ابتاع مركز النور الإسلامي كنيسة كابرناوم في المانيا عام 2012، وهي اول كنيسة لوثرية يجري تحويلها إلى مسجد، الا أن المركز سيحترم تاريخ البناء ولن يغير في شكله الخارجي سوى استبدال الصليب، بكلمة الله بالعربية.

لندن: حين استملك مركز النور الاسلامي كنيسة متداعية في مدينة هامبورغ شمالي المانيا عام 2012، لم يكن قلقاً بشأن الأموال المطلوبة لترميم المبنى القديم، وإيجاد ركن يشير إلى القبلة، بل كان مبعث قلقه الأول رد فعل السكان في منطقة هورن العمالية، على تحويل كنيسة كابرباوم اللوثرية التي أُنشئت عام 1961 إلى مسجد. &
وقال دانيال عبدين، مدير المركز إن كنيسة هي "آخر ما كنا نريده" لبناء مسجد. &ولكن الكنيسة القديمة، أصبحت من نصيب المركز، لأنها كانت المبنى الوحيد المتاح. واثار استملاكها بهدف تحويلها إلى مسجد، ردود أفعال غاضبة بين البعض من سكان المنطقة البروتستانتية العريقة. ونظر هذا النفر إلى المشروع على انه رمز لما يُسمى في اوساط اليمين "أسلمة المانيا". &
&
تريث في اطلاق الأحكام
وقال القس المتقاعد هيلغة ادولفسن إن مشروع تحويل الكنيسة إلى مسجد الذي بدأ منذ عام 2013 "صدع في السد". ودعا الفرع المحلي للحزب الديمقراطي المسيحي الحاكم إلى وقف المشروع. واقترح قس آخر تهديم الكنيسة، وتسويتها مع الأرض على تحويلها إلى مسجد، رغم انها مهجورة منذ عام 2002. &
ولكن الإحتجاجات التي انطلقت وقتذاك انحسرت الآن، وحين دعت جماعة يمينية إلى تنظيم احتجاج أمام المبنى، لم يستجب للدعوة إلا 16 شخصاً. وقرر السكان الذين تقع منازلهم قرب المسجد، ان يتريثوا في إصدار الأحكام إلى حين افتتاح المسجد. &
&
بحث عن مسجد
وقال مدير مركز النور الاسلامي، ذو الأصل اللبناني دانيال عبدين، إن ردود الافعال الأولى كانت "هراء مطلقاً". ولفت إلى "ان الكنيسة كانت فارغة منذ عشر سنوات، ولم يكترث أحد ولكن ما إن ابتاعها مسلمون حتى أصبحت فجأة موضع اهتمام".
وكان بحث عبدين عن مكان جديد لمسجد النور بدأ عام 2004. إذ كان المسلمون من أعضاء المركز البالغ عددهم 2000 مسلم، من 30 بلداً، يصلون في ساحة لوقوف السيارات تحت الأرض وسط مدينة هامبورغ. وكان المصلون يتجمعون تحت سقف واطئ وبين الأعمدة الخرسانية للمرآب في أوقات الصلاة. وكان عددهم يفيض أحيانا إلى الرصيف في الخارج. وقال عبدين وهو يهز رأسه انهم "كانوا يصلون بين السيارات". &
وقال البروفيسور رؤوف كيلان، استاذ الدراسات الدينية والسيوسولوجيا في جامعة اوزانبروك إن مسجد النور كان نموذجاً لما يُسمى "مساجد الباحات الخلفية" التي أنشأها المسلمون منذ بدأوا الوصول إلى المانيا الغربية بأعداد كبيرة في الستينات. واضاف البروفيسور كيلان، لصحيفة نيويورك تايمز "ان المسلمين كانوا وقتذاك يريدون العودة إلى اوطانهم، ولذلك لم يريدوا شراء مبان كبيرة" يصلون فيها. &واشار كيلان، إلى ان الوضع يختلف اليوم، فالمسلمون باقون في المانيا "ولهذا السبب يريدون بناء مساجد حقيقية".&
&واكد عبدين ان المسلمين أصبحوا جزءا، من المجتمع الألماني، ولكنه اضاف ان "الاندماج ليس شارعاً باتجاه واحد" داعيا بلدان اوروبا الغربية إلى الإعتراف باحتياجات مواطنيها المسلمين، إذا كانت تريد لهذا الإندماج أن يتكلل بالنجاح. &
&
تناقص عدد المسيحيين
وبحسب خدمة الأبحاث الدينية، فان هناك نحو أربعة ملايين مسلم في المانيا، أو زهاء 5 في المئة من سكان المانيا البالغ عددهم 81 مليوناً بالمقارنة مع 49 مليون مسيحي أو 60 في المئة من السكان. &
ويتناقص عدد المسيحيين في المانيا منذ تسعينات القرن الماضي في حين بلغ عدد من لا دين لهم أكثر من 27 مليوناً. واعلن مجمع الأساقفة الكاثوليك الألمان في 17 تموز (يوليو) ان نحو 218 الف الماني نبذوا الديانة الكاثوليكية في عام 2014 وحده.
كما شهدت الكنائس البروتستانتية انخفاضاً حاداً في المصلين، وكان هذا أحد أسباب غلق الكنيسة التي استملكها مجلس النور الاسلامي، بعد أن اقامت آخر قداس في عام 2002. وقالت سوزانا يول آخر رعاة الكنيسة في اتصال هاتفي مع صحيفة نيويورك تايمز، إن مآل الكنيسة انتهى إلى حضور 20 مصلياً فقط يجلسون على مصاطب تتسع لنحو 500 مصلٍ. &
وأكد مدير مركز النور الاسلامي دانيال عبدين ان المسلمين يتمنون "ان تصبح الكنائس مليئة من جديد، فنحن لا نريد أسلمة الكنائس او الاستيلاء عليها". &
&
استملاك الكنيسة
في النهاية لم يكن امام مركز النور من خيار سوى استملاك كنيسة كابرناوم. &وحاول المركز شراء مبان أخرى، ولكن القيود المفروضة على فرز الأراضي لاستعمالات غير السكن حالت دون ذلك. ولأن الكنيسة كانت أصلا دار عبادة، لم يتطلب شراؤها ترخيصاً لتغيير استعمالها. &
ابتاع مركز النور الإسلامي كنيسة كابرناوم في عام 2012. وهي اول كنيسة لوثرية يجري تحويلها إلى مسجد، وحاول المركز خلال عملية التجديد والترميم المتوقع انجازها في اوائل 2016 ان يحترم تاريخ المبنى. وقال عبدين إن المبنى سيبدو كنيسة من الخارج، ويكون مسجداً في الداخل مؤكدًا ان الواجهة ستبقى بدون تغيير عملياً، باستثناء الاستعاضة عن الصليب الذي كان يعلو برجها بكلمة الله العربية. &
ومع تقدم أعمال البناء والتجديد، انحسر الجدل الذي أثاره استملاك الكنيسة في البداية لأسباب منها سلسلة الندوات العامة التي شارك في استضافتها عبدين وراعية الكنيسة السابقة يول في عام 2014. &
في هذه الأثناء نشأت مشكلة من نوع آخر، أمام مركز النور الإسلامي ومديره عبدين. فإن مبنى الكنيسة سابقاً لم يعد يتسع لعدد المسلمين الذين يرغبون في الصلاة فيه بعد تحويله إلى مسجد.&
&
&