الارهاب يتوسل كل وسيلة من أجل تحقيق أهدافه التخريبية، لذا يتوجب على الاعلاميين العرب، في الاعلام التقليدي أو الجديد، منع هذا الاستغلال، وتجاوز رهاب التواصل الاجتماعي، بعد تكريسه لخدمة الأهداف الوطنية.

دبي: حذر الشيخ سلمان صباح السالم الحمود الصباح، وزير الإعلام ووزير الدولة لشؤون الشباب بدولة الكويت، من استغلال وسائل الإعلام الجديد من قبل جهات أو أفراد ذات دوافع إجرامية أو إرهابية لنشر فكرها الضال.

وأشار إلى أن شيوع الإنترنت وربطها بالعالم أسس لحروب الجيل الرابع المتقدمة، مؤكدًا الدعوة إلى ضرورة مواكبة عصر الرقمنة، وتفعيل دور الإعلام الوطني والقومي في تحقيق عملية حوار إنساني خلاق للبناء والتنمية المعرفية الداعمة لاستقرار الدول والشعوب.

وفي خطاب تلاه نيابة عنه فيصل المتلقم، الوكيل المساعد لقطاع الإعلام الخارجي في وزارة الإعلام الكويتية، مساء الاثنين المنصرم، في الجلسة الافتتاحية لندوة "الإعلام العربي في عصر الإعلام الرقمي"، ثاني ندوات منتدى أصيلة الـ37، قال الحمود الصباح إن الإعلام الرقمي أصبح ضرورة ملحة لوسائل الإعلام كافة لتطوير آلياتها والقيام بدورها المعرفي والتنموي على أكمل وجه، "خصوصًا منذ ظهور الإنترنت بشكل واسع في ظل مفهوم العولمة الثقافية، بلغة وأدوات أكثر نفاذًا وفعالية، في تشكيل فكرة المجتمع ووجدانه"، بحسب تقرير نشرته "الشرق الأوسط".

نظرة مرتابة

وفي الندوة نفسها، دعا مصطفى الخلفي، وزير الاتصال المغربي والناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، إلى تجاوز النظرة المتوجسة المرتابة للإعلام الرقمي الذي ينمو ويتقدم ويتعزز، "فالقوة الدافعة في الإعلام الرقمي هي الشباب، والتحدي الأبرز هو التفاعل معه، وأنا أقف على مآسٍ حقيقية في الإعلام الرقمي تكشف عن استغلاله لفائدة تيارات عنيفة أو عدائية، وآخر شيء تفكر فيه هو أمن المجتمعات واستقرارها، بل تعتبر أن المس بهذا الاستقرار والمس بوحدة الشعوب أولويتها ومؤشر نجاحها".

وقال محمد بن عيسى، أمين عام مؤسسة منتدى أصيلة ووزير خارجية المغرب الأسبق، إن هذه الندوة "إزاحة ستار رمزي عن التطورات الهائلة الحاصلة على مدى الأيام في حقل الإعلام في الوطن العربي، في الظروف القلقة التي تمر بها الأمة العربية، حيث يوظف الإعلام توظيفًا مغايرًا لا يستقر على حال، ومسؤولية تنظيم الحقل وتأهيله تقع على عاتق الدولة والحكومة، وعلى الإعلاميين ألا يتركوها تشرع بمفردها، بل الدخول معها في حوار هادف مخصب، ومساعدتها على التنظيم المتوازن، من دون المساس بالحريات".

سلطة الاعلام

ورأى فهد العرابي الحارثي، رئيس مركز أسبار للدراسات والبحوث والإعلام في المملكة العربية السعودية، أن مجيء الإعلام الرقمي "كان إعلانًا صريحًا للتبشير بموت النخبة، إذ أصبح الناس يشتركون في إنتاج إعلامهم، وأن الثقافة أو المعرفة لم تعد تهطل على رؤوس الناس من الأعلى، كما تلاشت أيضًا ديكتاتورية المثقف الصانع التقليدي لمنتجات الثقافة، وحلت محلها ديمقراطية المعرفة التي سهلت لكل الناس تداول المعلومات والأفكار وعممت إعادة إنتاجها".

