يُقبل أرباب العمل الألمان على توظيف حرفيين سوريين ليستفيدوا من خبراتهم ونشاطهم وحماستهم للعمل، من أجل سد ثغرات وظيفية لا يسدّها الألمان الخمولون.

إيلاف - متابعة: يعتبر اللاجئون السوريون في ألمانيا موردًا ثمينًا لسد ثغرات في سوق العمل الألمانية، التي تنقصها اليد العاملة في المهن اليدوية والحرفية. فروبرت منهوفر، صاحب كاراج لتصليح السيارات في ألمانيا، يمتدح شابًا سوريًا يدعى جورج، وظفه متدربًا كما يفعل عدد متزايد من أرباب العمل الألمان، قائلًا فيه: "سيكون ميكانيكيًا استثنائيًا".

ويوضح منهوفر (59 عامًا): "لا يمكن التفوق عليه في كل ما يتعلق بالممارسة العملية، أما بالنسبة للناحية النظرية فلا تسير الأمور على ما يرام بسبب اللغة، رغم أنه يتكلم الألمانية بشكل جيد، وتعلمها منذ وصوله إلى هذا البلد".

مورد ثمين

والكلام هنا عن جورج رومانوس (21 عامًا)، المسيحي السوري الذي وصل إلى بافاريا وحيدًا في ربيع 2013، بعد رحلة لجوء طويلة لا يود التحدث عنها. وعلى غراره، وصل نحو 86 ألف سوري منذ مطلع 2013 إلى ألمانيا هربًا من الحرب في بلادهم.

واستضاف الاقتصاد الأول في أوروبا منذ الأول من كانون الثاني (يناير) أكثر من 180 ألف لاجئ قدموا من سوريا، ومن دول أخرى مثل كوسوفو وألبانيا، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.

ولا يلقى اللاجئون ترحيبًا في كل مكان في ألمانيا، وتحديدًا في شرقها، حيث جرت تظاهرات ضد مراكز لإيواء اللاجئين، غير أنهم يعتبرون في المناطق الأخرى بمثابة مورد ثمين للشركات التي تحتاج إلى عمال جدد، لا سيما في مجال المهن اليدوية والحرفية. وتزداد الدعوات في الأوساط الاقتصادية من أجل إقرار قانون يسهل اندماجهم بسرعة أكبر في سوق العمل.

هدف مزدوج

في أوغسبورغ، أقرب مدينة إلى بوبينغن، على مسافة 70 كلم من ميونيخ، تجهد غرفة الأعمال الحرفية منذ عدة سنوات بهذا الصدد. وأوضح فولكر زيمرمان، المكلف بقسم التعليم، أن الهدف مزدوج وهو العمل على تعزيز اللحمة الاجتماعية في منطقة باتت كل بلدة فيها تحوي مركزًا لطالبي اللجوء، ومكافحة أزمة في اليد العاملة تزداد حدة.

في أوغسبورغ وجوارها، وصلت نسبة البطالة في حزيران (يونيو) الماضي إلى 4,2 في المئة، فيما تبقى حوالي خمسة آلاف وظيفة شاغرة. وتتركز البطالة بصورة خاصة في مجال التدريب المهني.

ولم يعد نظام الإعداد الخاص بألمانيا، والذي يقوم على مزيج من الدراسة والتدريب المهني، يجتذب العديد من طالبي العمل، حيث بقيت حوالى 80 ألف وظيفة متدرب شاغرة في خريف 2014. وقال منهوفر: "الآن، يفضل الجميع الدراسة في الجامعة".

وحين التقى جورج، كان الشاب يقيم في مركز للاجئين في بوبينغن، وكان مولعًا بالسيارات فاغتنم الفرصة المتاحة له. وكان منهوفر، بصفته رئيس الجمعية المحلية لأرباب العمل، وجه نداءً إلى المقيمين في مركز اللاجئين لتقديم المساعدة أثناء إقامة سوق عيد الميلاد.

نشيط مقابل الخمولين

يعمل الشاب السوري منذ أيلول (سبتمبر) 2014 في الكاراج، فيما يتابع دروسًا في المدرسة المهنية. وهو يرضي تمامًا رب عمله الذي يقارنه مع الشباب الألمان "الخمولين" برأيه.

واستحدثت الغرفة المحلية للأعمال الحرفية منصب "مستشار توجيهي لتعدد الثقافات"، يشغله سعيد ديمير الذي اهتم بالمعاملات المعقدة قبل توظيف جورج، لا سيما وأنه كان يجري النظر في الوقت نفسه في طلب اللجوء الذي قدمه، وهو الآن يحمل إقامة موقتة لمدة سنتين.

ويتقاضى جورج أجرًا إجماليًا قدره 675 يورو في الشهر، وقد استأجر شقة صغيرة تسدد ايجارها وكالة العمالة. وتمكن ديمير، الذي يتعامل بشكل وثيق مع وكالة العمالة وجمعيات خيرية، من توظيف 19 طالب لجوء في تدريب مهني منذ الأول من كانون الثاني (يناير)، لكنه يؤكد أن هذا العدد يمكن أن يكون أكبر بكثير.

تعقيدات إدارية

وقال زيمرمان: "ارباب العمل بدأوا يعرفون بإمكان توظيف متدربين مندفعين ومتعطشين للتعلم ومنكبين على العمل، لكن التعقيدات الإدارية لا تزال تردع الكثيرين في الوقت الحاضر، وطالما لم يتم البت في طلبات اللجوء وفق عملية يمكن أن تستغرق عدة أشهر فإن إمكانية طرد طالب اللجوء بين ليلة وضحاها تبقى ماثلة في أذهان أرباب العمل".

لكن ديمير يوضح: "منذ سنتين حصلت أمور كثيرة، وبات الموضوع ماثلًا في أذهان الجميع". وقال وزيران في حكومة المستشارة أنغيلا ميركل في مقالة نشرت أخيرًا إن على الألمان أن يروا في الوافدين الجدد "اليد العاملة التي نحتاج إليها بشكل متزايد".

ولم يكن يحق لطالبي اللجوء في ما مضى العمل طوال تسعة أشهر بعد وصولهم إلى البلد، غير أنه تم تخفيض هذه المهلة في تشرين الثاني (نوفمبر) إلى ثلاثة أشهر. ومنذ كانون الثاني (يناير)، منحت وكالة العمالة أكثر من ستة آلاف إذن عمل لهذه الفئة من الأجانب.