تبدو الأزمة اليونانية عصية على الحل، لكنها غير عصية على الفهم، يجملها هذا التقرير في الاجابة عن تسعة اسئلة يتحرج المواطن العادي عن طرحها.

بيروت:&& 25% هو معدل البطالة الذي وصلت اليه اليونان بسبب الإجراءات التقشفية، التي تفرضها عليها&أوروبا، حتى&تتمكن من سداد ديونها، والتي تسببت ايضًا&في انخفاض مستوى المعيشة،&الذي جعل&4 من بين كل 10 أطفال يونانيين تحت خط الفقر.

وفي خلال الأسبوع الماضي، سحب اليونانيون ثلث ما كان في أجهزة الصراف الآلي من أموال، في محاولة يائسة لسحب أكبر قدر ممكن من المال قبل انهيار المصارف التي أغلقت أبوابها، تنفيذًا لقرار مصرف اليونان المركزي.

بلغت أزمة اليونان المالية ذروتها، وهي، اليوم، تقفز إلى مرحلة أخرى بانتظار نتائج استفتاء اليوم، بين أنصار القبول بشروط الدائنين ومعارضيها. لكن هذه الأزمة ليست بنت ساعتها، ولم تحدث لأن حكومة اليونان بددت المال بإنفاق مفرط يتجاوز مواردها فحسب، فأوروبا كلها شريكة في الجرم اليوناني. لذا، طرح موقع ڤوكس الالكتروني أسئلة قد يجد القارئ غير المتبحر في الاقتصاد من طرحها، لكنها تجمل الأزمة كلها.

1. ما هي الأزمة؟

يشرح موقع ڤوكس جذور الأزمة اليونانية بردها إلى الأزمة المالية العالمية في العام 2008، إذ تسببت هذه الأزمة في حصول فجوة في ميزانية اليونان، التي لم تكن تتحلى بوضع اقتصادي جيد. أقرضها الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي في العام 2010 أموالًا لتخرج من أزمتها شرط أن تشد الحزام، وتقنن النفقات، وترفع الضرائب، وهي تدابير رفعت نسبة البطالة وخفضت مستوى معيشة اليونانيين. فوقع هؤلاء بين خيارين: إما أن يتحمل التقشف القاسي بسبب الديون، أو أن يرفضوا شروط الدائنين ويتركوا منطقة اليورو، من دون أن يسددوا ما اقترضوه.

حاولت القيادة الجديدة المنتخبة في كانون الثاني (يناير) الماضي أن تخفف الإجراءات التقشفية بالتفاوض مع الدائنين، لكن ضعف نفوذ اليونان حال دون ذلك، كما خشي المسؤولون الأوروبيون أن تتشجع دول أخرى متعثرة، مثل إسبانيا والبرتغال وأيرلندا، فتطلب الطلب نفسه إن لمسوا تهاونًا أوروبيًا مع اليونان. لذا، حددت الحكومة 5 تموز (يوليو) لإجراء استفتاء بشأن الموافقة على إجراءات التقشف أو رفضها، وبالتالي الخروج من منطقة اليورو.

2. لماذا تقسو منطقة اليورو على اليونان؟

بحسب ڤوكس، عندما انضمت اليونان إلى منطقة اليورو في العام 2001، كان اقتصادها منتعشًا. لكن بعد أزمة 2008 تغيّر الأمر، وعانت دول أوروبا جميعًا من نكسة اقتصادية، لكن اليونان كانت من أكثر تلك الدول فقرًا ومديونية، فواجهت تداعيات كبيرة.

ورغم أن اليونان كانت قادرة على تعزيز اقتصادها ذاتيًا من دون الاستعانة بمنطقة اليورو بطبع المزيد من الدراخما، أي عملتها الوطنية، ما كان سيشجع الاستثمار ويسهل سداد الديون. إلا أن ذلك لم يحصل بسبب اعتمادها عملة اليورو.

وفي الأعوام الخمسة السابقة، تفاوضت اليونان مع دائنيها، أي المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي، لحل أزمة الديون، لأن الإجراءات التقشفية القاسية أضرت بالاقتصاد اليوناني كثيرًا، فعجزت الحكومة اليونانية عن جمع الأموال اللازمة لتسديد الديون المستحقة عليها.

3. هل أوروبا سبب الأزمة؟

كانت أوروبا سبب الأزمة المالية التي تعيشها اليونان، لكن اليونان ليست بريئة. فاليونان كانت تقترض أموالًا أكثر مما كانت تعلنه في تقاريرها، ما يعني أنها كانت تعاني عجزًا وتصاعدًا في الديون. كان تهرب اليونانيين من دفع الضرائب - وما زال - مشكلة كبيرة. وأظهرت دراسة صادرة في العام 2012 أن دخل المواطن اليوناني يزيد بنسبة 92 في المئة عن الأرقام التي يكشفها للجهاز الضريبي، ما تسبب في ازدياد عجز الميزانية. لكن تبقى الأزمة المالية العالمية العامل الأكبر في الانهيار اليوناني. ورغم الاعتراف بسوء إدارة ميزانية اليونان، يجب عدم إغفال حقيقة أن البنك الأوروبي اتخذ إجراءات تحمي دول الشمال الغنية، رغم أنها تضر بدول الجنوب الفقيرة.

