيير حال المجتمعات، فالدين في المجتمع الإسلامي حياة الشعوب، والمسلم حريص على الاستفتاء في أدق تفاصيل دينه وحياته يتحرى بذلك الحلال والحرام، ويتوخى الحذر ويسعى إلى الطمأنينة في أمور دينه فيركن إلى علماء الأمة الثقات في جهات الفتوى المعتمدة ليستلهم منهم الصواب ويتجنب المعاصي والآثام.
ودعت إلى أن تظل الفتوى بعيدة كل البعد عن التسييس والتكفير والتفجير، ويجب مواجهة كافة الفتاوى التكفيرية والمتطرفة التي توظف الفتوى في خدمة المصالح الخاصة.
&