نصر المجالي: كانت تأكيدات جميع قادة التحالف الدولي الذي تشكل لمحاربة تنظيم (داعش) في صيف 2014 على أن الحرب ذات شقين أحدهما عسكري ميداني، وآخر فكري.

ومع ملاحظة أن العمل العسكري المتمثل بالغارات الجوية واللوجستية المساندة التي بدأتها دول التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة منذ أيلول (سبتمبر) 2014 لم ينجز أي شيء يذكر على الأرض، فإن الشق الفكري في مواجهة الفكر المتشدد هو الآخر لم يقدم اية إنجازات عملية في وقف موجات الانضمام إلى (داعش) سواء من الدول العربية أو الغربية.

وجاءت نتائج سؤال استفتاء (إيلاف) للأسبوع الماضي حول ما إذا كانت هناك إجراءات عملية تمت لمواجهة الإرهاب فكرياً أم لا خلال تلك الفترة التي قاربت السنة.

الغالبية: لا

فقد صوت ما نسبته 94 % ممن شملهم الاستفتاء بأنه لم تتخذ أية إجراءات وهذه النسبة تمثل 1099 ممن شاركوا في الاستفتاء، بينما أجابت ما نسبته 6 % بـ(نعم) لاعتقادها باتخاذ إجراءات عملية في مواجهة الارهاب فكرياً.

في حقيقة الأمر، أن الإجراءات العملية التي اتخذت على الساحة العربية، وهي جاءت بعد حدثين إرهابيين دمويين في الكويت وتونس في الجمعة الأولى من رمضان، حيث اتخذت الدولتان إجراءات بمراقبة المساجد التي تساهم في التحريض على الفتنة ودعم التشدد وغلق بعضها.

لأول مرة في المغرب، منع العاهل المغربي محمد السادس، الأئمة والخطباء وجميع المشتغلين في المهام الدينية من "ممارسة أي نشاط سياسي"، ومنع "اتخاذ أي موقف سياسي أو نقابي"، إضافة إلى المنع عن "القيام بكل ما يمكنه وقف أو عرقلة أداء الشعائر الدينية".

ووقع العاهل المغربي محمد السادس، مرسوما ملكيا، جرى بموجبه منع "الإخلال بالطمأنينة والسكينة والتسامح والإخاء الواجب في الأماكن المخصصة لإقامة شعائر الدين الإسلامي" في إشارة إلى المساجد.

استراتيجية واضحة

لقد ظل القادة العرب خاصة الذين تشارك دولهم في التحالف يؤكدون الدعوة لتأسيس استراتيجية واضحة للتصدي لظاهرة الإرهاب، مع التأكيد كذلك على أن الوضع لا يحتمل الجلوس في مقاعد المتفرجين، ولا يقبل أي نوع من أنواع الحياد.

كما تنادى قادة اسلاميون معتدلون لدعم مثل هذه الاستراتيجية لقطع الطريق على الذين يستغلون هذه آفة التشدد والإرهاب لخدمة أغراضهم ومآربهم على حساب مصالح أمتنا وأمن شعوبها واستقرار دولها وازدهار أوطانها.

وانصبت الدعوات على مضاعفة جهود الجميع أفرادا ومؤسسات عبر العالم الإسلامي في مواصلة مكافحة الإرهاب فكرا وسلوكا ومحاصرة الإرهابيين حيثما وجدوا ثقفوا والتحذير من تقديم أي عون لهم أو أي من ألوان التعاطف معهم.

كما أن الدعوات في كل المنابر انصبت على أن محاربة الفكر المتطرف ضرورة ليأمن الناس خطر الإرهابيين بتنمية الشباب العرب وابعادهم عن الفكر المنحرف وتوجيههم الى الفكر السليم المبني على أسس صحيحة لبناء بلدانهم وأوطانهم بشكل صحيح، فالشباب هم الثروة الحقيقية التي تبني الأوطان.

وهي ركزت على ان محاربة الإرهاب ليست حربًا عسكرية فحسب، بل هي حرب إعلامية فكرية في المقام الأول، ومكافحته والتقليل من صعوده، لا بل القضاء عليه نهائيا يتطلب تضافر كل الجهود لتنقية "العقل" البشري من الفكر المختل أو العقليات المنغلقة والهدامة. والطريق بلا شك طويلة وشاقة.

كما أنها طالبت جميع دول العالم بتجنيد جميع امكانياتها لإظهار صورة الإسلام الحقيقية، وتخليصه من التشوهات التي يريد بعض المتطرفين إلحاقها به، فتكريس التسامح والاعتدال ونبذ العنف هي جوهر الرسالات السماوية وعلى الجميع محاربة الغلو والتطرف والإرهاب والعمل بشكل جاد لتحصين الشباب والنشء ضد الأفكار الهدامة.
&