حذر قيادي كردي من تمرير مشروع روسي إيراني مغطى أميركيًا، يقوم على التخلي عن بشار الأسد والابقاء على النظام، مذكرًا بإجرام هذا النظام ضد السوريين طوال أربعة عقود.

بهية مارديني: استغرب قيادي كردي في تصريحات لـ "إيلاف" تركيز المعارضة السورية على خطاب رئيس النظام السوري بشار الأسد شكلًا، وبشكل منفرد، من دون الحديث عن منظومة النظام الأمنية الحاكمة، وطالب بعدم الرضوخ لأي ضغوط دولية، وعدم تمرير أي مشاريع تسمح للنظام بالعودة إلى حكم السوريين مجددًا.

نزعة فاشية معروفة

وقال القيادي والمعارض الكردي صلاح بدر الدين لـ إيلاف: "تابعت باستغراب شديد تعليقات بعض المعارضين، خصوصًا من أعضاء الائتلاف الوطني السوري على الخطاب الأخير لرأس النظام السوري بشار الأسد ".

أضاف: "كأنهم اكتشفوا أسرارًا وحقائق جديدة حول طبيعة وممارسات رأس النظام كفرد بمعزل عن منظومته الحاكمة التي يعرف الوطنيون السوريون، ومنذ عقود، طبيعتها الدكتاتورية ونزعتها الفاشية ومعاداتها الديمقراطية وانتهاكاتها لحقوق الانسان والمواطن والشعب بمختلف فئاته".

واعتبر أن المعارضين أوغلوا وتوسعوا في وصف الخطاب ونبرات الأسد ونظراته وضحكاته ولونه، "وكأن الأمر يقتصر على شخص فرد وليس نظاما سياسيا اقتصاديا اجتماعيا أمنيا ميليشياويا متكاملا، ما أنساهم سردهم الشعري التقريعي للشخص جرائم النظام ككل متكامل، وما يمارسه من قتل وابادة، وما يحضر من مخططات جديدة بدعم مباشر من أعوانه الايرانيين والروس ومجاميع الميليشيات الدينية المذهبية منها والعلمانية".

خط إيراني

وعبّر بدر الدين عن خشيته من أن يكون التركيز المقتصر على الرأس من دون النظام يخبئ نوعًا من التماهي مع ما يشاع عن قرب عقد صفقة دولية – اقليمية لفرض علاج يقضي بالابقاء على جميع مؤسسات النظام من دون الرأس وبعض الحاشية، وبعبارة أوضح العودة إلى المشروع الايراني - الروسي المغطى أميركيًا.

قال: "هذا ما فهمناه من الرسالة الوحيدة ذات المعنى في الخطاب، وهي سوريا لمن يدافع عنها، والقصد ايران وروسيا تحديدًا، مع بروز مؤشرات تعزز هذا الاحتمال، ومنها استقبال بعض دول المنطقة لمندوبي اجتماعات القاهرة، مثل هيثم مناع ومادة تجارته الجديدة جماعة بي كي كي السورية، وهم يمثلون الخط الايراني في (المعارضات)"، حسب قول بدر الدين.

ورأى أن المؤشر الآخر للصفقة الدولية الاقليمية هو قرب انضمام تركيا إلى الصفقة بعد تفاهمها مع الجانب الأميركي على استخدام قاعدة انجرليك في الحرب على داعش وليس على النظام السوري، كما كان معلنًا دائما في السياسة التركية تجاه سوريا شرطًا لا يمكن تجاوزه.

إلى المربع الأول

وفي سياق الضربات التركية والموقف الجديد، قال الدكتور زارا صالح، عضو اللجنة السياسية لحزب يكيتي الكُردي: "لا شك في أن التطورات الأخيرة في الموقف التركي وتصعيد حملته ضد الكرد وتحديدًا حزب العمال الكردستاني وقوات حماية الشعب في محيط كوباني هو عمليًا نسف موقت لعملية السلام التي بدأت منذ عامين بين عبد الله اوجلان ورجب طيب إردوغان، وعودة إلى المربع الأول وازهاق ارواح جديدة بعد انخراط الكرد في العملية السياسية في تركيا، وحصول حزب الشعوب الديمقراطية على اكثر من ثمانين مقعدًا".

واعتبر في تصريح لـ" إيلاف" أن هذا التوقيت يعكس حالة تخبط بالنسبة إلى سياسة الرئيس التركي بعد بوادر فشله في تشكيل الحكومة، وانقلاب داعش الاخير وخطره في الداخل التركي. وقال: "لعل دغدغة المشاعر القومية التركية من خلال التصعيد ضد العمال الكردستاني يقلب حسابات ونتائج الانتخابات البرلمانية القادمة التي يتوقع اجراؤها في تركيا"، مرجحًا استغلال اردوغان موافقة الاميركيين للتهويل بضرب الكردستاني في خطوة بعيدة عن عملية السلام، وقد تكون ردًا على سيطرة وحدات الحماية الكردية على ريف حلب الشمالي، وامتدادها في المناطق الكردية، نظرًا للعقدة التركية من الخطر الكردي.

المنطقة العازلة

توقع صالح أن يكون هناك سيناريو اخر نوت تركيا القيام به سابقًا، في فرض منطقة عازلة في الشمال السوري، فقامت باستخدام حجة داعش والعمال الكردستاني لتمرير ذلك.

ورأى أن تركيا فشلت في تبني الملف السوري، "بعد أن نالت ايران حصة الاسد في دمشق والساحل، ووقعت مع الدول الكبرى الاتفاقية النووية، ورسخت وجود حسن نصر الله في سوريا، في حين لم تكن تركيا سوى محطة لجوء ومعبر لداعش والمتشددين، لهذا فإنها تسعى من خلال استراتيجيتها الجديدة العودة كلاعب رئيس لتصفية واعادة حساباتها في الداخل وكذلك امتلاك الملف السوري بشرعية وغطاء اميركي، لكن لا يستدعي ذلك ضرب الكرد في كردستان العراق ولا في سوريا، لأن مشروع السلام مع الكرد هو مصلحة مشتركة تركية-كردية، وفشله يعني عودة إلى الوراء ونجاح المشروع الايراني في المنطقة، وكذلك نظام الأسد، الذي قد يستغل ذلك الصراع لدعم ورقة العمال الكردستاني".

وحذّر صالح تركيا بأنها سوف تخسر كثيرًا اذا لم تعد حساباتها جيدًا في ما يخص الملف الكردي وعملية الاستقرار في المنطقة، وانعكاساتها على الساحة السياسية السورية".