يقول الخبراء في تونس إنّ إعلان الرئيس الباجي قائد السبسي حالة الطوارىء يوم السبت، يعني أنّ البلاد تعيش على وقع خطر داهم، لم تكشف السلطات تفاصيله، لكن إعلان "الحالات الاستثنائية"- كما يسميها الدستور الجديد-، سيمنح الحكومة المزيد من الصلاحيات لضبط الأمن والاستقرار.


إسماعيل دبارة من تونس: يأتي اعلان حالة الطوارئ في تونس يوم السبت، مع استمرار التهديدات التي تواجهها الديمقراطية الوليدة في تونس من جماعات إسلامية متشددة تنشط داخل البلاد وبعضها يخطط ويرسل المنفذين من ليبيا.

وتمنح حالة الطوارىء لفترة مؤقتة صلاحيات أكثر للحكومة ونفوذا أكبر للجيش والشرطة وتمنع اي تجمعات او مظاهرات واحتجاجات. وتسمح حالة الطوارىء للجيش بالانتشار في المدن، فماذا يقول القانون التونسي؟

الطوارئ حسب الدستور

ينص دستور تونس الذي تمت المصادقة عليه في 26 يناير 2014 على صلاحيات مسندة لرئيس الجمهورية بخصوص إعلان الحالات الاستثنائية وذلك ضمن الفصل 80 من الدستور.

وينص الفصل 80 على ما يلي:

"لرئيس الجمهورية في حالة خطر داهم مهدد لكيان الوطن أو أمن البلاد أو استقلالها، يتعذٌر معه السير العادي لدواليب الدولة، أن يتخذ التدابير التي تحتمها تلك الحالة الاستثنائية، وذلك بعد استشارة رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب وإعلام رئيس المحكمة الدستورية، ويعلًن عن التدابير في بيان إلى الشعب.

ويجب أن تهدف هذه التدابير إلى تأمين عودة السير العادي لدواليب الدولة في أقرب الآجال، ويعتبر مجلس نواب الشعب في حالة انعقاد دائم طيلة هذه الفترة. وفي هذه الحالة لا يجوز لرئيس الجمهورية حلٌ مجلس نواب الشعب كما لا يجوز تقديم لائحة لوم ضد الحكومة.

وبعد مضيٌ ثلاثين يوما على سريان هذه التدابير، وفي كل وقت بعد ذلك، يعهد إلى المحكمة الدستورية بطلب من رئيس مجلس نواب الشعب أو ثلاثين من أعضائه البتٌ في استمرار الحالة الاستثنائية من عدمه.

وتصرح المحكمة بقرارها علانية في أجل أقصاه خمسة عشر يوما.وينهى العمل بتلك التدابير بزوال أسبابها.

ويوجه رئيس الجمهورية بيانا في ذلك إلى الشعب".

السبسي يخاطب الشعب

وبالفعل، التزم الرئيس التونسي بما يفرضه الدستور، ووجه كلمة للعشب التونسي مساء السبت.

وأعلن السبسي عبر التلفزيون الرسمي "استمرار وجود تهديدات يجعل البلاد في حالة حرب من نوع خاص يتعين تسخير كافة امكانيات الدولة والاجراءات اللازمة".

بيان الطوارئ

قام الرئيس السبسي بتلاوة نص بيان يتعلق بقرار إعلان حال الطوارئ لمدة شهر خلال الفترة من 4 يوليو الجاري إلى 2 أغسطس المقبل، وفيما يلي نصّ البيان:

"إن الظرف الاستثنائي الذي تمر به البلاد إثر العملية الإرهابية الأخيرة، واستمرار وجود تهديدات، يجعل البلاد في حالة حرب من نوع خاص، حيث أن الإرهاب يرمي إلى تقويض نظام الدولة ومؤسساتها، ومصادرة ممارسة الحرية، والاعتداء على قيم المجتمع ونمط عيشه الجماعي والمشترك، وهو ما يقتضي تسخير كافة إمكانيات الدولة لدحر هذه الآفة، واتخاذ كافة التدابير الضرورية، لا فحسب للتصدي للتهديدات الإرهابية، وإنما كذلك للتوقي منها ضمانا لأمن البلاد الداخلي، وحفظا للأرواح ولأمنها الخارجي، باعتبار أن الإرهاب أضحى عابرا للحدود، لذا نعلن عن حالة الطوارئ بكامل تراب الجمهورية".

سجال الحريات

عاش التونسيون ثلاثة أعوام في ظل حالة الطوارىء التي اعلنت في كانون الثاني/يناير 2011 قبيل فرار الرئيس الاسبق زين العابدين بن علي في غمرة الثورة التي اطاحت به. وتم تمديد هذا التدبير من دون توقف قبل ان يرفع في اذار/مارس 2014.

واعلان حالة الطوارىء يمنح قوات الشرطة والجيش سلطات استثنائية ويتيح للسلطات خصوصا حظر الاضرابات والاجتماعات التي من شانها التسبب بالفوضى.

كما يجيز للسلطات تنفيذ عمليات دهم للمنازل ليلا ونهارا واتخاذ كل التدابير لضمان مراقبة الصحف والمنشورات على انواعها.

لكن اعلان حالة الطوارىء بعد اكثر من اسبوع على اعتداء مرسى القنطاوي اثار تساؤلات.

وتساءل المحلل التونسي المستقل سليم خراط "لماذا بعد ثمانية ايام؟ هل ثمة معلومات جديدة عن اعتداء جديد؟ وكيف سيطبق الاجراء على الارض؟".

ونبه - كما نقلت عنه (فرانس برس) الى ان "حالة الطوارىء قد تكون اداة قمع بامتياز. هذا يتوقف على الارادة السياسية".

لكن المتحدث باسم الرئاسة معز السيناوي حرص على التذكير بان البلاد عاشت لاكثر من ثلاثة اعوام في ظل حالة الطوارىء. وقال "في الظروف الاستثنائية تتخذ اجراءات استثنائية. لكن ذلك سيتم ضمن احترام القانون ولفترة محددة".