يواجه الإتفاق النووي بين الغرب وإيران منذ إعلانه في 14 تموز/يوليو سيلا من الانتقادات من كل الجهات، ابتداء من مرشحي الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية والكونغرس، مرورا بحشد من الخبراء والمحللين، وليس انتهاء بدول حليفة للولايات المتحدة في الشرق الأوسط ومناطق اخرى من العالم.


عبدالإله مجيد من لندن: أكد دبلوماسيون شاركوا في المفاوضات النووية مع ايران انهم كانوا يتوقعون ان يواجه الاتفاق موجة من الانتقادات فور إعلانه. وبعد اربعة ايام على اعلان الاتفاق صدقت توقعاتهم.&
&
وأقر حتى مدافعون عن الاتفاق، بما فيه من ثغرات يمكن ان تستغلها ايران لاستئناف أنشطتها النووية المحظورة.&

ونقلت صحيفة واشنطن بوست عن دبلوماسي غربي طلب عدم كشف اسمه ان الاتفاق "يحجب عن ايران عناصر يمكن ان تؤدي الى امتلاك سلاح نووي".

ثم اضاف "هل هو العلاج الشافي للسرطان؟ كلا انه ليس العلاج الشافي... وهو ليست النتيجة المثلى ولكنه الاتفاق الذي تمكنا من الوصول اليه".
&
وقال بليز ميستال رئيس برنامج الأمن القومي في مركز سياسة الحزبين الرئيسين "ان هذا ليس اتفاقا يمنع ايران من التسلح نوويا بل هو اتفاق يمنع ايران من التسلح نوويا لمدة 15 سنة".

ومن اشد الانتقادات التي يوجهها الخبراء للاتفاق مدة سريانه. إذ وافقت ايران على تحديد عمل اجهزة الطرد لتخصيب اليورانيوم وقصر كمية اليورانيوم التي تنتجها على الأغراض الطبية لمدة 15 عاما مقابل تخفيف العقوبات بصورة مطردة.

كما وافقت ايران على استخدام "قناة مشتريات" خاصة للحصول على كل احتياجاتها النووية لمدة 10 سنوات مع الحصول على موافقة مسبقة بشأن كل مادة. ولكن هذه القيود والشروط ستُخفف بمرور الوقت.&

وقال المدير التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات مارك دوبوفيتز "ان كل ما على ايران ان تفعله هو الصبر وصولا الى امتلاك سلاح نووي".

ولاحظ خبراء آخرون انه حتى إذا ارادت الولايات المتحدة وشريكاتها تجريد ايران من قدراتها النووية بالكامل فهي لا تملك صلاحية ذلك بموجب الاتفاقيات الدولية. فان معاهدة حظر الانتشار النووي التي وقعت عليها ايران لا تمنح الدول الموقعة حق تخصيب اليورانيوم ولكنها لا تمنعها من تخصيبه ايضا.

ولفت جورج بيركوفيتش الباحث المختص بالاستراتيجية وحظر الانتشار النووي في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي ان قرارات مجلس الأمن الدولي تطالب ايران بوقف جميع أنشطتها النووية ولكنها لا تقول "وقفها الى الأبد".
&
وقال روبرت آينهورن الباحث في معهد بروكينز والمحسوب على مؤيدي الاتفاق "ان اوباما دخل المفاوضات يوم كانت ايران دولة تقف اصلا على العتبة النووية. وان إعادتها الى المربع الأول، الى صفر من اجهزة الطرد لم يكن هدفا واقعياً أو ممكناً".

ولكن آينهورن أقر بأن القيود المفروضة على عمل أجهزة الطرد ومخزون اليورانيوم والأبحاث النووية لن يكون لها معنى بعد انتهاء الفترة المحددة لسريانها. وحين يكون بمقدور ايران العودة الى تركيب أجهزة طرد أحدث فان الفترة التي تحتاجها لتخصيب ما يكفي من اليورانيوم لانتاج قنبلة ستبدأ بالتناقص، كما اعترف آينهورن.

وقال الباحث في معهد بروكينز لصحيفة واشنطن بوست "ان الاتفاق يصلح حاجزا في طريق الانتشار... لمدة 15 عاما بعدها ستكون ايران قادرة بصورة واضحة على زيادة قدراتها التخصيبية وتكون قادرة على تقصير فترة العودة الى مستوى انشطتها النووية السابقة".

ومن جوانب الاتفاق الأخرى التي نالت قسطاً كبيراً من النقد آلية تمكين مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية من دخول المنشآت التي يُشتبه باجراء أبحاث نووية سرية فيها.

إذ تصل فترة حصول المفتشين على موافقة السلطات الايرانية لدخول هذه المنشآت الى 24 يوماً يقول منتقدو الاتفاق انها كافية لتمكين ايران من إخفاء أي آثار أو أدلة على ممارستها أنشطة نووية سرية.

وقال وليام توبي الباحث في مركز بيلفير وشارك في المحادثات النووية مع كوريا الشمالية ان صور الاقمار التجسسية ليست مضمونة 100 في المئة وان ايران تستطيع ان تقدم ذرائع لتبرير أي آثار يمكن العثور عليها تشير الى استخدام انشطاري.

واضاف توبي "ان التنظيف لازالة الآثار لا يتعين ان يكون كاملا بل بما يكفي لإثارة الشكوك".

ورغم ان الاتفاق ينص على إعادة العقوبات إذا ضُبطت ايران متلبسة بالغش فان هذا عملياً سينهي العمل به لأن ايران ستكون حينذاك في حل من الالتزام بما ينص عليه من قيود على برنامجها النووي.