يميل اللبنانيون إلى ربط مشاكلهم الداخلية بالوضع الإقليمي عمومًا، وجاء الاتفاق النووي بين إيران والدول الست ليزيد منسوب التفاؤل بحل موضوع رئاسة الجمهورية في لبنان، فهل هذا التفاؤل في مكانه؟

بيروت: يزداد منسوب التفاؤل لبنانيًا بعد توقيع الإتفاق النووي بين إيران والدول الست، ويذهب البعض في تحليله إلى أن هذا الاتفاق قد يحل المواضيع الداخلية في لبنان بما فيها مسألة رئاسة الجمهورية، فما مدى صحة هذا التفاؤل؟

يعتبر النائب السابق مصطفى علوش (المستقبل) في حديثه لـ "إيلاف" أن الاتفاق النووي بين إيران والدول الست أتى بعد مفاوضات جرت لسنوات ولا يمكن تقييمه بشكل فوري قبل تطبيقه على الأرض، والملف يحمل مئة صفحة تقريبًا من التفاصيل، والمسائل المبدئية التي طُرحت تؤكد على حق إيران بامتلاك القوة النووية، بالطرق السلمية وهناك آلية للمتابعة، وعمليًا هذا الاتفاق لا يمكن اعتباره انتصارًا ولا انكسارًا لأي طرف من الطرفين، لأن كل جهة قدّمت تنازلات، والمؤكد أن إيران خضعت لمنطق عدم قدرتها تطوير برنامجها النووي من دون رقابة، وقدرتها على انتاج سلاح نووي هي تحت الرقابة، والمؤكد أن إيران الدولة وليس الإمبراطورية الإيرانية بحاجة إلى هذا الاتفاق لإعادة تطوير اقتصادها، لأن وضع إيران قد وصل إلى الأسوأ بناء على تصريحات المسؤولين الإيرانيين أن الاتفاق النووي هو منقذ إيران من الانهيار الاقتصادي، أما من ناحية تدخل إيران في المنطقة فليس واضحًا حتى الآن وهناك مخاوف جدية من أن المال الذي سيأتي لإيران سيستخدم لمسائل غير نظيفة، كإعادة تمويل الحرس الثوري في لبنان وسوريا والعراق واليمن، من هنا القضية أن الموضوع أراح المجتمع الدولي، أعطاه فرصة لحل مشكلة ولو موقتًا، وهناك الجزء المحلي الذي لا يزال غير واضحًا، وليس مؤكدًا أن الاتفاق النووي سينعكس بشكل إيجابي أو سلبي على المنطقة.

ملفات لبنان

بالحديث عن التأثير على المنطقة ككل كيف سيتأثر لبنان بملفاته الداخلية بعد هذا الاتفاق؟ يجيب علوش أن الملف اللبناني مرتبط مباشرة بالملف السوري، بغض النظر عن الوضع الإقليمي، والسؤال هل الجزء من عقلنة إيران هو الذهاب إلى عقلنة مشاريعها في المنطقة ككل؟ هذا السؤال صعب، وإذا دخلت إيران في حلحلة على مختلف الأصعدة في العراق وسوريا ولبنان واليمن، عندها يظهر بوضوح أن الأدوات من مئات ومليارات الدمار والعبث بشعوب المنطقة كانت أهدافها واضحة وهي أن إيران تحقق الاتفاق النووي.

ويلفت علوش ألا تأثير مباشر على لبنان في الوقت الحالي بعد الاتفاق النووي، بانتظار ما قد يحدث في الملف السوري.

ويشير علوش إلى بعض التحليل المتفائل جدًا الذي يعتبر أن الملف النووي سيحل موضوع رئاسة الجمهورية في لبنان، لكن عمليًا تبقى المعطيات غير واضحة، من هنا علينا الانتظار قليلاً قبل أن نقول إن هناك إنعكاسات إيجابية أو سلبية للملف النووي.

الحل داخلي

عن الدور الداخلي وليس الإقليمي في حل الملفات الداخلية كرئاسة الجمهورية يقول علوش إن للدور الداخلي الدور الكبير، لأن الطرف الإقليمي يستند إلى الداعمين الداخليين.

الرأي الآخر

بدوره يعتبر النائب السابق اسماعيل سكرية ( 8 آذار) في حديثه لـ"إيلاف" أن الاتفاق النووي يبقى حاجة متبادلة بين الدول الست وإيران، وإيران اشتغلت لسنوات طويلة للوصول إليه، عن ملفات لبنان ومدى تأثيرها بهذا الاتفاق يعتبر سكرية أن الأمور لا تزال في بداياتها، ويجب الانتظار لرؤية الأمور كيف ستترجم، والموضوع السياسي قد يتمظهرلاحقًا، وتميل الأمور إلى إيجابيات إقليمية قد تنعكس إيجابيات في لبنان والمنطقة أيضًا.

ويلفت سكرية إلى أن الحذر لا يزال واجبًا في هذا الخصوص، وتبقى العلاقات الداخلية هي الأساس في لبنان لحل الأمور الداخلية رغم أن لبنان مرتبط بالوضع الإقليمي ولا يستطيع التوصل إلى حلول بمعزل عن الوضع الإقليمي، لأن لبنان يشكل ساحة للصراعات الإقليمية والدولية.
&