أرغمت احتجاجات شعبية ضخمة في بغداد ومدن عراقية أخرى خلال الساعات الأخيرة على الدفع برئيس الوزراء إلى توجيه الوزراء والمسؤولين للنزول إلى الميدان لمتابعة مشاكل المواطنين وإيجاد الحلول لها وإلى تواجد منتسبي وزارة الكهرباء في المواقع لتصليح الأعطاب وزيادة الإنتاجية وتوفير الطاقة للمواطنين الذين يعيشون هذه الأيام تحت حرارة لامست 53 درجة مئوية.


أسامة مهدي: شهدت ساحة التحرير في وسط العاصمة العراقية ومراكز محافظات أخرى تظاهرات ليلية مساء الجمعة بسبب درجات الحرارة المرتفعة هتفت ضد الفساد ودعت إلى إجراءات حاسمة تؤمن الخدمات العامة وتوفر الكهرباء للمواطنين.

وفي وقت كان المتظاهرون لا يزالون يعبّرون عن مواقفهم الغاضبة حتى وقت متأخر من ليل الجمعة، فقد سارع رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى عقد اجتماع طارئ مع وزير الكهرباء قاسم الفهداوي وكادر الوزارة لمتابعة مشاكل الكهرباء والضعف الذي أصاب المنظومة وضرورة بذل المزيد من الجهود لزيادة ساعات تجهيز الكهرباء للمواطنين ومحاربة الفساد. وشدد على جميع الوزراء والمسؤولين على النزول إلى الميدان للإطلاع على مشاكل المواطنين وإيجاد الحلول السريعة لها.

وقد استمع رئيس الوزراء إلى شرح مفصل عن أسباب تردي الكهرباء والانقطاعات المستمرة للتيار الكهربائي، خاصة مع اشتداد موجة الحر الحالية، التي تشهدها مناطق العراق كافة. وأبدى عدم رضاه عن مسارات العمل في الكهرباء، مؤكدًا أن خروج المتظاهرين في العديد من المناطق احتجاجًا على تردي أوضاع الكهرباء له ما يبرره ولا بد من إيجاد حلول سريعة لهذه المشكلة.

وأكد العبادي على ضرورة تواجد منتسبي وزارة الكهرباء في المواقع لتصليح الأعطاب وزيادة الإنتاجية والتطبيق الكامل للأمر الذي تم إصداره من قبله قبل أيام بشمول جميع المسؤولين بالقطع المبرمج للكهرباء. وأشار إلى حق المواطنين في التعبير عن آرائهم ودعوة جميع المسؤولين إلى الاستماع إلى مطالبهم، كما نقل عنه بيان صحافي لمكتبه الإعلامي إطلعت على نصه "إيلاف"، مشيدًا بالمواطنين والمتظاهرين على "احترام النظام العام والتعبير عن آرائهم بصورة حضارية، كما تقدم بالشكر إلى القوات الأمنية التي قامت بحماية المتظاهرين وحفظ الأمن والتعامل مع المواطنين باحترام وبكل مهنية وتفان، مما يعزز التلاحم بين المواطنين والقوات الأمنية التي تحارب الإرهاب وتحفظ الأمن للمواطنين" بحسب قوله.

وتظاهر آلاف العراقيين في ساحة التحرير وسط بغداد وفي مراكز محافظات البلاد مطالبين بتوفير الكهرباء، واتهموا الحكومة بسوء إدارة ملف الخدمات، ورددوا هتافات شعبية ناقدة، فيما فرضت القوات الأمنية طوقًا أمنيًا حول أمكنة التظاهرات فضلًا عن قطع جميع الطرق المؤدية إليها.

من جهته برّأ وزير الكهرباء قاسم الفهداوي نفسه من مسؤولية الأزمة التي تشهدها بغداد والمحافظات، ملقيًا اللوم على الإدارات السابقة لملف الكهرباء. وقال في تصريح صحافي "نحن نتعاطف مع المواطن ومتألمون لما يعانيه ونشعر به لأننا جزء منه، ولكن نقول إننا لسنا مسؤولين عن المشكلة، فنحن استلمنا واقعًا خربًا، والآن نسعى جاهدين ليلًا& نهارًا لغرض التخفيف مما يعانيه". وأضاف "إننا نراهن على الدعم الإضافي الذي سنحصل عليه من قبل الوزراء بتجهيز كمية إضافية من الوقود، وقد حصلت الموافقة حول ذلك وستدخل المحطات المتوقفة إلى الخدمة خلال بضعة أيام".

30 مليار دولار أنفقت على الكهرباء أكل الفساد معظمها
وكان المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني قد وجّه انتقادات لاذعة إلى حكومة العبادي لفقدان الخدمات وتصاعد البطالة وانتشارالفساد، وقال إنه أساس البلاء.. وحذرها قائلًا "إن لصبر المواطنين حدودًا"، مطالبًا بالاستجابة لمطالبهم وعدم التعامل مع احتياجاتهم بعنف.

وقال معتمد المرجع السيستاني الشيخ عبد المهدي الكربلائي خلال خطبة الجمعة من مدينة كربلاء (110 كلم جنوب بغداد) إن فقدان الخدمات العامة في العراق، وخاصة النقص الكبير في الطاقة الكهربائية، يتصاعد مع ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات غير مسبوقة لامست 53 درجة مئوية.. مشيرًا إلى أنه كان على الحكومات المتعاقبة معالجة هذه المشكلة من خلال خطط عملية فعالة، لكن المؤسف أن كل حكومة تضع اللوم على سابقتها، ولا تقوم هي بالعمل على تخفيف معاناة العراقيين.

ويوم الأربعاء الماضي قرر رئيس الوزراء حيدر العبادي شمول سكن جميع مسؤولي الدولة من ضمنهم سكن رئيس الحكومة والوزراء والرئاسات الثلاث ونوابهم والنواب والمحافظون ورؤساء وأعضاء مجالس المحافظات والهيئات المستقلة والوكلاء والمستشارون والمدراء العامون بالقطع المبرمج للكهرباء.. كما منع منعًا باتًا استخدام تخصيصات الوقود من الدولة لتشغيل المولدات للسكن الخاص لجميع المسؤولين في الدولة.

من جهتها توقعت هيئة الأنواء الجوية أن يشهد العراق خلال اليومين المقبلين درجات حرارة مرتفعة لتسجل أكثر من 50 درجة مئوية في بغداد. وقالت إن" البلاد ستشهد موجة حر جديدة أشد من سابقاتها لتلامس 53 درجة مئوية، ما دعا الحكومة إلى تعطيل الدوام الرسمي من الخميس إلى الأحد المقبل.

وتشير مصادر عراقية إلى أن حكومات البلاد التي تعاقبت على حكم العراق بعد عام 2003 قد أنفقت على مشاريع الطاقة الكهربائية خلال السنوات الاثنتي عشرة الماضية حوالى 30 مليار دولار.
&