في وثيقة سرية من العام 1983، وصف دبلوماسي بريطاني رئيسة الحكومة البريطانية الراحلة مارغريت تاتشر بأنها متزلفة و"حريصة على الملوك أكثر من المواطنين".&


وصف دبلوماسي لم يكشف عن هويته رئيسة الوزراء البريطانية الراحلة مارغريت تاتشر بأنها كانت "متزلفة لملوك الخليج"، بعد أن اعتذرت للملك السعودي آنذاك فهد بن عبد العزيز عن خطأ لم ترتكبه هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي).
&
تعقدت المسألة
&
المشكلة بدأت عندما بثت اذاعة بي بي سي تقريرًا يشير إلى أن المملكة العربية السعودية تسيء معاملة الحجاج الايرانيين، ما أثار غضب الملك فهد وأدى إلى اعتراضات عدة. لكن رغم أن الإذاعة البريطانية لم تخطئ حينها، أصرت تاتشر على الاعتذار والتزلف.
&
هذا التعليق، الذي ورد في ملف لوزارة الخارجية تم الافراج عنه في الأرشيف الوطني في كيو يوم الجمعة، كشف عن تفاصيل الخلاف بين إدارات "وايت هول".
&
الملف الذي حمل علامة "سري"، فتح في أيلول (سبتمبر) 1983 عندما قدم السعوديون احتجاجات رسمية في لندن وجدة على التقرير الذي أثار انتقادات واسعة في وسائل الإعلام السعودية.
&
السير جيريمي غرينستوك، سفير بريطانيا لدى المملكة العربية السعودية آنذاك، أبرق إلى لندن قائلًا: "تعقدت القضية أكثر بسبب اعتراف صامت من قبل وزير الداخلية أمس بأن هناك حادثة وقعت في المدينة المنورة يوم 5 أيلول (سبتمبر)".
&
وهذا أدى إلى تصاعد النزاع، إذ صدر بيان سعودي رسمي يقول إن هيئة الإذاعة البريطانية تستمر في نقل ونشر أخبار مؤلمة تهين الأماكن المقدسة في الدول العربية والإسلامية، "خصوصًا بعد أن تولى رئاسة هيئة الاذاعة البريطانية صهيوني معروف بعدائه الصريح والواضح لكل ما هو عربي وإسلامي ".
&
النبرة غير مرضية
&
السير جيفري هاو، وزير الخارجية آنذاك، أخبر غرينستوك: "الصمت من جانبنا يشجع السعوديين على إصدار مزيد من البيانات التي تتضمن هذا النوع من الهراء حول الرئيس الجديد لمجلس محافظي بي بي سي، السيد ستيوارت يونغ. يجب أن نعاقبه بطريقة ما".
&
في أكتوبر (تشرين الأول)، اتصل الملك فهد بـ 10 داوننغ ستريت للتعبير عن غضبه. وطُلب من وزارة الخارجية صياغة رد رسمي، لكن رئيسة الوزراء لم تكن راضية عن نبرة الرسالة.
&
بناء على ذلك، أرسل السكرتير الخاص بتاتشر مذكرة لوزارة الخارجية تقول إن "رئيسة الوزراء تعتبر أن الرد المقترح لا يناسب المسألة، وهي تعتقد بأننا يجب أن نقول إننا نشعر بالانزعاج بسبب الخطأ في التعامل مع الحادثة، وإننا نأسف لذلك. وهي تعتقد أيضًا أن الدفاع عن بي بي سي ليس مهمتنا، بالرجوع إلى استقلالها التحريري".
&
النتيجة كانت نصًا منقحًا من تاتشر للملك فهد، يقول ما يأتي: "أقلقني الخبر غير الدقيق الذي نقلته هيئة الاذاعة البريطانية يوم 6 أيلول (سبتمبر) باللغتين الفارسية والعربية. انه أمر مؤسف".
&
وأضافت الرسالة: "أنا وجميع زملائي نعلق أهمية قصوى على الصداقة والتعاون مع المملكة العربية السعودية، ونتمنى من جلالتكم أن لا يعكر هذا الخطأ صفو هذه العلاقة. لقد ألحقت بي بي سي تقريرها فورًا ببيان الحكومة السعودية الذي يكذب الخبر وينتقد دقته".
&
حريصة على الملوك
&
في مذكرة مكتوبة بخط اليد، كتب مسؤول وزارة الخارجية في قسم الشرق الأوسط: "الدرس الذي نستقيه هنا هو أن تاتشر حريصة على الملوك وليس على البشر. أعتقد أن هذه الرسالة تثبت ذلك بوضوح".
&
في الشهر التالي، زار دوغلاس ماغريدج، العضو المنتدب للخدمات الخارجية في بي بي سي، مقر وزارة الخارجية. وقال حينها: "يبدو أن السعوديين تعافوا من غضبهم. السير دود، مسؤول الخدمات الخارجية لدى بي بي سي، دعا أخيرًا السفير السعودي الذي بدوره اعتذر منه عن الضجة التي نجمت عن المسألة".
&
يشار إلى أن ماغريدج كان يشعر بالقلق من أن الدول العربية تنتقد انتاج بي بي سي بشكل عشوائي لأن رئيسها كان يهوديًا، وليس بسبب البرامج والأخبار التي لا يحبون مضامينها.