يقول سكان في ديار بكر، أكبر مدينة ذات غالبية كردية في جنوب شرق تركيا، إن "الدماء التي أريقت لم تجف بعد"، معربين عن الخشية من حرب جديدة بين الجيش والمتمردين الأكراد تعيدهم إلى فترة مظلمة لم يتمكنوا من نسيانها.


دياربكر: تؤكد حمدية بولوت (49 عامًا) أن "سكان ديار بكر خائفون، لا احد يخرج من منزله بعد الساعة الخامسة عصرًا"، في وقت انتهت الهدنة التي يلتزمها حزب العمال الكردستاني منذ العام 2013. ولدى مرور دبابة تابعة للجيش في الشارع، لا احد يعرف من اين ظهرت، تعبّر هذه المرأة المحجبة عن غضبها متسائلة "لماذا يجب ان يتحمل سكان ديار بكر كل هذا؟".

وانهى حزب العمال الكردستاني من جانب واحد وقفًا فعليًا لاطلاق النار بعد الهجوم الذي استهدف شبانًا اكرادًا في سوروتش (جنوب) في 20 تموز/يوليو الحالي، ونسب الى تنظيم الدولة الاسلامية، واثار موجة من الانتقام.

من جهتها، تتوقع بينار دمير، وهي محامية شابة، مستقبلاً قاتماً للغاية، "أسوأ" من "سنوات الرعب"، كما يطلق هنا على فترة الحرب المفتوحة بين حزب العمال الكردستاني والسلطة المركزية، عندما تضاعفت الهجمات والغارات الانتقامية للجيش ابان التسعينات. وتقول ان "شعوب المنطقة لا تريد ان تعيش حرباً جديدة، اغتيالات جديدة واعتقالات تعسفية"، معربة عن القلق حيال الشبان من جيلها "لقدرتهم على حمل السلاح والموت".

تقصير إردوغان
وفي ديار بكر، وجّه معظم الناس الثلاثاء اصابع الاتهام الى الرئيس رجب طيب أردوغان وحزبه الاسلامي المحافظ، واتهموه بعدم اتخاذ تدابير لحماية الاكراد الذين استهدفهم الجهاديون في سوروتش. ويظهر الشبان الجالسون في المقاهي والمطاعم، وهم غالبًا من العاطلين عن العمل، الكثير من السخط والغضب ولا يستبعدون أي خيار.

ويقول اجيت سيزين (22 عامًا)، "قام حزب العمال الكردستاني بكل شيء لتجنب الحرب"، مضيفاً "يبدو ان الأتراك يريدون الحرب وخصوصًا من مؤيدي اردوغان على أي حال".

اما مراد اوزون، مرشح حزب الشعب الجمهوري (الاشتراكي الديموقراطي) في الانتخابات التشريعية التي جرت في السابع من الشهر الماضي، فيعرب عن اعتقاده بضرورة "تهدئة الشباب، واظهار طريق السلام لهم مرة اخرى". ويقول الرجل التركي (55 عامًا) بنبرة قلقة "نحن نعيش معا اتراكًا واكرادًا".

لا إرادة
واذ يقر بأن هذه "الفترة تشوبها اضطرابات"، لكنه يبدي اقتناعاً بأن "العودة إلى التسعينات مستحيلة، لانّ احدًا لا يريد هذه الحرب في تركيا من الشمال الى الجنوب ومن الشرق الى الغرب". بدوره، يقول وهاب كوسكون "اذا كان حزب العمال الكردستاني يريد حقًا ذلك، فإن بامكانه تهدئة الشباب الغاضب جداً".

ويضيف استاذ القانون في جامعة ديار بكر، وهو من اصول كردية، "نعلم جيداً بأن عشرات الآلاف من القتلى خلال ثلاثين عامًا من الصراع لا يمكن نسيانهم بسرعة. فالدماء لم تجف بعد". ويوضح كوسكون "لقد شهدنا جميعاً في السنوات الاخيرة، من خلال المفاوضات بين حزب العمال الكردستاني وأنقرة، ان الحل السلمي امر ممكن". ويختم استاذ القانون قائلا إن "الناس اليوم يريدون عملية سلام حقيقية، وليس آلاف القتلى".