فيما يواجه محافظ نينوى العراقية الشمالية أثيل النجيفي تصويتًا قريبًا لإقالته من منصبه بذريعة دوره في سقوط الموصل عاصمة المحافظة، فإنه يؤكد أنه غير مكترث بالأمر، وأن جهوده تنصب حاليًا على توفير السلاح لأبناء المحافظة للبدء بتحريرها من سيطرة تنظيم "داعش"، حيث تواجه مساعي الاقالة تباينات نيابية وسط محاولات تسقيط سياسي لبعض الشخصيات.

لندن: قبل أيام تسلمت رئاسة مجلس النواب طلباً موقعًا من 55 نائبًا للتصويت على اقالة النجيفي، حيث تبنى الطلب النائب عن محافظة ميسان الجنوبية عضو التحالف الوطني الشيعي حيدر المولى وقدمه لرئاسة المجلس الذي يتوقع أن يصوت عليه في البداية التحالف الشيعي باعتباره اكبر كتلة برلمانية غدًا الثلاثاء، حيث يؤيد التحالف الطلب المقدم من رئاسة الوزراء إلى مجلس النواب لاقالة النجيفي لتحميله جزءًا من مسؤولية سقوط الموصل بيد تنظيم "داعش" في العاشر من حزيران (يونيو) الماضي ليتمدد منها إلى محافظات قريبة مثل الانبار وصلاح الدين وكركوك مستغلاً الانهيار الذي اصاب القوات العراقية في هذه المناطق.

يذكر أنه منذ سقوط الموصل قبل حوالي العام، تحمل كتل وشخصيات سياسية المحافظ النجيفي المسؤولية الكاملة والمباشرة عمّا جرى في ظل مواقفه السابقة ضد السلطة المركزية، التي كان يترأسها المالكي وقيادة قوات نينوى لانتهاكاتها لحقوق الانسان وارتكابها تجاوزات ضد مواطني المحافظة.

النجيفي يدعو المالكي لمناظرة تلفزيونية حول سقوط الموصل

لكن أثيل النجيفي قال من مقره الموقت في مدينة أربيل عاصمة اقليم كردستان الشمالي، أنه يدرك "الدوافع التي ادت برئيس الوزراء حيدر العبادي إلى مفاتحة مجلس النواب للبحث في إقالتي من منصبي".. مضيفاً أن هناك رغبة من ائتلاف دولة القانون برئاسة نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي بإبعاد المسؤولية عن رئيسه المالكي عما جرى في الموصل بعد أن توصلت اللجنة النيابية الخاصة بالتحقيق في سقوط المدينة إلى ادلة دامغة من خلال شهادات القادة العسكريين والامنيين بأن رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة سابقاً نوري المالكي هو من أصدر قرار انسحاب الجيش العراقي والشرطة الاتحادية من الموصل.

وأكد النجيفي في تصريحات على صفحته بشبكة التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، واطلعت عليها "إيلاف"، انه يتحدى "المالكي شخصياً ومستعد لمناظرته امام الرأي العام وخاصة أهالي الموصل لفضح دوره بالوثائق والوقائع في سقوط الموصل وكشف النقاب عن قراراته المحفوظة لدى اللجنة النيابية حالياً، وفيها توقيعه على اوامر الإنسحاب".

وشدد على أن القادة العسكريين والامنيين قدموا للجنة صوراً عن برقيات وتسجيلات عن مكالمات هاتفية صادرة من المالكي ووكيل وزارة الداخلية السابق عدنان الاسدي تطلب منهم الانسحاب وترك المدينة بأيدي مسلحي "داعش".

وحول التصويت على إقالته، قال النجيفي "إن وضع محافظة نينوى غير مناسب ومشجع حتى اتكلم عن المناصب في مثل هذا الظرف، ولن اهتم إن صوّت البرلمان على اقالتي أو لم يصوّت، والمهم أن اؤدي واجبي إن كنت محافظًا أو كمواطن". وأضاف " ليس لي علم حقيقي بإدراج اقالتي على جدول اعمال البرلمان، ولن اهتم سواء أدرجت أو لم تدرج".. داعياً " اعضاء مجلس نينوى أن يجيبوا هل يحق للبرلمان أن يقيل محافظاً".

وعن عملية تحرير الموصل، اوضح النجيفي اننا "ننتظر الاسلحة لكي نباشر بالعملية ومن يريد أن يخدم الموصل وأهلها عليه أن يدعم ابناءها بالسلاح لأنهم أولى بتحريرها من غيرهم، وهم مستعدون للقيام بذلك".

تباين المواقف من التصويت لإقالة النجيفي

وإضافة إلى محاولات اقالته، فإن أثيل النجيفي يواجه اتهامات قاسية من قوى التحالف الشيعي، حيث اعتبر النائب توفيق الكعبي عضو كتلة الاصلاح الوطني برئاسة رئيس التحالف الشيعي وزير الخارجية ابراهيم الجعفري أن النجيفي لعب دورًا فعالًا "في تسهيل دخول داعش والتقصير المتعمد والتصريحات النارية، وهي كانت تحت انظار مجلس المحافظة ومجلس النواب والشعب العراقي الذي ينتظر اقالته".. مبيناً أن النجيفي كان نقطة البداية لانهيار العراق بشكل عام والتاريخ لن يرحمه و امثاله، على حد قوله.

