نفى توماس باخ أن تكون اللجنة الاولمبية الدولية تتصرف كحكومة عالمية، وقال إنها لا تستطيع تغيير ما لم تتمكن من تغييره أجيال من الدبلوماسية وسلسلة من قرارات الأمم المتحدة.

إعداد عبد الاله مجيد: اعترف الالماني توماس باخ، رئيس اللجنة الاولمبية الدولية، بأنه لم يحضر مسابقة بلعبة الجمناستيك أو مباراة كروية محلية في بلده منذ زمن بعيد، وقال في مقابلة مطولة مع مجلة شبيغل إن الأمر ليس بهذه البساطة، وانه إذا زار ناديًا في إحدى المدن ستحتج المدينة المجاورة متسائلة لماذا لم يزر ناديها.

واكد باخ انه يهتم بالرياضة على المستوى الجماهيري مشيرًا إلى مشاركته في سباق لمسافة 20 كلم أُجري في لوزان اواخر نيسان (ابريل) الماضي. وفي ايار (مايو)، زار جزر فيجي حيث رأى ساحة للعبة الرغبي حين غادر مقر اقامة رئيس البلاد، وكان احد الفرق يتدرب فيها. فتوجه إلى الساحة حيث تابع التدريب وسأل احد اللاعبين كيف تجري الأمور. وأضاف باخ أن اللاعبين دعوه إلى اللعب معهم، وشارك بالفعل لكنهم لم يسمحوا لهم بتسجيل أي نقاط.

ليست حكومة عالمية

تطرق باخ إلى دورة الألعاب الاوروبية الأولى التي انطلقت منافساتها في 12 حزيران (يونيو) في اذربيجان، حيث سُجن ناشطون حقوقيون لانتقادهم اقامة الدورة هناك. وقال باخ إن اللجنة الاولمبية الدولية التي يرأسها لم تنظم دورة الألعاب الاوروبية بل نظمتها اللجان الاولمبية الاوروبية.

اضاف انه لا يريد التهرب من المسؤولية بالخوض في تفاصيل تقنية، موضحًا أن التصويت على البلد الذي تُقام فيه المسابقة لا يعني الاتفاق مع قوانينه. وأكد باخ لمجلة شبيغل انه ليس تصويتًا على النظام السياسي وان اللجنة الاولمبية الدولية ليست حكومة عالمية.

ونفى باخ أن تكون اللجنة الاولمبية الدولية تتصرف وكأنها حكومة عالمية لا سيما وانها اعلنت قبل اقامة اولمبياد 2008 في بكين انها تساعد على فتح الصين للعالم. وقال رئيس اللجنة الاولمبية الدولية إن الدورات الاولمبية وسيلة لتقديم مثال على المجتمع المنفتح، الخالي من التمييز، "ونحن نريد أن نشيع اجواء في القرية الاولمبية حيث يستطيع سائر الرياضيين أن يلتقوا في بيئة بعيدة عن التحامل، وإذا أدى هذا إلى وقفة للتأمل في البلد المضيف فهو أمر جيد".

نحترم القوانين

وشدد باخ على ضرورة احترام قوانين الدول ذات السيادة، قائلاً "السعودية قامت بمجهود محسوب تجاه دورة الألعاب الاولمبية وكان رد فعلي انه طالما أن الرياضة ليست في متناول المرأة كما هي في متناول الرجل في السعودية، وطالما أن المرأة لا تستطيع حتى أن تدخل الملعب هناك، فإننا لن نقبل طلبها".

وحين سُئل باخ لماذا لا تعلن اللجنة الاولمبية الدولية أنها لن تقبل اقامة دورة الألعاب الاولمبية في السعودية، أجاب: "مرة أخرى أقول إن اللجنة الاولمبية الدولية منظمة رياضية ونحن لا نستطيع أن نغيِّر ما لم تتمكن من تغييره أجيال من الدبلوماسيين وسلسلة من القرارات الأممية".

يمنع ميثاق اللجنة الاولمبية الدولية منذ 2014 التمييز على أساس التوجه الجنسي. وتتنافس على اقامة دورة الألعاب الشتوية عام 2022 مدينة المآتا في كازخستان، حيث يدعو سياسيون إلى اصدار قانون ضد المثلية على غرار القانون الروسي، وبكين العاصمة الصينية حيث توجد عيادات يُعذب فيها المثليون بالصدمات الكهربائية، بحسب مجلة شبيغل التي دعت باخ إلى رفض طلب المدينتين اقامة الاولمبياد الشتوي في أي منهما إذا كان أمينًا على الميثاق الاولمبي.

