دخلت قضية اعتقال الفتاتين المغربيتين بتهمة الاخلال بالحياء العام، على خط التجاذب السياسي بين أحزاب الغالبية والمعارضة في المغرب، وتحولت المسألة الى قضية سياسية تتعلق بالارهاب والتشدد.
&
حسن العلوي:&دخلت "التنورة "على خط التجاذب السياسي بين احزاب الغالبية والمعارضة في المغرب، بل وتحولت الى قضية سياسية وقضية رأي عام تتعلق بالهوية والإرهاب والتشدد، جراء تداعيات متابعة فتاتين مغربيتين في مدينة انزكان &القريبة من مدينة أكادير( جنوب) امام القضاء بتهمة الإخلال بالحياء العام لارتدائهما تنورتين قصيرتين.
&
وساهمت الأحداث الإرهابية التي عرفتها الكويت وتونس وفرنسا يوم الجمعة الماضي في إعطاء زخم سياسي لما اصطلح على تسميته في المغرب "قضية الصايا" أي التنورة . &&
&
واتهمت أحزاب الغالبية الحكومية المعارضة باستغلال هذه القضية لإثارة الرأي العام وتحريضه، محذرة من ضرب استقرار البلاد، في حين عدّت أحزاب المعارضة المتابعة القضائية لفتاتي انزكان، مظهرًا من مظاهر الإعتداء على الحريات وخطوة نحو نشر التعصب والتطرف.
&
بدأت القصة حينما اعتقلت الشرطة في مدينة انزكان قبل اسبوع الفتاتين عقب شجار جرى بينهما وأحد الباعة الجائلين سرعان ما تحول الى معاكسة وتحرش بالفتاتين من قبل شبان آخرين بسبب ارتدائهما التنورتين القصيرتين، ووجهت الشرطة لهما تهمة الاخلال بالحياء العام ، حيث من المقرر أن تمثلا امام المحكمة يوم 6 (يوليو) تموز المقبل وهما في حالة سراح (إفراج).
&
وقبل أيام دخل موقع يوتيوب على الخط، اذ بث فيديو قصيراً يلخص ما جرى في أنه اعتقال فتاتين بسبب لباسهما "غير المحتشم"، الأمر الذي تفاعل معه رواد العديد من مواقع التواصل الاجتماعي، وعلا صوت الاحتجاج على اعتقال الفتاتين من قبل الشرطة، بدل حمايتهما من المتشددين. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، ذلك أن اعتقال الفتاتين أخذ ابعادًا أخرى عندما دخل معارضون ونشطاء وجمعيات حقوقية على الخط ايضا، ودعوا إلى تنظيم وقفات إحتجاجية ضد "الاعتداء على الحريات الفردية"، محملين حكومة عبد الاله بنكيران مسؤولية التراجع عن الحقوق والمكتسبات.
&
أبعاد الحدث
&
في غضون ذلك، قال صلاح الدين مزوار، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار ووزير خارجية المغرب، في تصريح مكتوب تلقى موقع "إيلاف" نسخة منه، إن "الحدث ينطوي على أبعاد في منتهى الخطورة، اذ يؤشر الى كون التشدد الديني الدخيل على ديننا وعلى بلادنا، يصر على فرض تصوره لشؤون الحياة على المواطنين"، واعتبر مزوار ذلك "شكلاً من أشكال الإرهاب الذي يهدد الحرية والحقوق التي يكفلها الدستور". كما اعتبره "تطاولاً على سلطة الدولة".
&
وعبر رئيس التجمع الوطني للأحرار عن "قلقه لتوالي مثل هذه الزوابع التي تخفي وراءها نزوعًا نحو نشر أجواء التطرف والخوف، تحت مبرر الأخلاق وتحويل المجتمع عن مسار الاهتمام بقضاياه الملحة"، مثل التعليم، والصحة، والتشغيل، والعدل، ووحدة التراب، التهديدات الخارجية"، منبهًا المغاربة الى ضرورة التزام اليقظة والتصدي لهذه الممارسات والأفكار الدخيلة، التي تقف وراء المآسي التي تعرفها منطقتنا في شمال أفريقيا والساحل والشرق الأوسط والخليج"، ودعا الجميع الى تحمل المسؤولية أمام هذه التطورات الخطيرة حفاظًا على استقرار البلاد وعلى طابع الوسطية والاعتدال الذي تعتبر مؤسسة أمير المؤمنين ضامنه الأول".&

التشويش على الحكومة
&
من جهته، دافع نبيل بن عبد الله الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، ووزير الإسكان وسياسة المدينة عن موقف الحكومة إزاء حادث المتابعة القضائية للفتاتين، مشيرًا الى وجود اجماع داخل الحكومة على أن ما حدث هو أمر غير مقبول، وقال إن رئيس الحكومة أجرى اتصالات فورية عقب اثارة هذه القضية التي تؤثر على سمعة البلاد في الخارج.
&
واتهم بن عبد الله احزاب المعارضة باستغلال قضية الفتاتين للتشويش على الحكومة، وتحويل الصراع بين الغالبية والمعارضة &الى صراع " سطحي و مهزوز عن الهوية "، منتقدًا إثارتها الجدل حول قضايا مفتعلة واهمالها القضايا الكبرى .
&
بينما عدّ حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية المعارض الحادث تهديدًا للمكتسبات التي حققها المغرب في مجال ترسيخ ثقافة الاعتدال والتسامح وقيم التعايش وحقوق الإنسان"، حسب ما جاء في بيان صادر عن الحزب.&
&
وفي الليلة قبل الماضية، تظاهر امام مقر البرلمان بالرباط عدد من النشطاء الحقوقيين وانصار احزاب المعارضة للتنديد بالمتابعة القضائية للفتاتين، ورفعت خلال الاحتجاج لافتات كتب عليها "تنورتي.. حريتي".