يستمر الملك محمد السادس في رسم حدود العمق الاستراتيجي الاقتصادي للمغرب، من خلال جولة وصلت اليوم إلى غينيا بيساو، يعقد فيها حزمة كبيرة من الاتفاقات الثنائية، التي تنبثق من رؤيته الأفريقية "جنوب - جنوب".
&
ساره الشمالي من دبي: أنهى العاهل المغربي محمد السادس زيارته الرسمية للصداقة وللعمل إلى السنغال، التي استمرت بين 20 و28 أيار (مايو) الجاري، قبل أن يغادر الجمعة إلى غينيا بيساو في جولة أفريقية جديدة، تتضمن توقيع اتفاقيات وشراكات اقتصادية وتجارية وتنموية مع دول غرب القارة السمراء.
&
28 اتفاقا
&
وتقول الرباط إن هذه الزيارة تأتي ضمن استمرارية العلاقات التقليدية الأخوية والتعاون متعدد الأشكال بين المغرب والسنغال، حيث وقع البلدان على 28 اتفاقًا للتعاون. وفي بيان ثنائي، توقف قائدا البلدين عند الشراكة الاستراتيجية المتفردة التي تربط الرباط وداكار، مع كثافة العلاقة وطابعها الريادي في العديد من القطاعات، لتقدم نموذجًا للتعاون في أفريقيا.
&
واتفق المغرب والسينغال على إحداث مجموعة الدفع الاقتصادي كآلية جديدة للتعاون، ومن أجل ضمان تتبع وتعزيز الشراكة الاقتصادية الثنائية. وتقول وكالة الأنباء المغربية إن هذه المشاريع تترجم عمليًا الرؤية المجددة والبراغماتية، من أجل استقرار وتنمية القارة الأفريقية، القائمة على "تعاون جنوب -جنوب متضامن وفاعل".
&
حماسي وكبير
&
وخصّ سكان مدينة بيساو، عاصمة جمهورية غينيا بيساو، الملك محمد السادس باستقبال رسمي وشعبي، لدى وصوله الخميس إلى بيساو من دكار، في زيارة رسمية للبلاد.&
&
ووصفت وكالة المغرب العربي للأنباء الاستقبال بـ"الحماسي والكبير"، فانطلاقًا من مطار أوزفالدو فييرا الدولي ببيساو، وعلى طول الطريق المؤدي لمقر إقامة الملك، تجمعت حشود غفيرة من مختلف الأعمار، ضمنها عدد من أفراد الجالية المغربية، لاستقبال العاهل المغربي والترحيب به في هذا البلد الغرب أفريقي، الذي تجمعه بالمغرب علاقات نموذجية ومميزة.
&

&
وهتفت الجماهير بحياة الملك ورئيس جمهورية غينا بيساو، جوزي ماريو فاز، مرددة شعارات تعكس قوة ومتانة الصداقة بين البلدين.
&
واستبشر مسلمو غينيا بيساو، الذين يشكلون 40 إلى 60 في المئة من سكان البلاد، خيرًا بزيارة الملك محمد السادس، وأعدوا العدة لتخصيص استقبال حار للعاهل المغربي يعكس الروابط الروحية والإنسانية التي طالما جمعت بين المغرب والبلدان الأفريقية.
&
وأعربوا عن امتنانهم للملك على العناية التي طالما خص بها المسلمين في أفريقيا، لاسيما من خلال عمليات تجهيز المساجد بالزرابي والمصاحف، والتي نظمت إحداها سنة 2006 في غينيا بيساو وبناء "مسجد التضامن" في العاصمة بيساو، وهو الأكبر من نوعه في البلاد.
&
تقديمات مغربية
&
وأشرف الملك محمد السادس، مع رئيس جمهورية غينيا بيساو جوزي ماريو فاز على تسليم تجهيزات لتربية الماشية، منحتها المملكة المغربية للحفاظ على القطيع في غينيا بيساو. تتمثل هذه الهبة التي قدمتها مؤسسة محمد السادس للتنمية المستدامة في مواد بيطرية، مخصصة لمواكبة غينيا بيساو في تنمية مواردها الحيوانية.
&
وبهذه المناسبة، استمع الملك المغربي والرئيس فاز لشروحات حول هذه التجهيزات، قدمها الدكتور برناردو كاساما، مدير تربية المواشي في وزارة الفلاحة والتنمية القروية في غينيا بيساو، الذي عبر عن شكر وامتنان بلاده على هذه الالتفاتة الملكية.&
&
وتتعلق هذه الهبة بمواد بيطرية تم وضعها رهن إشارة حكومة غينيا بيساو من أجل مواكبة وزارة الفلاحة والتنمية القروية ومربي الماشية في تحسين وحماية المواشي، وتنبع هذه المبادرة من الوعي بالدور الرئيس الذي يضطلع به القطاع الفلاحي وتربية المواشي في الأمن الغذائي والنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومن هاجس تعزيز آفاق التعاون الثنائي، خدمة للمصلحة والأهداف المشتركة للقطاعين الفلاحيين بالبلدين.&
&
وتتيح هذه المواد البيطرية التي منحها المغرب تحصين الماشية من الأمراض الحيوانية المعدية من خلال التلقيح، وتحسين مردود القطيع ورفع الإنتاجية، كما أنها موجهة لمكافحة الأمراض التي تنتقل إلى الإنسان.
&
عمق استراتيجي
&
بعد غينيا بيساو، ينتقل الملك المغربي في جولته الأفريقية إلى ساحل العاج والغابون، حيث يستمر في تعزيز مكانة المغرب الأفريقية، خصوصًا استراتيجيته المتوجهة نحو الجنوب الأفريقي، من خلال سياسته جنوب - جنوب التي يعتمدها، من أجل التأسيس لعمق استراتيجي للمغرب، يكون عمقًا استراتيجيًا للمغرب العربي كله، بمختلف دوله، علمًا أن الملك المغربي لا يعتمد معيار الربح والخسارة في جملة المعاهدات والاتفاقات الثنائية التي يعقدها مع الدول التي يزورها، بل يقدم نموذجًا إنتاجيًا مغايرًا.
&
فالقارة الأفريقية ستضم سنة 2050 ربع سكان العالم، و 22 في المئة من عدد السكان الناشطين عالميًا، إلى جانب أنها مصدر مهم لموارد الطاقة والغذاء، وتضم في جوفها أكبر احتياطي من الفوسفات في العالم، يشكل احتياطي المغرب أكثر من نصفه، و12 في المئة من إنتاج البترول العالمي، و60 في المئة من الأراضي الزراعية غير المستغلة، و80 في المئة من المعادن النفيسة المستعملة في الصناعات الدقيقة.