يبدو أن المسيرة نحو اتفاق نهائي حول نووي إيران متعثرة، بفعل خط أحمر رسمه مرشد إيران بتصميمه منع "الأجانب" من تفتيش منشآته النووية.
&
دبي: الزمن يمر، وأسابيع قليلة تفصل إيران والمجتمع الدولي عن توقيع اتفاق التسوية النهائية للملف النووي الإيراني في 30 حزيران (يونيو). إلا أن المفاوضات تمر هي نفسها بحال من التوتر تدور حول نقطة رئيسية في الاتفاق الذي يعمل عليه الجانبان بجدية: تفتيش المنشآت النووية للتحقق من التزام طهران وعودها عدم التخصيب، بحسب ما قالت لوموند الفرنسية.

توتر ظاهر
خضعت هذه النقطة لنقاش مطول في فيينا يومي 20 و22 أيار (مايو) الجاري بين خبراء إيرانيين وآخرين تابعين لمجموعة الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن الدولي، أي الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا والمملكة المتّحدة، زائد ألمانيا.
تقول لوموند إن آليات الرصد والمراقبة جزء من حزمة واسعة من تدابير اعتمدت في الحالات القصوى بين إيران ومجموعة 5+1، بحسب الاتفاق الاطاري الموقع في يوم 2 نيسان (أبريل) بلوزان السويسرية، ومن المتوقع الانتهاء من صياغة تفاصيله الدقيقة في الأسابيع القليلة القادمة. فمن دون التوافق على هذا الجانب، ممكن أن تنهار المفاوضات، فالدول الغربية تريد تضمين الاتفاق النهائي ضمانات صارمة تتعلق بالتفتيش والشفافية، قبل المبادرة إلى رفع العقوبات الدولية المفروضة على إيران، وذلك لمنع أي سباق إيراني غير قانوني نحو القنبلة النووية.
تقول لوموند إن التوتر صار أوضح منذ توقيع إتفاق لوزان، مع اقتراب الموعد النهائي لتوقيع الاتفاق بنهاية حزيران (يونيو)، لكن الصحيفة الفرنسية تستصعب معرفة مصدر هذه التوترات، أكان مزايدات تكتيكية أو خلافات يتعذر حلها. ونقلت عن لوران فابيوس، وزير الخارجية الفرنسي، قوله إن الكثير من العقبات الّتي يجب التغلب عليها قبل التوصل إلى الاتفاق النهائي ما زالت موجودة. وقال فابيوس: "يجب الانتقال إلى البحث الدقيق في الملفات المرفقة، وهذا لم يحدث بعد".
&
24 يومًا
وخلال مداخلة له في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية، سأل فابيوس، الذي يوصف بأنه "متعنت" في المفاوضات مع إيران: "ماذا يحدث إن لم تف إيران بتعهداتها؟ وما هو الوقت الذي سيستغرقنا لنكتشف ذلك؟ ففي نص الاتفاق المقدم، لدينا 24 يوما، لكن خلال هذه المدة يمكن أن تختفي أشياء كثيرة، وفترة 24 يومًا هي المدة التي طلبتها إيران قبل أن تسمح بتفتيش مواقعها النووية في حال اشتبهت مجموعة 5+1 في انتهاك إيراني للاتفاق".
تقول لوموند إن وزير الشؤون الخارجية الأميركي جون كيري قال إن عمليات التفتيش ممكنة في أيّ مكان وفي أيّ وقت، من دون الحصول على إذن إيراني مسبق، "بما في ذلك المواقع العسكرية التي تمنع إيران مراقبي الوكالة الدولية للطاقة الذريّة من دخولها". وأكد كيري أن تدابير المراقبة قائمة إلى أجل غير مسمّى، أي لا تقتصر على الفترة المحددة بعشر سنوات، التي تلتزم إيران فيها بوقف برنامجها النووي.
&
خط خامنئي الأحمر
إيران تعارض تفسير كيري هذا، وتدخل المرشد الأعلى علي خامنئي علنًا في هذه المسألة، راسمًا خطًا أحمر أمام المفاوضين الإيرانيين، بإصراره: "قلنا ونقول إننا لن نسمح بدخول أجانب إلى مواقعنا العسكرية لتفتيشها، ويقولون إن علينا أن نسمح بإجراء مقابلات مع العلماء الإيرانيين، وهذا تحقيق لن نسمح به"، ردًا على طلب الدول الغربية منذ سنوات مقابلة المهندس محسن فخري زاده مهابادي، المهندس الأول لنووي إيران.
وبحسب لوموند، حتى لو التزمت إيران بالمصادقة على البرتوكول الإضافي للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الّذي يسمح بتفتيش مشدّد، فلا وجود لإجماع على مدى هذا التفتيش، إذ فرض وزير الشؤون الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف حدودًا للمفاوضات. وقال في 18 ايار (مايو) إن نص الاتفاق لا يسمح بدخول من دون ضوابط وبلا سبب في البنية التحتية لإيران، "ولا حاجة إلى انتهاك سيادة إيران وقواعدها الأمنية للتحقق من سلمية البرنامج النووي".
بالمقابل، رسم فابيوس خطوطًا حمراء في إشارته إلى تيقظ فرنسا، التي تصر على أن يتحلى الاتفاق النهائي بالمصداقية، من خلال ضمان شفافية حقيقية في الاجراءات لتجنب مواصلة إيران أنشطتها النووية، والسماح بوصول مفتّشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية السريع إلى كل المواقع، ورسم آلية فعالة لعودة العقوبات الاقتصادية في حال انتهاك إيران التزامتها.
وتختم لوموند: "بعبارة أخرى، تبقى المفاوضات مع إيران بعيدة عن تحقيق ما يصبو إليه المجتمع الدولي".
&