في وقت يراهن الرئيس باراك اوباما على تسويق الاتفاق النووي مع ايران بوصفه الانجاز الذي سيكفل دخوله التاريخ بين صانعي السلام من الرؤساء الاميركيين فان محللين وخبراء توقعوا ان يؤدي الاتفاق على المدى الأقرب الى مزيد من المخاطر الأمنية والعنف الطائفي في الشرق الأوسط.

وإذا كان التهديد الأمني الايراني لاسرائيل يتمثل بامتلاك طهران قنبلة نووية على المدى البعيد فان هذا التهديد لأمن العربية السعودية لا يرتبط ببناء قدرات نووية ايرانية في المستقبل بل بما يمنحه الاتفاق النووي الآن من قدرات تتيح للنظام امكانية تأجيج الانقسامات الطائفية في المنطقة، بحسب هؤلاء المحللين.

وتقول الكاتبة كارين اليوت هاوس ناشرة صحيفة وول ستريت جورنال السابقة والفائزة بجائزة بوليتز ومؤلفة كتاب عن العربية السعودية "ان الكابوس تحقق". &فان الخطر الآني الذي يهدد العربية السعودية يفوق بكثير تهديد اسرائيل التي تملك ترسانة نووية اصلا وتستطيع التعويل على الدعم الاميركي بثقة أكبر بكثير مما تستطيع العربية السعودية".

وستتوفر في متناول طهران 100 مليار دولار من الأرصدة الايرانية المجمدة حتى اواخر العام الحالي نتيجة تخفيف العقوبات عليها. &وبالاقتران مع قرار الولايات المتحدة رفع الحظر عن بيع الأسلحة التقليدية والصواريخ الباليستية لايران خلال فترة تنفيذ الاتفاق فان هذا سيضع بيد ايران موارد ضخمة لا لتقوية الاقتصاد الايراني فحسب بل واغداق الدعم المالي والعسكري على شركاء ايران ووكلائها في المنطقة، بمن فيهم الميليشيات الشيعية في العراق ونظام بشار الأسد في سوريا وحزب الله في لبنان والمتمردون الحوثيون في اليمن.

ومن شأن تسليح ايران بكل هذه الامكانات ان يضع العربية السعودية في دائرة مرمى طهران من جهة وتنظيم الدولة الاسلامية "داعش" من جهة الأخرى ، بحسب الكاتبة هاوس التي تتوقع ان يستثمر داعش مخاوف السنة من تعاظم نفوذ ايران في عموم المنطقة متشجعة بالامكانات الاضافية التي سيوفرها الاتفاق النووي.

وتشير هاوس الى بيان السفارة السعودية في واشنطن هذا الاسبوع الذي يدعو الى عمليات تفتيش صارمة ومستدامة لمنشآت ايران النووية قائلة ان البيان "يتحدث مجلدات عن موقف المملكة" وما تبقى لها من خيارات.

وتلاحظ الكاتبة هاوس "ان الاتفاق لم يكن مفاجئا للسعوديين الذين تابعوا ادارة اوباما تغازل ايران بحرارة على حساب السعودية. وإزاء ما اتخذته المملكة من اجراءات في محاولة لحماية نفسها لا يبقى لديها إلا القليل الذي لم تتخذه".

واستعرضت الكاتبة هاوس تحرك العربية السعودية على طائفة واسعة من البلدان بما في ذلك ارسال مسؤولين كبار الى الصين وروسيا.

واعتبرت هاوس ان "من الخيارات الأخيرة المتاحة للسعوديين هي امتلاك سلاح نووي في أقرب وقت ممكن" منوهة بأن "الأمير تركي الفيصل رئيس الاستخبارات السابق في المملكة تعهد في الربيع بأن "ما يمتلكه الايرانيون اياً يكن سنمتلكه نحن ايضا".

وتختتم الكاتبة كارين اليوت هاوس تعليقها على الاتفاق النووي بالقول انه فيما يجري الاحتفال بالاتفاق في طهران ويهنئ مساعدو اوباما أنفسهم في البيت الأبيض ويسيل لعاب الاوروبيين على فرص التعامل التجاري مع ايران ويعمل الاسرائيليون على تحريك اللوبي الداعم لهم في الكونغرس، يعكف السعوديون على دراسة خيارات صعبة لمواجهة مستقبل ملبد الآفاق.