اعتبر قيادي ايراني معارض أن النظام الايراني يعيش ورطة حقيقية في مباحثاته مع الغرب حول برنامجه النووي، فتخليه عن البرنامج يعني هدر مليارات الدولارت من ثروات الشعب التي استنزفها لأجل امتلاك السلاح النووي والاصرار عليه يعني تصعيد المواجهة مع الغرب وتشديد العقوبات التي سيتضرر منها المواطنون الذين ستزداد نقمتهم ضد النظام وتدفعهم للانتفاض بوجهه.

لندن: في إجاباته على أسئلة "إيلاف"، خلال مؤتمر صحافي عبر الانترنت من مقر المجلس الوطني للمقاومة الايرانية "مجاهدي خلق" بضواحي باريس الليلة الماضية، اشار رئيس لجنة العلاقات الخارجية في المجلس محمد محدثين الى انه من الواضح الآن للجميع أن يوم "30 حزيران - يونيو" الثلاثاء، وهو الموعد المحدد للوصول الى اتفاق بين الغرب وايران حول برنامجها النووي، سينقضي من دون توقيع.

وأضاف أن الصعوبات الرئيسية في التوصل لاتفاق نووي بين الغرب وايران تكمن في أن حكام هذا البلد يعيشون ورطة في اتخاذ القرار اللازم بين التخلي عن برنامجهم النووي وبين رغبتهم في امتلاك القنبلة الذرية للاستمرار في سياساتهم العدوانية في المنطقة.

وأشار الى انه بعد 25 عامًا من بدء تنفيذ برنامجهم النووي، فإن حكام ايران يعيشون وضعًا صعبًا في الوقت الراهن فمن ناحية انهم لايستطيعون التخلي عن هذا البرنامج وخاصة في جانبه العسكري لأن هذا سيقود الى فوضى تعمّ النظام.. واذا وافقوا على صيغة توافقية مع الغرب للتخلي عن البرنامج فإن قوة خامنئي التي بناها على امتلاك نظامه للقنبلة الذرية ستضعف بين اوساط النظام، وهو ما سيرسم بداية النهاية لانهيار هذا النظام برمته.

وقال المسؤول الايراني المعارض إن الخيار الاصعب امام حكام ايران هو الاصرار تمامًا على التمسك ببرنامجهم النووي لأن هذا سيصعد المواجهة مع الغرب من ناحية، ثم مع الشعب الايراني الذي سيكون المتضرر الاكبر من استمرار الانفاق على البرنامج وتحمل تبعات العقوبات الاقتصادية التي سيوسع منها الغرب ضد ايران.

واشار محدثين الى انه مع كل هذه التداعيات، فإنه من الصعب القول الآن ماذا سيكون عليه قرار المرشد الاعلى خامنئي بصدد مطالب الغرب، ولذلك فإنه يصدر تعليماته الى مفوضيه بضرورة إطالة المفاوضات كسبًا للوقت ومحاولة تأجيل المواجهة الحتمية مع الشعب الايراني.

حكام طهران يحاولون تجنب إنتفاضة شعبية

وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في المجلس الوطني للمقاومة الايرانية إن ما صدم المفاوضين الغربيين خلال هذه الجولة من المحادثات هي حقيقة أن النظام الإيراني رفض العديد من الامور التي وافق& عليها في لوزان يوم 2 نيسان ابريل الماضي.

واضاف انه "صحيح أن النظام جاء الى طاولة المفاوضات بسبب العقوبات والضعف، الذي يعاني منه، ولكن السبب الرئيسي هو أن خامنئي قد سعى لتجنب انتفاضة شعبية عارمة أخرى في إيران وفي الوقت نفسه فإن النظام يريد ويحتاج للاسلحة النووية من أجل بقائه. وزاد: "دعونا لا ننسى أن الرئيس الايراني السابق علي أكبر هاشمي رفسنجاني قد قال في عام 1990 أن وجود الأسلحة النووية سوف يسهل تحقيق الهدف المتمثل في الهيمنة على المنطقة وتصدير الثورة".

وشدد محدثين على أن "خامنئي يريد أن يحافظ على البنية التحتية النووية للنظام سليمة، وبالتالي كرر علانية ثلاثة خطوط حمراء رئيسية له في خطاب ألقاه الأسبوع الماضي مستبعدًا تفتيشًا غير مشروط& على المواقع العسكرية للنظام.. والوصول إلى العلماء الايرانيين.. ووقف في الطاقة النووية R & D (البحث والتطوير). واوضح أن هذه خطوط حمراء ضمن أشياء أخرى كثيرة سابقاً، والتي نشرت على موقع خامنئي وتشير الى الوقوف على عكس ما كان النظام قد وافق&عليه في الاتفاق الإطاري في نيسان.