وأضاف الحارثي: "إن لعصر ما بعد الحداثة وعصر الإنترنت خيرًا كثيرًا على المواطن في كل مكان، لكن الخير الأكثر هو على المواطن العربي تحديدًا، وإننا نعيش اليوم مرحلة مفصلية وجديدة في تاريخ الإعلام، هي مرحلة الانتقال من إعلام السلطة إلى سلطة الإعلام".

وتناولت الجلسة الأولى موقع الإعلام العربي من التحولات الجديدة في بيئة الإعلام الرقمي، وقدرة الإعلاميين العرب على مسايرة التحولات التقنية في جوانبها المختلفة.

وقال عبد الخالق عمراوي، الأستاذ في جامعة محمد الخامس بالرباط: "مع انفجار الفورة الإعلامية الرقمية، بدأت السلطة تسحب تدريجيًا من تحت أقدام السلطة، ووجدت أنماطًا مختلفة من التعامل والتفاعل مع هذا الوليد الجديد، وأضحى الانتقال إلى الإعلام الرقمي ضرورة حتمية تفرض على الدول والحكومات العربية الانخراط الفعلي والجاد فيها، لكن يلزم الكثير من الوقت لتأهيل الفاعلين والقيمين على الإعلام لترجمة النيات وبلورتها على أرض الواقع".

سهولة وصعوبة

وقال ماضي عبد الله الخميس، أمين عام منتدى الإعلام العربي في الكويت ورئيس تحرير جريدة "الكويتية": "كان الإعلام العربي قبل التكنولوجيا محدودًا وحكوميًا، لكن الإعلام الرقمي أحدث سهولة في أشياء وصعوبة في أشياء أخرى، كالتفاعل وسرعة الوصول إلى المعلومة، ومن جهة أخرى اختفاء حقوق الملكية".

وأكد الخميس أهمية المشاركة الكويتية في فعاليات مهرجان أصيلة الثقافي، وقال إن الوفد الاعلامي الكويتي المشارك في الندوة قدم صورة واقعية لدولة الكويت الحديثة في مجال الاعلام الرقمي، مشددًا على "الدور الحيوي" لهذه المشاركة التي يعود الفضل في تنظيمها الى وزير الاعلام وزير الدولة لشؤون الشباب الشيخ سلمان صباح السالم الحمود الصباح.

واوضح أن هذه الندوة مكنت المشاركين من الاعلاميين العرب ونشطاء مواقع التواصل الاجتماعي من التعرف على تجربة الكويت الرائدة، سواء على مستوى الاعلام التقليدي أو الاعلام الجديد.

وقال في تصريح لوكالة الأنباء الكويتية: "الاعلام لا يتغيّر لكن الذي تغيّر هو ادوات الاعلام واستراتيجياته، والكويت كانت قبلة للصحافيين العرب الذين ضاقت بأفكارهم واقلامهم بلدان أخرى ثم حين تطورت وسائل الاتصال الحديثة في ظل الطفرة التكنولوجية وانخرط فيها الاعلام الكويتي وشباب الكويت بتلقائية ومسؤولية ايضًا".

الصحافة التقليدية موجودة

وأبرز الخميس التحولات التي شهدها المجتمع الكويتي في ظل الانتشار الواسع للاعلام الجديد وشيوع الاعلام الرقمي، لاسيما في اوساط الشباب الذين يلاحقون المعلومة عبر مواقع الصحافة الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، مشيرًا إلى أنه رغم استخدام نحو ثلثي سكان الكويت للانترنت، فإن الصحافة الورقية والاعلام التقليدي&لا يزالان يشغلان مساحات عريضة ويستقطبان الاهتمام في الكويت.

وذكر أنه تحدث في خلال الندوة عن تجربة الكويت في مرحلة ما قبل الطفرة التكنولوجية والثورة المعلوماتية وما بعدها، منبهًا إلى أن الكويت لم تتعرض لصدمة الحداثة في هذا الانتقال، لأن الشعب الكويتي راكم عبر عقود من الزمن تجارب التعاطي مع متغيرات الحداثة، وذلك بانفتاح وتقبل من قيم راسخة لديه بثقافة التعايش والتسامح وحرية الاختلاف.

وأشار الخميس الى التطور الذي شهدته وسائل الاعلام، والتي مكنت الاعلام من تجاوز معوقات تطوره ونمائه، سواء من حيث البطء أو من حيث مساحة الانتشار وحرية النشر، اضافة الى اكراهات التمويل وجدلية الإلقاء والتلقي.