بعد عقود طويلة من الاعتقاد بأن الترويج العنيف والجنسي لأي منتج يضاعف مبيعاته، قالت دراسة جديدة إن العنف والجنس يشتتان انتباه المستهلك عن المنتج المروج له، فتأتي النتائج عكسية.

بيروت: للإعلان والتسويق مدارس عدة، أولها وأكثرها استخدامًا هي تلك التي تعتبر أن المشاهد المثيرة جنسيًا أو العنيفة والقوية تترك أثرًا في المشاهد، وتحفزه لشراء المنتج أو ترغبه بتجربته.

لا يبيع

ليس جديدًا تسليع أجساد النساء والرجال لتسويق المنتجات، حتى ولو كانت بديهية كمسحوق غسيل، فهو أسلوب تستخدمه أغلبية وكالات الدعاية والإعلان، باعتبار أن "الجنس يبيع". كما أن البرامج والأفلام العنيفة التي تشد المشاهدين هي الأكثر مبيعًا إعلانيًا، باعتبار أنها الأكثر مشاهدة، وبالتالي الأكثر استقطابًا للمستهلك.

لكن دراسة حديثة أجراها خبراء من جامعة أوهايو أثبتت عكس ذلك تمامًا، وأكدت أن "الجنس والعنف لا يبيعان"، بل يشتتان انتباه المشاهد الذي يركز على الإثارة في الإعلان بدلًا من المنتج.

ونشرت أول مطبوعة إعلانية لامرأة عارية في العام 1936، وكانت تسوق لصابون "وودبري"، فظهرت فيها امرأة مستلقية على الشاطئ وذراعها اليمنى تغطي صدرها. من هنا دخلت عبارة "الجنس يبيع" Sex Sells إلى عالم الإعلان، وتستمر حتى يومنا الحالي، سواء كان المنتج جماليًا أو مطبخيًا أو حتى علبة من السجائر أو مكواة كهربائية.

يشتت الانتباه

الدراسة الجديدة التي نشرتها مجلة علم النفس تقول إن الجنس والعنف يجذبان انتباه المشاهد، لكنهما يشتتان تركيزه عن السلعة المروج لها، ما يؤدي إلى نتيجة عكسية.

يقول براد بوشمان، أستاذ الاتصالات في جامعة ولاية أوهايو والمؤلف المشارك للدراسة، إن الإعلانات المثيرة أو التشويقية تجعل المشاهد أكثر تنبهًا إلى أحداثها، لكن هذا لا يعني أن الإعلان سيترجم إلى مبيعات.

تقول الدراسة: "المعلنون يعتقدون أن الجنس والعنف يبيعان، لذلك نلاحظ انهم يحرصون على شراء الوقت المخصص للدعاية خلال البرامج الجنسية والعنيفة، وبالتالي يستمر المنتجون أيضًا في صنع افلام وبرامج جنسية وعنيفة تجذب عائدات الإعلانات".

لكن عندما يعرض إعلان لامرأة رشيقة أو رجل جذاب ومثير في خلفية منتج كمسحوق غسيل مثلًا، فإن اهتمام المشاهد ينصب على الإثارة، وبالتالي يهمل المنتج فلا يحقق الاعلان النتيجة المرجوة. يقول: "ليس مسحوق الغسيل ما يحصل على اهتمامنا كمشاهدين بل الجنس والمشاهد المثيرة، وهذا يعني أن الجنس يشتت ولا يبيع في السياق الإعلاني والتسويقي".

الأقل بيعًا

ووجد بوشمان، وشريكه في الدراسة روبرت لول، ما مجموعه 1869 دراسة تناولت استجابة المستهلك للجنس والعنف على المدى الطويل خلال السنوات الماضية. واستثنى الباحثان الدراسات التي لم تعالج بصورة مباشرة استجابة المستهلكين، والتي لا تستهدف بوضوح تأثير الجنس و / أو العنف على المستهلك.

وأظهرت النتائج أن استخدام العنف والجنس يمكن أن يأتي بنتائج عكسية في الواقع، والناس ستكون أقل تذكرًا للمنتج، لأنها تركز على الأحداث المثيرة، ما يعني أنها ستكون أقل عرضة لشراء المنتج".

ووجدت الدراسة ايضًا أن العوامل الديموغرافية تؤثر في الاستجابة للإعلانات الجنسية أو العنيفة، فالنساء أكثر ميلًا لتذكر المنتجات من الإعلانات الاستفزازية، في حين يميل الرجال إلى التأثر بالجنس أو العنف فلا يتذكرون المنتج.

أما كبار السن، فيعمدون إلى تفادي هذه الاعلانات، في حين أن المستهلكين الأصغر سنًا هم الأكثر تأثرًا بإعلانات الجنس والعنف. وخلص الباحثون إلى أن العلامات التجارية التي يتم تسويقها بإعلانات مثيرة هي الأقل تفضيلًا والأقل قدرة على البيع والأقل تقييمًا لدى المشاهدين.