الرياض: يتوجه الأربعاء الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد السعودي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الى روسيا، في زيارة يلتقي خلالها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وعددًا من المسؤولين الروس لبحث العلاقات وأوجه التعاون بين البلدين.
وبحسب بيان صدر عن الديوان الملكي السعودي، فإن الأمير محمد سيغادر بناء على دعوة من الحكومة الروسية .
وتسهم الزيارة المرتقبة للأمير محمد بن سلمان بناء على توجيه العاهل السعودي الملك سلمان، "في إضافة بعد كبير لتعميق العلاقات بين البلدين، وتطورها من خلال المباحثات التي سيجريها مع القادة الروس، والعديد من الاتفاقيات في مختلف المجالات التي سيتم توقيعها"، بحسب ما أكدت وكالة الأنباء السعودية الرسمية.
وتعتبر العلاقات السعودية الروسية علاقة تاريخية تقارب المائة عام إلا قليلا، حيث يعتبر الاتحاد السوفياتي أول دولة غير عربية اعترفت بالمملكة العربية السعودية، وأقام معها علاقات دبلوماسية في (فبراير) شباط عام1926، وفي عام 1930 تم تحويل القنصلية السوفياتية في جدة إلى سفارة ، حيث تجسدت متانة العلاقات السياسية بين المملكة وروسيا، من خلال الزيارات واللقاءات بين البلدين، لإجراء المزيد من التنسيق وبحث وتعميق سبل التعاون الثنائي لتدعيم العلاقات بين البلدين في جميع المجالات ومختلف الميادين.
وأسهمت الزيارة التاريخية التي قام بها العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود لموسكو في أيلول (سبتمبر) عام 2003 عندما كان ولياً للعهد في المزيد من دعم العلاقات، التي تربط بين المملكة وروسيا حيث التقى خلال الزيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأسفرت الزيارة عن التوقيع على اتفاقية تعاون بين حكومتي البلدين في قطاع النفط والغاز، ومذكرة تفاهم للتعاون العلمي والتقني وعدد من الاتفاقيات الأخرى.
&
زيارة سلمان
ومن خلال هذا التوجه، كانت زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى موسكو في حزيران (يونيو) 2006 (في ذلك الوقت عندما كان أميراً لمنطقة الرياض) والتي أسهمت في المزيد من دعم العلاقات التي تربط بين المملكة وروسيا، تلتها زيارة الأمير الراحل سلطان بن عبدالعزيز، بصفته وليا للعهد ووزيرا للدفاع والطيران في 21 تشرين الثاني (نوفمبر) 2007 ضمن محطات زيارة القيادة بين البلدين لتعزز العلاقة في ما بينهما، وأثمرت هذه الزيارة عن زيادة التعاون الثنائي في مجال الطاقة، وزيادة التعاون الثنائي في المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية والعلمية والتقنية والنقل.
فيما كانت الزيارات الأكثر لوزير الخارجية السابق الأمير سعود الفيصل، وظهر بعدها الكثير من النتائج الإيجابية في تعزيز ودعم العلاقات بين البلدين.

زيارة بوتين
وقام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في (فبراير) شباط عام 2007 بزيارة إلى المملكة العربية السعودية، تم خلالها التوقيع على اتفاقية ثنائية في مجال الاتصالات الجوية، ومعاهدة تفادي دفع الضريبة المزدوجة على المداخيل ورؤوس الأموال، وعدة اتفاقيات في مجال الثقافة وتبادل المعلومات والتعاون المصرفي. كما تم خلال الزيارة تحديد اتجاهات جديدة للتعاون (التكنولوجيا الذرية وغزو الفضاء في الأغراض السلمية)، وقلد العاهل السعودي الراحل الملك عبد الله الرئيس بوتين، قلادة الملك عبد العزيز التي يتم منحها عادة لكبار الزعماء وقادة دول العالم.
&
علاقات اقتصادية
وتأتي العلاقات الاقتصادية بين البلدين لتبرز قوة ومتانة هذه الروابط، وفي مقدمة الشواهد على متانة هذه العلاقة المتميزة يأتي التوقيع في تشرين الثاني (نوفمبر) 1994 على اتفاق للتعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري والفني بين البلدين، وذلك في ختام زيارة رئيس الوزراء الروسي الأسبق فيكتور تشير نوميردين للمملكة، وشكلت بموجبها اللجنة السعودية الروسية المشتركة، وافتتحت دورتها الأولى في تشرين الأول (أكتوبر) عام 2002 كما عقد في نفس الفترة المؤتمر الأول لرجال الأعمال الروسي السعودي المشترك للتعاون التجاري والاقتصادي.
وعرف التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، خلال السنوات الأخيرة، نسقا تصاعديا وتطوراً ملموساً على جميع الأصعدة وبخاصة في مجال الاستثمار والتبادل التجاري.
&
التبادل التجاري
ازداد حجم التبادل التجاري بين روسيا والمملكة العربية السعودية في الفترة ما بين سنوات 2003 – 2008 من 211.8 إلى 488.7 مليون دولار أميركي (بلغت قيمة الصادرات الروسية 465.9 مليون دولار أميركي). وتتألف الصادرات من المعادن والمنتجات المعدنية، والعلف والورق والكارتون والخشب وسيارات الشحن.
