يذكر التاريخ الدور الكبير الذي لعبه الأزهر الشريف، في حماية المذهب السني، والوقوف بشدة بوجه ظلم الحكام من أجل نصرة الدين والناس، وفي ذكرى تأسيسه، تتمنى جموع المسلمين استمرار هذا الدور. &
&
القاهرة: أكثر من 1530 عامًا مروا على إنشاء الجامع الأزهر الشريف على يد جوهر الصقلي، وبأمر من المعز لدين الله الفاطميٍ، أول الخلفاء الفاطميين في مصر عام 970م، فكان أول منبر لنشر المذهب الشيعي.
&وبعد أن كان دوره مقصورًا على العبادات الدينية أصبح &ملتقىً لحلقات العلم، وعند قيام الدولة الأيوبية في مصر أغلق الجامع عام 1171م، لتحويل مصر إلى المذهب السني، واستمر مغلقًا 100 عامٍ إلى أن أعاد فتحه السلطان الظاهر بيبرس عام 1266م على المذهب السني، ويعتبر الأزهر أقدم جامعة إسلامية عرفها العالم منذ القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي )، وما زالت تمارس دورها التعليمي والفكري و الثقافي حتى الآن.
ومع احتفال المصريين بذكرى تأسيسه، انتقد أزهريون وضع الجامع، حاليًا من حيث استمرار التبعية للسلطة، وعدم تفعيل نصوص الدستور، كما طالبوا تبني شيخ الأزهر سياسة الاستماع إلى الرأي الآخر، من أجل نجاح قضية تجديد الخطاب الديني التي تعتبر من أكبر معاركه على مر التاريخ.&
&
أشهر علماء الأزهر
&تناوب على منصب شيخ الأزهر عبر تاريخه الطويل 47 عالمًا وشيخًا، من أشهرهم محمد بن عبدالله الخراشي "وهو أول إمام للجامع الأزهر الشريف وأحد كبار العلماء المسلمين.
إبراهيم البرماوي، محمد النشرتي، الشيخ الثالث للأزهر، وأحد أعلام الفقه المالكي .
محمد مصطفى المراغي، وعين شيخًا للأزهر في عام 1928م وهو في السابعة والأربعين من عمره، وكان معنيّا بإصلاح الأزهر، ولكنه لما وجد أن هناك عقبات كثيرة تحول بينه وبين ذلك، استقال من منصبه، وأعيد تعيينه مرةً أخرى بعد التظاهرات الكبيرة التي قام بها طلاب الأزهر وعلماؤه.
&محمود شلتوت ثم الشيخ عبد الحليم محمود الذي أنشأ جامعة الأزهر، الدكتور جاد الحق علي جاد الحق، ثم الدكتور محمد سيد طنطاوي، وأخيرًا الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الحالي.
&&
مواقف لا تنسى&
يقول سعد الدين الهلالي أستاذ الفقه المقارن في جامعة الأزهر: "إن الأزهر عبر تاريخه &كان فيه المشايخ الكبار، الذين تحقق فيهم قول الله عز وجل «الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ»، حيث رأيناهم يقودون معارك كبيرة ضد ظلم الحاكم، ونصرة الدين والناس، كما كان للأزهر دور وطني ، وقت الحملة الفرنسية، وكذلك قاد مشايخه الثورات الشعبية ضد الاحتلال، وفي العصر الحديث وجدنا الأعلام الكبار مثل الشيخ المراغي والشيخ شلتوت، رائد التقريب بين المذاهب، والدكتور عبدالحليم محمود فقد انتشر في عهده المعاهد الأزهرية، ومن عظماء مشايخ الأزهر الدكتور &جاد الحق علي جاد الحق، الذي وقف أمام القوانين المشبوهة ،وما عمل حسابًا لأحد إلا لله عز وجل أمام قوانين مخالفة للشريعة ولم يجر الأزهر إلى معارك طائفية.&
وأضاف الهلالي ل"إيلاف" أن الأزهر الآن فقد الكثير من أمجاده وسلطاته ومكانته، فهو بحاجة إلى إطلاق من الوظيفة إلى رحاب الرسالة مرة أخرى، ومن التبعية للسلطة إلى الإستقلال في القرار، كما يحتاج إلى قيادات مستقلة قوية تنصر الدين وتقف أمام تدخلات السلطة في الأزهر .
&
تراجع كبير&
&في السياق ذاته قالت آمنة نصير، أستاذة العقيدة والفلسفة الإسلامية في جامعة الأزهر، لإيلاف: "إن الأزهر عبر الثلاثين عامًا الماضية شهد تراجعًا كبيرًا بالداخل والخارج، فقد استطاعت الحكومات المتعاقبة عبر السنوات الماضية ولأول مرة عبر تاريخه السيطرة عليه والتدخل في شؤونه الداخلية، ما ترتب عليه خروج القرارات والفتاوى والآراء الدينية المسيسة في الكثير من الأحيان، وسعت جميع قيادات الأزهر خلال السنوات الماضية إلى إرضاء الحاكم ما أفقد الأزهر الاستقلالية التي حافظ عليها جميع مشايخه عبر التاريخ".
وأشارت إلى أن الأزهر الآن بحاجة ملحة إلى معالجة السلبيات الكثيرة التي بداخله، وعلى قياداته الحالية تقبّل الرأي الآخر والنقد، فالأزهر ليس مؤسسة كهنوتية حتى تكون أمور الدين مقتصرة على قياداته وأعضاء هيئة كبار العلماء فقط، فيجب عليه استيعاب المتفق معهم والمختلف عنهم، وأن يكون لديهم تلك الثقافة دون أي حساسية، وهذا هو الأساس لتجديد الخطاب الديني .
&
التمسك بالرأي&
ويتفق معها في الرأي حسين عويضة رئيس نادي أعضاء التدريس في جامعة الأزهر قائلًا: "إن مؤسسة الأزهر تعاني تدخل السلطة التنفيذية في شؤونه الداخلية، ما ترتب عليه اتباع هؤلاء القيادات سياسة الاستبداد في بعض وجهات النظر التي ترفض الاختلاف، رغم أن الإسلام دين يقر بالاختلاف والفقهاء العظام بمدارسهم المختلفة أسسوا للإختلاف، مثل الإمام الشافعي والإمام مالك".
وأشار إلى أن الوضع في الأزهر لم يتحسن كثيرًا بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيو، فالتبعية للحكومة ما زالت موجودة، ولم يستغل شيخ الأزهر نصوص الدستور التي تدعو إلى استقلال كامل للأزهر في القرارات.
واكد حسين عويضة لإيلاف أن جميع شيوخ الأزهر عبر التاريخ نجحوا في معاركهم السياسية والفقهية، وفي ظل استمرار قياداته بالاستماع لأنفسهم فقط، لن ينجحوا في تحقيق شيٍء في أكبر معاركه عبر التاريخ المتعلقة بتجديد الخطاب الديني. &
وطالب أحمد الطيب بضرورة تطهير مؤسسة الأزهر من العناصر الموالية لجماعة الإخوان الإرهابية، والمشايخ التي تتولى مراكز قيادية لها أفكار متفقة مع أفكار الجماعات، وهو الأمر الذي استمر للأسف بعد ثورة 30 &يونيو، التي ثار فيها الشعب للحفاظ على الدولة المصرية وهويتها ومنها مؤسسة الأزهر الشريف، وكان ينبغي بعدها عمل مراجعة شاملة لكل العاملين في هذه المؤسسة وهو للأسف ما لم يحدث.
&