أثارت تصريحات دونالد ترامب ضد المكسيكيين عاصفة من الاستياء، يستثنى منها الديمقراطيون الذين وجدوا في ترامب وتصريحاته العنصرية هبة من السماء.

إعداد عبد الاله مجيد: في وقت يسعى الحزب الجمهوري إلى كسب الناخبين الاميركيين من أصل لاتيني، فتح الملياردير دونالد ترامب، أحد مرشحي الحزب الرئيسيين للانتخابات الرئاسية، معركة معهم تهدد بنسف جهود الحزب لاستمالة اصوات هذه الشريحة الواسعة من الأميركيين.

وكان ترامب، الذي حقق ثروته في قطاع العقارات، اطلق تصريحات استفزازية عن المهاجرين المكسيكيين، قائلًا إنهم من مهربي المخدرات والمجرمين والمغتصبين. وكرر هجومه بعد أيام قائلاً إنه سيعمل في حال فوزه بالرئاسة لبناء جدار فاصل على طول الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك.

كسب شعبية واسعة

أثارت هذه التصريحات موجة غضب واستياء بين ذوي الأصول اللاتينية، ودفعت شركات متعددة إلى قطع علاقاتها التجارية بترامب وانهاء تعاملها معه.

ولعل الأهم من ذلك كله أن مواقفه تهدد سمعة الحزب الجمهوري نفسه، الذي ما زال في مرحلة اعادة تجميع قواه وزيادة رصيده الشعبي بعد خسارته الانتخابات الرئاسية عام 2012. لكنّ مراقبين يلاحظون أن ترامب، رغم هذه الحركات الاستعراضية لإبقاء الأضواء مسلطة عليه، وربما بسببها، كسب شعبية رفعته إلى المركز الثاني بين المتنافسين على الفوز بترشيح الحزب الجمهوري، كما اظهرت استطلاعات أُجريت أخيرًا لقياس قوة المتنافسين قبل الانتخابات التمهيدية في ولايتي هامبشر وآيوا.

وأظهر استطلاع اجرته جامعة كوينيبياك أن ترامب يتنافس في نيو هامبشير على المركز الثاني مع بين كارسون، فيما يتبوّأ سكوت والتر حاكم ولاية ويسكنسون المركز الأول. وفي ولاية آيوا، اظهر استطلاع اجرته شبكة سي أن أن الأميركية أن ترامب يأتي ثانيًا بعد حاكم فلوريدا السابق جيب بوش.

انتهاز ديمقراطي

في هذه الأثناء، تعمل هيلاري كلنتون والحزب الديمقراطي على تصوير ترامب وكأنه الوجه الحقيقي للحزب الجمهوري، الذي ما زال من دون قيادة، ولديه مرشحون متنافرون لا يتصدرهم أحد. وقال مخطط الحملات الانتخابية في الحزب الديمقراطي بول بيغالا، الذي يعمل الآن مستشارًا في لجنة العمل السياسي لدعم ترشيح كلنتون، أن ترامب جاء "هبة من السماء" للحزب الديمقراطي.

وتقود كلنتون حملة الحزب الديمقراطي للايحاء بأن ترامب هو الحزب الجمهوري، مستحضرة تصريحاته عن المهاجرين المكسيكيين في فعالياتها الانتخابية. ويُلاحظ أن كلنتون لا تذكر ترامب بالاسم في تكتيك يهدف إلى ربط آرائه ومواقفه بمرشحي الحزب الجمهوريين الآخرين.

واعلنت كلنتون في اجتماع حاشد في شمال فرجينيا الاسبوع الماضي "أن مرشحًا جمهوريًا للرئاسة وصف المهاجرين بأنهم تجار مخدرات ومغتصبون ومجرمون". واضافت: "على الأرجح لم يلتقِ أحدًا منهم يومًا، ولم يتوقف ليسأل ملايين يحبون هذا البلد ويكدون في عملهم ولا يريدون أكثر من فرصة لبناء حياة أفضل لهم ولأطفالهم عن حياتهم".

لن يعتذر

تلقف ديمقراطيون آخرون تصريحات ترامب لتوظيفها ضد الجمهوريين، وقال وزير الاسكان والتنمية الحضرية جوليان كاسترو، الذي ينحدر من اصول مكسيكية مهاجرة، أن ترامب يهين المكسيكيين، "وانه سيكون في هذه الحملة وجه الحزب الجمهوري من نواحٍ متعددة لأن اسمه أبرز الأسماء بينهم، وهذه طريقة غبية جدًا لبدء حملة انتخابية".

واعترف الحزب الجمهوري بالأضرار التي يتكبدها جراء مواقف ترامب. ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن رئيس اللجنة الوطنية للحزب رينسي بريباس قوله إن تصريحات ترامب "لا تساعد" جهود الحزب للوصول إلى ناخبين أكثر تنوعًا. ولكنه اضاف: "نحن لا ننتقي ونختار من يرشح ومن لا يرشح".

وشجب عدد متزايد من مرشحي الحزب الجمهوري أو الذين من المرجح أن يعلنوا ترشيحهم، تصريحات ترامب ضد المهاجرين. لكنّ آخرين اعربوا عن تأييدهم له، بينهم المرشح الرئاسي المدعوم من حزب الشاي تيد كروز عضو مجلس الشيوخ عن ولاية تكساس، الذي قال إن ترامب يجب ألا يعتذر، "لأنه يقول الحقيقة".