مقابلة صحفية أعادت وزيرًا بريطانيًا سابقاً إلى الأضواء بعد سنوات من العزلة، علمًا أن سبب عزل الوزير جوناثان ايتكن صحيفة قادت حملة لتحطيمه وإنهاء مستقبله السياسي.

نصر المجالي: بعد 16 عاماً من العزلة، تعيد مقابلة صحفية إلى الأضواء النائب ووزير المشتريات البريطاني الأسبق جوناثان ايتكن الذي حوكم وسجن لسبعة أشهر بتهمة الحنث باليمين العام 1999.&
&
وفي الوقت الذي&عملت صحيفة بارزة في (فليت ستريت) شارع الصحافة البريطانية هي (الغارديان) على تحطيم كل طموحات الوزير الأسبق وتركته مفلساً بعد أن خسر قضية ضدها أمام المحاكم، فإن زميلتها ومنافستها اليمينية (ديلي تلغراف) تعيده إلى الواجهة بعد 16 عاماً من "العزلة والنسيان" عبر مقابلة تناولت فيها بعض تفاصيل حياته.&
&
وكانت التهم الموجهة للوزير الأسبق هي&التزوير والكذب تحت القسم، وقادت&(الغارديان) حملة ضده كانت حديث الشارع البريطاني آنذاك، كون ايتكن كان احد نجوم الشارع السياسي في عهد رئيسة الحكومة الراحلة مارغريت ثاتشر.
&
وكان من أبرز التهم الموجهة ضد ايتكن، حسب ما قالت مؤسسة متابعة قضايا الافلاس البريطانية إنه قام باخفاء أربعة ملايين جنيه استرليني في حساب مصرفي قام بنقلها من حساب يعود لـ(أمير سعودي) إلى حسابات مصرفية سرية في سويسرا.
&
يعيش الوزير والنائب الأسبق في مجلس العموم جوناثان ايتكن (72 عامًا) حالياً في منطقة (كينسينغتون) الراقية في لندن مع زوجته الثانية، اليزابيث التي هي أيضًا في السبعين من عمرها، ولديها أربعة أطفال.
&
معركة الطفولة&
&
وفي مقابلة (ديلي تلغراف) التي تركزت على طفولته وتأثيراتها على أخلاق المهنية ووضعه المالي، يتحدث ايتكن عن معاناته مع داء السل في طفولته وكيف أن معركته الصحية خلقت لديه القدرة على البقاء والمنافسة، و"لم تكن لديّ طموحات او اهتمامات في كسب المال".&
&
ويقول انه رغم وضعه المالي كان جيدًا للغاية، حيث كان والده النائب المحافظ السير وليام ايتكن وعمه اللورد بيفبروك، "إلا أننا عشنا فترة الحصص الغذائية وتقنين البيض، حيث كنت أحصل آنذاك على بيضتين فقط أسبوعياً، وكانت أسرته تمارس سياسة التقشف الاقتصادي".&
&
ويقول إن فترة مراهقته لم تكن مزدهرة، حتى أنه كان الذهاب للمسرح أوالسينما يعتبر مكافأة كبيرة، وفي تلك الفترة استطاع والده شراء منزل جميل على النمط الاليزابيثي في مدينة سوفولك، "وحين تجد نفسك تعيش في بيت كهذا تجد أن والدك قام بإنجاز جيد".&

