تباينت آراء الصحافيين السوريين من موت صحافي في حي جوبر شرقي دمشق خلال اشتباكات بين الجيش ومعارضيه، إذ شمت البعض بمقتله، واعتبروه "شبيحا" للنظام السوري، فيما طالب آخرون بأخلاق الصحافة وما أسموه النزاهة الأخلاقية، باعتباره مراسلا ميدانيا، وبين هذا وذاك، قال آخرون: "اليوم لم يعد الإعلامي مجرد إعلامي، ما دام يقوم بعمله في عمليات الإبادة العسكرية المبرمجة التي يطبقها جيش بشار الأسد والميليشيات الطائفية الرديفة له".

لقي الصحافي السوري، ثائر العجلاني، حتفه يوم الاثنين، خلال تغطيته اشتباكات بين الجيش النظامي ومقاتلين معارضين في حي جوبر شرقي دمشق.
&
ثائر نجل المهندسة هدى الحمصي، عضو مجلس الشعب السوري السابقة، والسفيرة السورية السابقة في اليونان، ووالده شمس الدين العجلاني، الصحافي والكاتب السوري، وثائر هو رئيس مكتب الإعلام في الدفاع الوطني مركز دمشق الذي أنشأه النظام السوري وظهر في بعض صوره على صفحته الشخصية في موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" بالبدلة المموهة العسكرية.
&
وأثار موت ثائر العديد من الخلافات بين الصحافيين السوريين على صفحات التواصل الاجتماعي.
&
وعبّرت وفاء صبيح الصحافية والاعلامية السورية عن انزعاجها من التعليقات حول موت ثائر وقالت لـ"ايلاف" إن "بعض الاعلاميين السوريين فقدوا أي احساس بمسؤولية الكلمة وأهمية الرسالة الموكلة اليهم كصوت ناقل للحقيقة ومشارك في تشكيل رأي عام نابع من المصداقية ".
&
وأضافت: "النزاهة الاخلاقية قبل المهنية قد ذهبتا أدراج رياح الحرب السورية"، متسائلة: "أليس من العار على الصحافيين السوريين التشفي بموت بعضهم؟"، وكانت صبيح قد قالت على صفحتها على "فايسبوك": "الله يرحم كل صحافي ميداني سوري كان سلاحه الكاميرا والقلم وليسقط كل الوصوليين والانتهازيين منكم".
&
ولكن لابراهيم الجبين الاعلامي والكاتب السوري رأي آخر، اذ قال لـ "إيلاف": "تداخلت المهن والوظائف والمهمات في خدمة نظام الأسد، "بحيث لم يعد الإعلامي مجرد إعلامي، ما دام يقوم بعمله في عمليات الإبادة العسكرية المبرمجة التي يطبقها جيش الأسد والميليشيات الطائفية الرديفة له، كما لم يعد الطبيب مجرد طبيب، ما دام يشرف على تعذيب وإعدام المعتقلين، في جميع المعتقلات والمشافي وفروع أجهزة المخابرات، ولعل أكثر الأمثلة فضيحة، كون بشار الأسد ذاته طبيبا، فهل يخطر لعاقل أنه يحفظ في صدره عهد أبوقراط الطبي تجاه ضحاياه؟."
&
وأضاف: "حين يزج الصحافي ذاته في المعركة، ليس من أجل تغطيتها بل من أجل المشاركة الفعلية فيها، مقاتلاً ومحرّضاً على القتل، يتحول إلى هدف مشروع في الحرب، من قبل المقاتلين المدافعين عن حيّهم المحاصر في جوبر" على حد قوله.
&
واعتبر الجبين أن "مواثيق الشرف المهنية الصحافية، مثلما تحمي الصحافيين من الانتهاكات، فهي في الوقت ذاته، تقيّد الصحافي، وتلزمه بحدود أخلاقية معينة، لا يجوز له تجاوزها، وإلا أصبح إعلام القاعدة وداعش والمنظمات الإرهابية في العالم، إعلاماً راقياً تحميه حصانة الإعلام، لكن هذا الشاب، العجلاني، لم يكن سوى ضحية دفع النظام للسوريين نحو خيارات ضيقة ومحدودة، فلا يبقى لديهم من مهرب سوى الابتعاد عنه كلياً أو الانخراط في ماكيناته الأمنية والدموية الممتزجة بإعلامه النازي، وهذا ما نجده في جميع وسائل الإعلام التي مثّلها العجلاني، وهو صحافي مبتدئ على كل حال، سواء كانت صحيفة "الوطن" أو راديو "شام إف إم" الحربي، أو حتى قناة إل بي سي التي اختارت مراسلاً لها من المقربين للمخابرات لتحصل على أخبار النظام من ينابيعها".