طلب سجالي

قال باخ في هذا الشأن إن مسؤوليات اللجنة الاولمبية الدولية وكذلك الفرص ترتبط بالألعاب الاولمبية والعمليات ذات الصلة، "ونحن لا نملك سوى تقديم الالهام لتطوير المجتمعات والبلدان وليس إعطاء توجيهات".

وحول الاهتمام الذي أخذت دورة الألعاب الاولمبية تحظى به من الأنظمة الدكتاتورية، التي تدعي الديمقراطية من أجل تلميع صورتها، قال رئيس اللجنة الاولمبية الدولية انه كثيرًا ما يسمع أن البلدان الديمقراطية لم تعد تهتم بالألعاب الاولمبية، وانه يسأل نفسه عن تعريف ما هو ديمقراطي معددًا المدن التي استضافت الاولمبياد أو مرشحة لاستضافته، بما في ذلك سدني وآثينا وبكين وريو دي جانيرو وطوكيو.

وعن نية قطر التنافس على اقامة دورة الألعاب الاولمبية في الدوحة 2024 بحسب مجلة شبيغل، قال باخ: "ليس لدينا أي طلب منهم وفي الوقت الحاضر أعلنت بوسطن وهامبورغ وباريس وروما نيتها في التقدم بطلب"، واصفًا ما طرحته مجلة شبيغل بأنه "سجالي".

تربيع الدائرة!

وتحدث باخ عن توجه اللجنة الاولمبية الدولية بالسماح للبلد المضيف بنقل بعض الفعاليات إلى بلد آخر، كما تعتزم على سبيل المثال كوريا الجنوبية حيث ستقام دورة الألعاب الشتوية نقل بعض الفعاليات إلى اليابان. وقال إن اللجنة الاولمبية الدولية اقترحت ذلك على كوريا الجنوبية، ولكنها لم تذكر اليابان تحديدًا وبامكان الكوريين أن يختاروا البلد الذي يرتأونه ولا تستطيع اللجنة أن تجبرهم.

وتناول رئيس اللجنة الاولمبية الدولية عملية صنع القرار، بما في ذلك تحديد المسابقات التي تتضمنها الألعاب الخماسية مثلا. وقال باخ إن إعداد البرنامج الاولمبي أشبه بمن يحاول تربيع الدائرة وان من المحال إعداد برنامج يرضي الجميع.

ولفتت مجلة شبيغل انتباه باخ إلى أن كوريا الجنوبية قطعت 60 ألف شجرة لبناء المنحدرات في اطار التحضير للاولمبياد الشتوي. ورد باخ قائلاً إنه اقترح على اللجنة المنظمة استخدام منحدر آخر، لكنّ الكوريين الجنوبيين رفضوا مؤكدين التزامهم بالقواعد والأنظمة المعمول بها في بلدهم.

واستعرض باخ الاصلاحات التي نفذتها اللجنة الاولمبية الدولية بما في ذلك تحديد ولاية اعضاء اللجنة التنفيذية والرئيس وخفض سقف العمر إلى 70 عامًا. كما يُمنع اعضاء اللجنة من زيارة البلدان التي تتنافس على استضافة الاولمبياد.

تحقيق وإصلاح

علق باخ على استقالة جوزيف بلاتر من رئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" على خلفية فضيحة الفساد، قائلًا: "على فيفا فتح تحقيق واسع في الاتهامات وتحديد ما جرى على وجه الدقة، وإجراء اصلاح بنيوي واسع".

ونفى باخ أن تكون لدى اللجنة الاولمبية الدولية مشكلة تتعلق بسمعتها وصورتها أمام العالم، قائلًا انه التقى رؤساء أكثر من 120 دولة وحكومة منذ توليه رئاسة اللجنة. واينما يذهب يلاقي اهتمامًا كبيرًا، وفي الغالب الكثير من الإرادة الطيبة.

وأضاف: "اللجنة تتمتع رسميًا بصفة مراقبة في الجمعية العامة للأمم المتحدة، كما أن الشركات والقنوات التلفزيونية ما كانت لتوقع عقودًا مع اللجنة الاولمبية الدولية لغاية 2031 إذا لم تكن تثق باللجنة الاولمبية الدولية".

وأكد أنه، وإن كان المانيًا، يتخذ موقف الحياد تجاه تنافس هامبورغ الالمانية على استضافة دورة الألعاب الاولمبية 2024. لكنه اضاف انه سيكون سعيدًا إذا استضافت المانيا الاولمبياد.