6 بنسات&
&
ويضيف الوزير الأسبق إنه " في تلك الأيام كان يحصل على مصروف جيب قدره 6 بنسات أسبوعياً، وهو ما كان يمكنني من شراء علبة من رقائق البطاطا "لقد كنت دائماً حذراً في مسألة الإنفاق، وكنت ميالاً للتوفير قليلاً".&
&
وعن أول وظيفة شغلها، يقول ايتكن انه في سن الـ 17 عمل مساعداً في لعبة التنس الأرضي، ثم مراسلاً صحافيًا لشؤون الجنازات لصحيفة (ايست انجليا ديلي تايمز) المحلية، وكان يقوم بهذه الوظائف في إجازاته المدرسية، حيث كان يتقاضى حينها 4 جنيهات في اليوم الواحد، "وهو مبلغ كبير في ذلك الوقت".&
&
وحين سئل ايتكن عن الوقت الذي لم يكن يتمكن فيه من دفع فواتيره، يقول إنه بعد إشهار إفلاسه وبعد خروجه من السجن، كانت هناك سنتان صعبتان جدًا، كان يتعين عليّ موازنة حياتي بقدر المبلغ الذي اتقاضاه أسبوعياً، وهو ما بين 200 ـ 250 جنيهًا استرلينيًا، وكان يتعين أن أمارس أقصى ضغط اقتصادي للنفقات كاستخدام الحافلات في التنقل أو التسوق من محال السوبرماركت بعد منتصف الليل لأن الأسعار تهبط إلى النصف للسلع التي تحمل تاريخ اليوم الماضي.&
&
ويضيف: "لم أكن يائساً، وكانت والدتي تقدم المساعدة بين حين وآخر، ثم أنني قمت بعمل تسوية طوعية لسداد ديوني السابقة".&
&
كل شيء انتهى
&
وحين سئل البرلماني والوزير الأسبق عمّا هو أسوأ شيء جعله &"مكسوراً" على الصعيد المالي؟ يقول إنه "خفض بشكل درامي كبير مستوى معيشتي، فأنا لم أعد ثرياً، حيث كنت قبل ذلك في الثمانينيات والتسعينيات رئيسًا لبنك "التاجر" الصغير الذي أسسته، وكانت لي بعض الصفقات المالية مع السعودية ودول الخليج، حينذاك كانت سيارتي من طراز (جاغيوار) ففي دقيقة واحدة كنت استطيع تناول وجبة غدائي في فندق (كلاريدجيز)، وكان لي بيت كبير في قلب مدينة ويستمنستر ومنزل ريفي في خليج ساندويتش في مقاطعة كينت ثم فجأة تحطم كل شيء، وكان سقوطي الكبير".
&
وهل كان الحال مؤلماً، يقول جوناثان ايتكن: "نعم، في نواحٍ كثيرة، فأنا واجهت هزيمة كبيرة، ليس في الوضع المالي، بل الأكثر إيلاماً كان في الطلاق، ووصمة العار، وإشهار الإفلاس ثم السجن.&
ويقول: الأسوأ من هذا كله عدم تمكني من توفير أي شيء لأطفالي، وتفكيري بأنني أصبحت غير قادر أن أكون معيلاً لأسرتي، لكنني في نهاية المطاف تمكنت".&
&
ولكن كيف تعامل جوناثان ايتكن مع حال كهذا؟، يقول: "عدت إلى جامعة أكسفورد كطالب، لدراسة اللاهوت، حيث كان الكثير من زملائي الطلاب يتدربون ليكونوا كهنة، وكانوا أكثر فقراً تقريبًا مما كنت عليه".
&
الجشع في سبيل الله&
&
ويتابع الوزير الأسبق: "كان الوضع صعباً، كنت مفلساً، ولكنني لم أواجه تجربة الانهيار فقبلت الواقع الجديد وأدركت أن الحياة تغيّرت، وتعلمت كيفية إدارتها بسرعة،&واستبدلت الجشع في سبيل الله".
وما إذا كان لدى ايتكن ما يمكنه من دفع الرسوم القانونية أمام المحاكم، حيث خسرت قضيته منذ العام 1997؟، يقول: "كانت القضية أربعة ملايين جنيه إسترليني، ثم أن عملية الطلاق كانت باهظة الثمن، وهذا ما أدى بي إلى الإفلاس".&
&
وفي الأخير، ما مصدر الدخل الرئيس للوزير والبرلماني الأسبق جوناثان ايتكن في الوقت الحاضر؟، يجيب: "عائدات التقاعد، فلديّ معاش تقاعدي جيد، ثم تقاعدي البرلماني 33 ألف جنيه استرليني، حيث كنت نائباً لـ23 عاماً، هذا فضلاً عن تحقيق بعض المال من خلال عملي كمستشار لبعض الأعمال والكتابة للصحف ثم أنني نشرت في العام الماضي سيرة ذاتية عن رئيسة الحكومة الراحلة مارغريت ثاتشر".

&