تشهد الاتصالات بين ايران والولايات المتحدة الأميركية، كثافة غير مسبوقة، ضمن اطار المحادثات حول الملف النووي، إلا أن هذا التقارب لم يؤدِ بعد إلى إعادة العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين.

فيينا: بالرغم من خلافهما المستمر منذ 35 عاماً، سجلت وتيرة الاتصالات بين ايران والولايات المتحدة خلال العشرين شهرًا الماضية كثافة غير مسبوقة في اطار المحادثات حول الملف النووي الايراني، تصل الى ذروتها هذا الاسبوع، الامر الذي اعتبر من المفارقات الايجابية في هذا الملف.
&
ومع ان النعوت والشتائم المتبادلة عن "الشيطان الاكبر" و"محور الشر" لم تعد مستخدمة كما كانت عليه في السابق، فإن البلدين لم يعيدا رسميًا بعد العلاقات الدبلوماسية المقطوعة منذ العام 1980. حتى ان هتافات "الموت لاميركا" علت في البرلمان الايراني الاسبوع المنصرم.
&
واعلنت واشنطن من ناحيتها مؤخرًا إبقاء ايران على قائمة "الدول المساندة للارهاب" الدولي، كما انتقدت الجمهورية الاسلامية لتجاوزاتها في مجال احترام حقوق الانسان.
&
تكثيف اللقاءات
لكن منذ اول لقاء تاريخي في ايلول (سبتمبر) 2013 في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، كثف وزير الخارجية الاميركي جون كيري ونظيره الايراني محمد جواد ظريف مع فريقيهما اللقاءات من جنيف الى فيينا مرورًا بلوزان.
&
ووصفت علاقاتهما بـ"الودية"، كما اصبحت اللياقات وحسن التصرف عادية بينهما: حيث توجه تهنئة لمولود جديد أو عيد ميلاد، وتقدم التعازي لفقدان قريب وتوجه امنيات بالتعافي لدى أي توعك صحي.
&
والتقارب الانساني وليس السياسي -حتى اشعار آخر- هو الذي يقلق بعض الحلفاء التقليديين للولايات المتحدة في الشرق الاوسط، بدءًا باسرائيل والسعودية، اللتين تخشيان تنامي نفوذ ايران الشيعية على الساحتين الاقليمية والدولية.
&
عرقلة الاتفاق
كما ان عودة البلدين الى طاولة المفاوضات بهدف التوصل الى اتفاق نهائي حول الملف النووي الايراني، الذي يسمم العلاقات الدولية منذ اثنتي عشرة سنة، تثير ايضًا غضب المحافظين والمتشددين لدى الجانبين.
&
ففي الولايات المتحدة يتربص صقور المعارضة الجمهورية لادارة الرئيس الديموقراطي باراك اوباما لتعقيد أي اجراءات لرفع محتمل للعقوبات المفروضة على ايران، وحتى لتبني عقوبات جديدة عند الاقتضاء.
&
كذلك يتعرض ظريف من ناحيته بانتظام لانتقادات اتباع الخط المتشدد في ايران، لكنه حصل الثلاثاء على دعم قيم من المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي في تغريدة يصفهما، هو وفريقه، بـ"الشجعان" و"الجديرين بالثقة".
&
خطوط حمراء
لكن آية الله خامنئي ذكر مرارًا بـ"الخطوط الحمراء" الواجب الالتزام بها في التفاوض، كما ذكر بأن التفاوض لا ينبىء بالضرورة بتقارب اشمل بين البلدين.
&
وقال في نيسان (ابريل) "إن المفاوضات مع الولايات المتحدة تتناول الملف النووي ولا شيء آخر". لكنه اضاف "ان تخلي الطرف الآخر عن أي مقاربة ملتوية سيتيح تكرار هذه التجربة على مسائل أخرى".
&
وصرح مسؤولون اميركيون أن مصير السجناء الاميركيين في ايران والنزاعات في العراق وسوريا واليمن مسائل تم بحثها على هامش المفاوضات النووية.
&
لكنّ "بين الولايات المتحدة وايران عقودًا من العداء والريبة"، على ما ذكر مسؤول اميركي كبير، مشيرًا بشكل خاص الى الصدمة التي خلفتها في الولايات المتحدة عملية احتجاز 52 دبلوماسيًا ومواطناً اميركياً خلال 444 يومًا في 1979-1980 في السفارة الاميركية بطهران.
&
وخلص هذا المصدر الى القول إن الجهود التي تبذلها القوى العظمى وايران للتوصل الى اتفاق نووي نهائي في الايام المقبلة في فيينا "مضنية للغاية"، وتمثل "قرارًا كبيرًا جداً جداً جداً للجميع"، بمعزل عن المصافحات والتمنيات بالعام الجديد.
&