القاهرة: بعد عامين على اطلاق حملته العسكرية، لم يتمكن الجيش المصري بعد من طرد جهاديي تنظيم الدولة الاسلامية من سيناء، شبه الجزيرة المضطربة تاريخيا حيث يستفيد الجهاديون من جغرافية المنطقة ودعم جزء من السكان.

واثبت التنظيم الجهادي الاربعاء قدرته على التحرك عند شنه سلسلة هجمات غير مسبوقة على مواقع للجيش، اسفرت عن مقتل 70 شخصا في بلدة الشيخ زويد في شمال سيناء بحسب مسؤولين، فيما اعلن الجيش مقتل 17 جنديا و100 جهادي.

وسلسلة الاعتداءات هذه هي الاضخم منذ بدء الهجمات التي اسفرت عن مقتل مئات الجنود والشرطيين منذ عزل الجيش المصري للرئيس الاسلامي محمد مرسي في 2013. واعتبر ماتيو غيدير الاختصاصي الفرنسي في الحركات الجهادية ان هذه الهجمات "غير مسبوقة سواء على مستوى كثافتها وعددها وقوتها الضاربة".

واضاف ان "الجيش المصري غير جاهز لمواجهة حرب عصابات اسلامية شديدة التنظيم ينفذها عناصر مدربون جيدا".

في الاشهر الاخيرة تبنت حركة انصار بين المقدس الهجمات الاكثر دموية في سيناء، وهي جماعة اعلنت ولاءها لتنظيم الدولة الاسلامية في تشرين الثاني/يناير ويقودها رجل الدين الغامض ابو اسامة المصري.

وتضم الجماعة حوالى 2500 مقاتل في سيناء، "من بينهم اكثرية كبيرة من المصريين" بحسب غيدير.

واضاف استاذ الجغرافيا السياسية العربية في جامعة تولوز ان "المنظمة تنمو بسرعة. ففي العام الفائت لم تكن تعد اكثر من الف مقاتل". وتابع "من الجلي ان مقاتلين مصريين عادوا من الجبهتين السورية والعراقية وينقلون خبرتهم القتالية الى الاخرين".

وشبه جزيرة سيناء التي تبلغ مساحتها حوالى 60 الف كلم مربع بين المتوسط والبحر الاحمر، لطالما كانت ارض نزاع، ولا سيما مع اسرائيل، قبل اعادتها الى مصر في 1982. بعد ذلك طورت مصر فيها السياحة حول منتجع شرم الشيخ على البحر الاحمر. وادت سلسلة هجمات في المنطقة الى مقتل حوالى 70 شخصا في تموز/يوليو 2005.

واشار مايكل وحيد حنا من مركز ذا سنتشوري فاونديشن الاميركي للدراسات ان "العزلة السياسية لسيناء شكلت عاملا رئيسيا اجاز توسع التمرد فيما ساهمت الجغرافيا في تعزيز الحركات الجهادية".

ويستفيد الجهاديون الذين ينتمون باغلبيتهم الى قبائل من سيناء تؤكد تعرضها للتهميش والتمييز في سياسات القاهرة، من التضاريس الجبلية في سيناء واعلاها 2642 م. وتتزود الجماعات المسلحة بالاسلحة بشكل خاص من "الاسواق السوداء في السودان وتشاد والنيجر" بحسب غيدير.

كما ان الاجراءات التي اتخذها الجيش المصري منذ عامين بعيدة جدا عن انهاء العنف. فبعد هجوم دام في تشرين الاول/اكتوبر فرضت حال الطوارئ ومنع للتجول في جزء من شمال سيناء قرب الحدود مع قطاع غزة الفلسطيني.

كما بدا الجيش بناء منطقة عازلة على طول هذه الحدود، ما استدعى طرد حوالى الف عائلة من منازلها. واعتبر زاك غولد الخبير في مجموعة الابحاث الاميركية "امريكان سيكيوريتي بروجكت"، ان هذه الاجراءات "تؤثر سلبا على المدنيين اكثر مما تطال الجهاديين".

&وراى حنا ان الاخفاقات المتكررة للسلطات امام التمرد تلقي بظلها على وعود الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قائد الجيش السابق الذي اطاح بمرسي ويطرح نفسه بانه درع ضد "الارهاب" وتعهد اعادة الامن الى البلاد.

واضاف الخبير "لكن على المدى القصير"، هذه الهجمات "ستعزز الدعم الشعبوي للاجراءات القمعية" في شمال شبه الجزيرة، على ما توقع.