بناء الثقة بدلاً من الشفافية في المحادثات

وأشار محدثين إلى أن عدم وجود نظام للتعاون مع التحقيقات التي تجريها الوكالة الدولية للطاقة الذرية تؤكد أبعادًا عسكرية محتملة لبرنامج حكام ايران النووي وتؤشر أفضل علامة على أن النظام لم يتخلَّ عن سعيه للقنبلة نووية.&وأردف محدثين القول إنه في هذا الصدد يحاول النظام الإيراني تخصيص وصرف المحادثات عن قضية "الشفافية" وبدلاً من ذلك يسعى للترکيز على مناقشة قضية غامضة هي "بناء الثقة".

واضاف أن أي اتفاق نهائي يجب أن يغلق الطريق الإيراني إلى قنبلة نووية، ويجب أن تشمل خمسة معالم مهمة، وهي: "التوقيع والتصديق على البروتوكول الإضافي من قبل النظام الإيراني.. والوصول الكامل وغير المشروط لجميع المواقع الايرانية والعلماء النوويين.. والكشف الكامل للأنشطة الماضية.. والتعاون الكامل مع لجنة التحقيق الوكالة في هذه المسألة.. وكذلك إزالة كل اليورانيوم المخصب من الأراضي الإيرانية.. وحذر من أن الحديث عن تخفيف العقوبات قبل أن يتم تأمين هذه الخطوات سيكون في غير محله.

منع النظام الايراني من امتلاك أسلحة نووية

ورداً على سؤال عن كيفية منع النظام الإيراني من امتلاك أسلحة نووية، أكد محدثين أن المرشد الأعلى للنظام يستفيد حاليًا من سياسة ضعيفة وغير واضحة من قبل الحكومات الغربية وخاصة من قبل الولايات المتحدة لاستحصال تنازلات& أکثر منها، في حين تواصل طهران برنامجها للاسلحة النووية.

&وأضاف انه في الواقع من المستحيل توقف نظام الملالي عن السعي للحصول على سلاح نووي دون معالجة الركنين الآخرين في استراتيجية بقاء النظام وهما: دعم للأصولية والإرهاب والقمع الداخلي. واوضح قائلاً إنه في هذا الصدد "فإن النزاع بين مختلف أجنحة النظام ليس بسبب طبيعتها المختلفة.. لا، التوتر الداخلي هو نتيجة مباشرة لضغوط من قاع المجتمع المدني مع المعارضة المتنامية ضد النظام وسعيه للحصول على مشروع نووي أن الشعب الإيراني لا يريد لأن هذا البرنامج قد أدى فقط إلى زيادة الفقر والبؤس". وشدد على" ضرورة اتباع سياسة حازمة ضد النظام الايراني منذ أن تم تفسير السلسلة الحالية من التنازلات من قبل الملالي باعتبارها علامة على الضعف".

وحول ما يمكن لدول المنطقة القيام به لوقف نظام التسلح النووي في إيران، قال محدثين "بالطبع دول المنطقة ليست جزءًا من هذه المفاوضات النووية ولكنها تلعب دورًا هامًا وتحتاج إلى إقناع الغرب&وبخاصة الولايات المتحدة بتبني سياسة أكثر صرامة ضد النظام الإيراني لأن جانبًا من الشعب الإيراني&وشعوب المنطقة تعاني كثيرًا من إعتداءات و تجاوزات النظام في المنطقة ومن دعمه للإرهاب".

يذكر أن تمديد المفاوضات بين إيران ودول 5+1 في فيينا حول الملف النووي الإيراني حتى الشهر المقبل قد اثار موجة تشاؤم بسبب عدم تذليل عقبات تعيق التسوية المطلوبة لعقد هذا الاتفاق.

وقال وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند أمس إن عدم التوصل إلى اتفاق أفضل من التوصل إلى اتفاق سيئ مع إيران، وأوضح أن هناك مشاكل جدية تنتظر حلًا من أجل الوصول إلى اتفاق، "وهناك خطوط حمراء تُعيق انتقالنا إلى المرحلة التالية، وعلينا جميعًا أن نتخذ قرارات وخيارات صعبة للغاية".

وتجري إيران ومجموعة 5+1 في العاصمة النمساوية فيينا مفاوضات رامية للتوصل لاتفاق نهائي بخصوص البرنامج النووي لطهران منذ التوصل إلى اتفاقية إطار بين الطرفين في 2 نيسان (أبريل) الماضي.
وتعترض سير المفاوضات عقبات كبيرة على رأسها رفض إيران تفتيش منشآتها العسكرية، ورفض الغرب رفع العقوبات الاقتصادية فورًا.
&