بعد ثلاث سنوات من غياب سفير مصري عن تل أبيب، قرر الرئيس عبدالفتاح السيسي تعيين حازم خيرت سفيرًا لدى إسرائيل، ما أثار تساؤلات الشارع المصري والمهتمين بالشأن السياسي.

القاهرة: أثارت عودة السفير المصري لدى إسرائيل العديد من التساؤلات حول ما إذا كانت عودته تؤكد وجود آلية اتصال دبلوماسية بين مصر وإسرئيل، تشير إلى تحسن في العلاقات المتوترة، التي على إثرها استدعت مصر سفيرها من إسرائيل بقرار من الرئيس الأسبق محمد مرسي، أم أن هناك علاقة بين عودة المعونة العسكرية الأميركية لمصر وهذه العودة. ويجمع الخبراء على أن عودة العلاقات الدبلوماسية كاملة بين البلدين ضرورة تفرضها علاقة مصر بالملف الفلسطيني.

أزمة سفراء

منذ توقيع اتفاق كامب ديفيد في 1978، معظم السفراء الذين أرسلتهم مصر إلى إسرائيل تم سحبهم قبل أن يكملوا مدة 4 سنوات القانونية. وكان أول سفير لمصر لدى تل أبيب عقب توقيع كامب ديفيد هو السفير سعد مرتضى من 1980 وحتى 1982 وتم سحبه عقب الاجتياح الإسرائيلي للبنان. ظلت السفارة المصرية في إسرائيل بدون سفير حتى 1986، حين تم تعيين السفير محمد بسيوني من 1986 وحتى 2000، ثم خلفه السفير محمد عاصم بين 2005 و2008، ثم السفير الرابع ياسر رضا من 2008 حتى 2012، وخلفه السفير عاطف محمد سالم سيد الأهل بين أيلول (سبتمبر) 2012 وتشرين الثاني (نوفمبر) من العام نفسه، وتم سحبه إثر العدوان الإسرائيلي على غزة في 2012.

ويأتي السفير حازم خيرت سادسًا في قائمة سفراء مصر لدى إسرائيل، وهو من عائلة دبلوماسية عريقة ينتمي إليها السفير إسماعيل خيرت شقيق زوجة وزير الخارجية سامح شكري والسفير إبراهيم خيرت سفير مصر السابق في المكسيك. وعمل خيرت سفيرًا لمصر لدى سوريا وشيلي، ثم مندوبًا لمصر لدى جامعة الدول العربية، ثم مساعدًا لوزير الخارجية لشؤون السلكين الدبلوماسي والقنصلي، وتم اختياره ممثلًا لمصر لدى تل أبيب.

ترحيب إسرائيلي

لقيت عودة السفير المصري لإسرائيل ترحيبًا واسعًا لدى الحكومة الإسرائيلية، حيث بارك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو القرار المصري. وقال نتانياهو في تصريح له :"أبارك قرار الحكومة المصرية بإرسال سفير لإسرائيل، هذا القرار يعزز العلاقة بين الدولتين، بالإضافة إلى السلام".

من جانبه أكد السفير صلاح فهمي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن عودة السفير المصري لدى إسرائيل كانت ضروريةً من أجل آلية اتصال دبلوماسية بين مصر وإسرائيل تساعد في خدمة القضية الفلسطينية، وتعيد التوازن في العلاقات بين القاهرة وتل أبيب بعد جفاف شهدتها العلاقات بين البلدين منذ وصول الإخوان المسلمين إلى السلطة.

وقال لـ"إيلاف": "إن الخارجية المصرية منذ وصول الرئيس السيسي للسلطة تقوم بإعادة تقييم للدور شامل للدور الخارجي لمصر، وبالتالي كان لزامًا على الرئيس فتح صفحة جديدة من العلاقات بين القاهرة وتل أبيب سعيًا نحو تحقيق أهداف سياسية وأمنية لمصر في ظل توتر الأوضاع في جميع الحدود المصرية ".

وأضاف فهمي: "لا توجد علاقة بين عودة السفير المصري لإسرائيل وإعادة أميركا المعونة العسكرية لمصر، فأميركا وإسرائيل دولتان منفصلتان تربط كل منهما علاقات بمصر منفصلة عن الأخرى ".

تعزيز العلاقات

في السياق، ذاته يرى الخبير السياسي عبد السلام النويري أن مسألة سحب السفير المصري لدى تل أبيب لم تكن خطوة موفقة من الأساس في 2012، ويرجع الأمر إلى سعي الإخوان لإرضاء حلفائهم في حماس، "وبالتالي فإن مسألة عودة أو تعيين سفير جديد لمصر في تل أبيب هو أمر طبيعي وفقًا لاتفاقية السلام بين الدولتين".

وأوضح النويري أن استئناف حوار السلام المجمد منذ عام، والمطالبة بعودة المباحثات بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، ربما يكون السبب الرئيسي في تشجيع الرئيس وتحفيزه على إصدار هذا القرار لرعاية جهود المصالحة التي دأبت عليها مصر في ظل شكوى الرئيس الفلسطيني من جمود عملية السلام.

وقال لـ"إيلاف": "إن عودة السفير المصري لإسرائيل ستساعد كثيرًا في تواصل الخارجية المصرية مع الحكومة الإسرائيلية بشأن عملية السلام، والعلاقات بين الدولتين، وبعض الأمور السياسية والأمنية المعلقة وخصوصًا جهود مكافحة التنظيمات الإرهابية على الحدود بين مصر وإسرائيل".

&أهداف استراتيجية

ويرى اللواء نصر موسى، خبير العلوم الاستراتيجية والأمنية، أن وجود سفير لمصر في إسرائيل يأتي في إطار عودة العلاقات الدبلوماسية الطبيعية والمعتادة بين الدولتين، وفقًا لاتفاق كامب ديفيد، "وفي الوقت نفسه لا يعني تعيين سفير جديد مؤشرًا على قوة ومتانة العلاقة بدليل رفض الرئيس السيسي تهنئة رئيس وزراء إسرائيل بفوز حزبه في الانتخابات".

وقال الخبير الاستراتيجي لـ"إيلاف": "قرار تعيين سفير لمصر لدى تل أبيب يأتي في إطار تعدد العلاقات الخارجية المصرية مع جميع الدول من دون استثناء، وفي إطار السياسة العامة لتحقيق أهداف استراتيجية تخدم المصالح العليا للبلاد".