منذ عام 2002 انطلق مجلس الاعمال الروسي السعودي وفي (أبريل) نيسان عام 2008 تم في الرياض برعاية غرفة التجارة والصناعة الروسية، ومجلس الاعمال الروسي العربي اقامة المعرض الروسي الأول "روسيا والمملكة العربية السعودية - آفاق مستقبلية جديدة للتعاون التجاري - الاقتصادي" وندوة اعمال، فيما تمت اقامة المعرض الثاني عام 2010.
منذ عام 2002 تعمل اللجنة الحكومية المشتركة الروسية السعودية في مجال التجارة والاقتصاد والتعاون في المجال العلمي والتقني، من بداية 2002 وانعقد في الرياض عام 2005 اجتماعها الثاني فيما تم عقد الاجتماع الثالث للجنة المشتركة في بطرسبورغ في حزيران (يونيو) عام 2010.
ويبلغ عدد التراخيص الاستثمارية الروسية مقارنة بإجمالي الاستثمارات في المملكة يبلغ 18 مليون دولار، 15 منها في قطاع الصناعات التحويلية، و2,5 مليون في قطاع الخدمات، وذلك عبر 22 مشروعا فقط.
&
مجالات الطاقة
وفي مجال الطاقة يبدو التطور والتعاون بين السعودية وروسيا واضحا، ففي عام 2004 تم التوقيع على اتفاقية بين الشركة الروسية المساهمة "لوكويل اوفرسيز هولدنغ"، وحكومة المملكة العربية السعودية حول مساهمة الشركة الروسية في عمليات التنقيب، وبناء مصنع لتسييل الغاز بجانب حقل "غوار"، وهو أكبر حقل نفطي في العالم الواقع في جنوب شرق المملكة العربية السعودية.
وتم افتتاح مكتب للشركة الروسية المساهمة "ستروي ترانس غاز" في مدينة الخبر، وقامت هذه الشركة في سنة 2005 بطلب من غرفة التجارة والصناعة لمدينة الرياض، بوضع تصور لإنشاء شبكة وطنية لنقل وتوزيع الغاز في المملكة العربية السعودية، ووضعت تصميما لتوزيع الغاز في مدينة الرياض. ومنذ سنة 2006 تعمل في مدينة الخبر ممثلية شركة "غلوبالستروي – انجينيرينغ".
&
تعاون ثقافي
ولا تقتصر العلاقات السعودية الروسية على الجوانب التجارية والاقتصادية فحسب، بل تتعداها لتشمل الجانب الثقافي والرياضي ، ففي نوفمبر عام 1995م شهدت العاصمة الروسية موسكو افتتاح قسم الأمير نايف بن عبدالعزيز للدراسات الإسلامية، في جامعة موسكو، وفي أيلول (سبتمبر) عام 2001 افتتح سفير العاهل السعودي في موسكو جناح المملكة العربية السعودية في معرض الكتاب الدولي في موسكو، وتم من خلاله إطلاع الرأي العام الروسي على المنجزات الحضارية الكبيرة التي تحققت في المملكة، إضافة إلى مشاركة المملكة في معارض أخرى أقيمت هناك.
كما استضافت الأكاديمية الإنسانية الاجتماعية الروسية في موسكو في آذار (مارس) 2002 مهرجانا ثقافيا بعنوان يوم الثقافة السعودية، شاركت فيه مجموعة من الشخصيات الثقافية والاجتماعية العربية الروسية، وعدد كبير من رؤساء البعثات الدبلوماسية العربية والإسلامية المعتمدين لدى روسيا الاتحادية، و تم في شهر آذار (مارس) 2003 تدشين اليوم الثقافي للمملكة العربية السعودية في موسكو .

أوضاع المنطقة
وفي 20 يونيو 2014 وصل إلى جدة، وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، واستقبله الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية آنذاك، وعقد الجانبان جلسة مباحثات مطولة ومعمقة تناولت العلاقات الثنائية بين البلدين، وسبل تطويرها في العديد من المجالات، إضافة إلى بحث القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وتأتي زيارة وزير خارجية روسيا للمملكة في أعقاب الزيارة الأخيرة التي قام بها الأمير سعود الفيصل لروسيا، ونقله رسالة من العاهل السعودي السابق الملك عبدالله بن عبدالعزيز للرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن تطوير العلاقات بين البلدين، والاتفاق على العمل سويا في إطار الجهود القائمة لتنفيذ اتفاق (جنيف1) الرامي لتحقيق الانتقال السلمي للسلطة في سوريا، وبما يحفظ استقلالها وسيادتها ووحدتها الوطنية والترابية، مع أهمية توجيه الجهود نحو محاربة التنظيمات الإرهابية التي استغلت الأزمة السورية، ووجدت لها ملاذا آمنا على أراضيها، وكذلك العمل على القضاء على المسببات التي شجعت على دخول هذه التنظيمات الإرهابية الأراضي السورية.
وفي تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 م زار الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية حينها موسكو وعقد مع وزير خارجية روسيا الاتحادية سيرغي لافروف محادثات، حيث ناقش الجانبان فيها مجموعة من الملفات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك بما في ذلك الوضع في سوريا، والعراق، وليبيا، واليمن والصراع الفلسطيني / الإسرائيلي، وركزت المباحثات على الجهود الإقليمية والدولية المبذولة لمحاربة الإرهاب الى جانب سبل تنمية العلاقات بين البلدين .
&