يكره السنة داعش، لكنهم مستاؤون كثيرًا من إقصائهم عن السلطة على يد الشيعة. القتال مستعر، ومستقبل العراق كدولة موحدة صار على المحك.

عبد الاله مجيد: يدير الباحث العراقي منقذ الداغر مؤسسة دراسات مستقلة، اجرت أكثر من مليون مقابلة مع عراقيين في الداخل خلال السنوات العشر الماضية. ويشير الداغر إلى أن نتائج هذه الاستطلاعات تؤكد أن الغالبية العظمى من العراقيين السنة يكرهون تنظيم (داعش)، وأن اكثر من 90 في المئة من سكان المناطق ذات الأغلبية السنية يرون في داعش جماعة ارهابية.

السنة متذمرون

لكن التنظيم استغل تذمر السنة العميق من الحكومة المركزية في بغداد، التي تهيمن عليها احزاب شيعية. ومما اظهرته هذه الاستطلاعات، 91 في المئة من سكان الموصل ذات الأغلبية السنية الساحقة قالوا قبل سقوط المدينة إن العراق يسير في الاتجاه الخطأ.

لا يقتصر تذمر السنة واستياؤهم على التمييز في الوظائف والعقود والمعاملة في الحياة العامة، بل اصبح الموقف منهم مسألة حياة أو موت.

وعلى سبيل المثال، منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية قالت في تقرير بعد تحرير بلدة آمرلي التركمانية الشيعية في محافظة صلاح الدين صيف العام الماضي: "الميليشيات الموالية للحكومة والمتطوعين في قوات الحشد الشعبي، وكذلك القوى الأمنية العراقية، داهموا قرى واحياء سنية حول آمرلي، ونهبوا ممتلكات المدنيين، وأحرقوا بيوت سكان القرى السنة ومصالحهم، واستخدموا المتفجرات والمعدات الثقيلة لتدمير مبان أو قرى كاملة".

رصاصة في جبينه

وقالت صحيفة نيويورك تايمز إن هذه الانتهاكات تكررت بعد تحرير بلدة جرف الصخر في محافظة بابل عندما هُجر 70 الف عائلة سنية. واضافت الصحيفة: "ان ممثل البلدة في مجلس المحافظة كان العضو السني الوحيد وعُثر عليه مقتولًا برصاصة في جبينه".

وعندما ينزح السنة مفضلين ترك بيوتهم وممتلكاتهم على العيش تحت سيطرة داعش فانهم لا يجدون مكانا آخر يؤويهم. وكان النزوح بسبب العنف الطائفي بدأ في ظل الاحتلال الاميركي عام 2006 ولكنه تصاعد بحدة مع اجتياح داعش مناطق واسعة من العراق. وحتى بغداد التي كانت مدينة مختلطة جرى تقسيمها إلى جيوب على اساس طائفي واصبحت مدينة شيعية في الغالب، على حد وصف صحيفة واشنطن بوست.

شروط غير منفذة

يلاحظ الكاتب الاميركي فريد زكريا في صحيفة واشنطن بوست إن العراق اليوم لم يعد موجودًا، مشيرا إلى أن 80 في المئة قالوا في استطلاع أُجري في العام 2008 انهم "عراقيون قبل أي شيء آخر"، وتبلغ النسبة اليوم 40 في المئة.

يضيف زكريا انه سأل سياسيًا كرديًا عن عدد الكرد الذي يؤديون استقلال اقليم كردستان فأجابه السياسي الكردي: "بين 99 و100 في المئة".

وكان الباحث كينيث بولاك، من معهد بروكينز، كتب في صحيفة وول ستريت جورنال مقترحًا سبعة قوانين وسياسات محددة قال إن حكومة بغداد تحتاج إلى تنفيذها لمنح المكونات غير الشيعية ثقة ودور في إدارة بلدها.

ودعا الولايات المتحدة إلى ربط مساعداتها العسكرية للحكومة العراقية بإجراء هذه الاصلاحات. وبعد نحو عام على مقترح بولاك لم تنفذ بغداد إلا واحدًا من هذه الشروط، بحسب صحيفة واشنطن بوست.