4. كيف تعاملت اليونان مع الأزمة حتى الآن؟

بحسب ڤوكس، حاولت القيادة اليونانية الجديدة التفاوض لتخفيف الإجراءات التقشفية من دون جدوى. ومنذ شباط (فبراير)، وافقت هذه القيادة على العديد من التسويات فتخلوا عن وعودهم بزيادة الحد الأدنى للأجور لمد مهلة تسديد الديون أربعة أشهر.

وأعلنت اليونان أنها لن تدفع ديونها لصندوق النقد الدولي، فقالت وكالات التصنيف الائتمانية بأن ذلك يخيف المستثمرين، وسيسفر عن نتائج لا تحتاجها اليونان حاليًّا، إلا أنها تعفيها من الديون.

5. لماذا تفرض أوروبا التقشف على اليونان إن كان جزءًا من المشكلة؟

يدفع صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي بعض الأموال التي يقرضها الأوروبيون لليونان. إلا أن الجزء الأكبر منها يأتي من الضرائب التي يدفعها مواطنون أوروبيون، وخصوصًا الألمان. وهذا يضع أوروبا في موقف حرج، إذ لا تريد انهيار اليونان التي تؤمن بالمشروع الأوروبي، ولا تريد انقسامًا في منطقة اليورو كي لا يتشجع المزيد من الدول على الخروج، ولا ترى في إعطاء أموال الضرائب لليونان عدلًا.

وتتصرف أوروبا، وخصوصًا ألمانيا، وفقًا لمصالحها. فسياسات البنك المركزي الأوروبي النقدية تناسب ألمانيا، التي لا تهتم بالسياسات التي تضغط على اليونان.
ورغم أن ألمانيا قابلة أن تعوض اليونان عن تلك السياسات بمنحها أموالًا تساعدها على التقاط أنفاسها، فإنها لن تفعل ذلك، لا هي ولا حلفاؤها، لإيمانها بأن اليونان أخطأت وعليها أن تدفع الثمن، خصوصًا أن المعروف عن اليونانيين عدم اكتراثهم لأزمات الدول الأخرى.

6. لماذا تفرض اليونان قيودًا على المصارف؟

تفرض حكومة اليونان قيودًا رأسمالية على المصارف في مسعى لاحتواء الأزمة، فأقرت 60 يورو يوميًا سقفًا أقصى لسحب الأموال من أجهزة الصراف الآلي لكل حساب مصرفي، ومنعت تحويل الأموال خارج البلاد من دون موافقة وزير المالية، وذلك كي لا تتعطل قدرة البلاد على الاقتراض، والوقوع في أزمة مالية جديدة.

7. هل ترك منطقة اليورو خيار اليونان الأخير؟

إذا تمسكت أوروبا بشروطها، ترك اليونان منطقة اليورو هو خيارها الأفضل، إذ سيمهد ذلك الطريق أمام نمو اليونان الاقتصادي خلال العقد المقبل، إذ سيكون لليونان سياستها النقدية المستقلة، فتتمكن من تعزيز الصادرات.

لكن على المدى القصير الطريق صعب، وهناك حاجة لفرض المزيد من القيود الرأسمالية للحفاظ على وجود أموال في البنوك، وإلا ستحدث كارثة مالية وستفتح الطريق للتضخم.

8. ماذا سيحدث الآن؟

إذا صوتت اليونان اليوم لصالح قبول إجراءات التقشف، تستمر في فرض القيود الرأسمالية، ومن الممكن الاعلان عن وجود عملتين رسميتين لملء المصارف بأموال العملة الأخرى. وإذا رفضت، يتوقف البنك المركزي الأوروبي عن إقراض اليونان، فتكون "دراخما" عملة موازية لليورو، أو تحل محل اليورو بشكل نهائي. وهذا يسمح لليونان بأن تخرج من الأزمة كما خرجت الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا والسويد وإسرائيل ودول أخرى من أزمة 2008 العالمية.

9. ما البديل؟

يوجد بديل آخر: أن تقتدي أوروبا بالولايات المتحدة، وأن تهب المناطق الغنية من الاتحاد الأوروبي المناطق الفقيرة أموالًا، فلا تكون دينًا ولا تطالب بإجراءات تقشفية، إذا كان الأوروبيون يؤمنون فعلًا بالمشروع الأوروبي. وإذا فعلوا ذلك عوضًا عن معاقبة اليونان، فتتحقق الإصلاحات التي يطالبون بها، بمجرد إعانتهم اليونان.