لكن رئيس لجنة الامن والدفاع النيابية رئيس لجنة التحقيق بسقوط الموصل حاكم الزاملي اعتبر مطالبة البعض بإقالة اثيل النجيفي "استثمارًا سياسيًا وتكهنًا بنتائج لجنة سقوط الموصل".. وقال في تصريح نشرته الوكالة الوطنية العراقية للانباء اليوم الاثنين أن "هناك من يحاول أن يكون له شأن ويستغل ظرفاً معيناً ويتكهن ببعض النتائج باقالة محافظ أو شخصية دون انتظار لنتائج التحقيق للجنة الخاصة".

وعلى ذات السياق، فقد رأى النائب عن التحالف الكردستاني عن محافظة نينوى ماجد شنكالي "أن الوقت غير مناسب حاليًا لتغيير محافظ نينوى اثيل النجيفي". وأضاف أنّ "من الصعوبة الان اختيار بديل في ظل الظروف الموجودة من السجالات السياسية لأن البعض يطالب ان يكون المرشح من مركز المدينة، وليس من اطراف المدينة ومن العنصر العربي".

وشدد على ضرورة التريث بهذا الامر لحين تحرير المحافظة.. معتبرًا أن " مجلس المحافظة الحالي قادر على اقالة المحافظ ومن صلب صلاحياته بالرغم من وجود فقرة في الدستور تعطي لرئيس مجلس الوزراء الحق في اقالة المحافظ ورفع كتاب إلى مجلس النواب".

ومن جهته، طالب النائب عن الاتحاد الوطني الكردستاني عبد الباري زيباري الجميع بمراعاة الدستور ومواده بموضوع اقالة محافظ نينوى اثيل النجيفي. وقال إن "الدستور واضح في هذا الامر وهو يجب أن تكون هناك جلسة أو جلسات استجواب قبل الاقالة".. مشيراً إلى "ضرورة مراعاة المصلحة الوطنية وانتظار تقرير لجنة سقوط الموصل قبل البت في امر الاقالة".

وأضاف زيباري أن "نتائج التحقيق بسقوط الموصل سيكون لها تأثير في مجلس النواب عامة ورأي الاتحاد الوطني الكردستاني هو مراعاة المصلحة الوطنية وانتظار نتائج التحقيق".. مبيناً ان "اية اقالة يجب أن يسبقها الاستجواب حسب الدستور، وسيكون هناك&نقاش حولها، وبالتأكيد سيكون له تأثير على التصويت بالاقالة من قبل جميع الكتل السياسية".

وفي مواجهة ذلك، يؤكد مراقبون أن محافظ نينوى ومجلس المحافظة لم يكن لهما أي دور امني قبل سقوط الموصل بسبب حصر رئيس الوزراء السابق نوري المالكي الصلاحيات الامنية في المحافظة بيده وبيد قيادة عمليات نينوى والشرطة الاتحادية، ولم يسمح حتى للشرطة المحلية بممارسة دورها في المحافظة.

ويعتقد المراقبون أن حملة ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي لإقالة محافظ نينوى وتحميله مسؤولية سقوط المحافظة بيد "داعش" محاولة مكشوفة لابعاد المسؤولية عن المالكي في سقوط نينوى، خاصة بعد ان كشف وزير الدفاع السابق سعدون الدليمي خلال استضافته بالبرلمان قبل اشهر قليلة أن اوامر انسحاب الجيش والقوات الاخرى من نينوى صدرت من المالكي نفسه.

وأثيل عبد العزيز النجيفي مواليد مدينة الموصل عام 1958 قد دخل كلية الهندسة وتخرج منها واتبعها بدخوله كلية القانون في جامعة الموصل، ودخل سوق الأعمال العراقي واسس شركات عديدة.. ثم تولى منصب محافظ نينوى عقب فوز قائمة الحدباء، التي يترأسها في الانتخابات المحلية التي جرت عام 2009 حيث حصلت قائمته على 19 مقعداً من بين مقاعد محافظة نينوى البالغة 37 مقعدًا.

وتولى أثيل النجيفي منصب محافظ نينوى في الدورة الثانية على التوالي، بعد حصوله على الأصوات في انتخابات المحافظة المحلية، وتم اختياره من قبل 32 عضواً من اصل 39 عضواً يشكلون مجلس المحافظة.

وأثيل النجيفي هو أخ لنائب رئيس الجمهورية الحالي أسامة النجيفي.. وقد أسس عام 2004 وكالة انباء "عراقيون".. ونجا من محاولة اغتيال في 16 أيلول (سبتمبر) عام 2011 ثم أكد بعدها القاء القبض على الأشخاص الذين قاموا بإطلاق النار على موكبه.