&
ودلل على كلامه بالقول "يمكن لمن يستعرض صور ثائر العجلاني قبل مقتله، أن يراه بالزي العسكري، متباهياً بقصف وتدمير المدن السورية على يد جيش النظام أو قوات حزب الله التي كان يرافقها طيلة الوقت، أو يروّج الأخبار الكاذبة عبر تقاريره أو صفحته على فايسبوك مثل خبره القائل إن "الجَيش الحر (يَنشق) في الزبداني و طرقات قدسيا والتَل مُغلقة حتى إشعار آخر، وخِبرة هَندسية سورية تَنسف مقرات فَيلق الرَحمن"، واللغة السادية البشعة التي يستعملها في مواده الصحافية مثل "مقاتلو فيلق الرحمن يستعرضون قوتهم في جوبـر والجيش السوري (يدفنهـم) أحياء في معمل الصابون"، أو في اللذة التي يجدها في وصف المعارضين السوريين مثل قوله في أحد تقاريره لشام إف إم "تعالوا ياسادة نستمع سوياً لتفاصيل عملية (الدعس بالاقدام) التي تعرض ضابطا سوريا مُنشقا وقائدا لاقوى الفصائل المسلحة في الغوطة الشرقية، معلومات حَقيقية ضمن نشرة أخبار الثالثة شام اف ام".".
&
&ورأى الجبين أن "هذه ليست لغة صحافة، بل لغة تحريضية عدوانية حربية، شهدنا مثلها قولاً وفعلاً في السابق، من الأيام الأولى للثورة السورية، حين بدأ مذيعو الأخبار في الفضائية السورية، ينفذون مهمات "تشبيحة" ميدانية، مقابل أجر مادي، ومنهم (جعفر أحمد ـ مذيع نشرة أخبار) من نشر صوره وهو يدعس على رؤوس المتظاهرين السلميين، في نصف السنة الأولى لانتفاضة السوريين".
&
من جانبه، قال الصحافي السوري علي سفر عبر فايسبوك: "إن الصحافي ثائر العجلاني قتل في جوبر، وقبل ان يبدأ النائحون بالنواح فكل من يرتدي ثياب العسكر ويرافقهم في حروبهم ليس بصحافي وكل من سينوح سيكون مصيره مزبلة التاريخ"، وعلق على كلامه ابراهيم كوكي "اللهم شماته هو مرتزق شبيح وليس بصحافي" .
&
فيما عتب يزن سعد على الصحافي علي سفر، وقال له" استغرب من صحافي ان يقول هذا الكلام وبغض النظر عن الموقف السياسي فان افضل الصحافيين المراسلون الحربيون وهذا امر معروف في مهنة الصحافة"، وأضاف "موقفك في السياسة لا يستدعي ان تعمي عينيك عن الحقيقة المهنية و استغرب منك ازدواجية المعايير".
&
لكن الموقف المستغرب ليس الخلافات الفيسبوكية والاراء المتعددة من وفاة صحافي ميداني من الموالين للنظام السوري فقط بل كان من بعض المعارضين السوريين الذي وجهوا العزاء للسيدة الحمصي والسيد العجلاني والدة ووالد ثائر، وفيما هم يعتبرون انفسهم معارضين ويصنفون عملهم في صفوف المعارضة وجدوا في موت ثائر فرصة للتهجم على المعارضة، وقالوا "إن ثائر والالاف مثله صدقوا رواية المؤامرة واصطفوا مع النظام ليدافعوا عن بلدهم وقتلوا وفي الجهة الاخرى الالاف من الشباب السوري صدقوا حلم الحرية واصطفوا مع المعارضة ليحققوا الحرية لبلدهم وقتلوا ، خيرة شباب سوريا قتلت بسبب الفشل السياسي للنظام و المعارضة وبسبب نفاق العالم وكذبه.".
&
&وأشارت معلومات متطابقة إلى أن "الصحافي ثائر العجلاني لقي حتفه أثناء تغطية عمليات الجيش النظامي في جوبر". ويعمل العجلاني، كمراسل صحافي في إذاعة "شام اف ام"، وفي صحيفة الوطن السورية وفي قناة ال بي سي اللبنانية.
&
وأوضحت إذاعة "شام اف ام" على موقعها الالكتروني، أن "مسلحين أطلقوا عشرات قذائف الهاون على خطوط التماس تزامنا مع عملية عسكرية كبيرة في جوبر ما أدى لإصابة العجلاني بإحدى القذائف وقضى في مشفى تشرين العسكري".
&
وأصدرت صفحة "قوات الدفاع الوطني" الموالية في موقع فايسبوك، بيانا نعت فيه العجلاني على أنه "رئيس مكتب الإعلام في الدفاع الوطني مركز دمشق" وانشأ اصدقاء ثائر الموالين للنظام صفحات تخليدا لذكراه.
&
وأعلن تلفزيون الاخبارية السورية في شريط عاجل "استشهاد الإعلامي في الدفاع الوطني ثائر العجلاني أثناء تغطيته الاشتباكات في منطقة جوبر بريف دمشق" .
&
فيما أوردت الوكالة العربية السورية للأنباء "سانا" مقتل العجلاني "اثناء تغطية عمليات الجيش والقوات المسلحة ضد التنظيمات الارهابية التكفيرية في حي جوبر" مشيرة الى انه كان يعمل مراسلا لاذاعة شام أف ام، في حين ذكرت قناة الـ"أل بي سي" في شريط عاجل أن مراسلها ثائر العجلاني استشهد.
&
كما نعت وزارة الاعلام السورية العجلاني حيث نقل التلفزيون السوري عنها "ارتقاء الزميل الاعلامي ثائر شمس الدين العجلاني شهيدا اثناء قيامه بواجبه الصحافي".وكان العجلاني يعمل ايضا لحساب صحيفة "الوطن" المحسوبة على رامي مخلوف ابن خال الرئيس السوري.