أعلنت الخارجية المصرية عن بدء جولة جديدة من الحوار الاستراتيجي مع الإدارة الأميركية، ينعقد غدًا الأحد، وسوف تكون قضايا حقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب والتسليح أهم محاور هذا الحوار.


أحمد حسن من القاهرة: أعلنت وزارة الخارجية أن الحوار الاستراتيجي المصري - الأميركي سينعقد يوم الأحد&في الثاني من آب (أغسطس)، بعدما كان محددين له يوما 27 و28 تموز (يوليو) الجاري، حيث من المقرر أن يرأس وفد الولايات المتحدة في جلسات الحوار وزير الخارجية جون كيري، بينما يرأس سامح شكري الوفد المصري.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية السفير المصري بدر عبد العاطي: "إن الحوار الاستراتيجي المقبل بين مصر والولايات المتحدة يمثل فرصة لترسيخ العلاقات الثنائية ويعكس قوة وأهمية الشراكة المستمرة بين البلدين في محاربة الإرهاب، وكانت العلاقات المصرية الأمييكية قد تدهورت بعدما أعلن الجيش المصري عزل الرئيس المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي، إثر احتجاجات حاشدة على حكمه عام 2013، ثم تحسنت تدريجيًا مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، وفي أواخر آذار (مارس) الماضي، أنهى الرئيس باراك أوباما تعليق إمدادات الأسلحة إلى القاهرة، ووافق على تسليمها أسلحة أميركية تتجاوز قيمتها 1.3 مليار دولار، كما سلمت الولايات المتحدة مصر زورقي صواريخ سريعين.

حوارات مسبقة
جدير بالذكر أن مسألة الحوار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة ومصر ليست جديدة، فقد بدأت في عام 1998 في واشنط، وكان يمثل مصر وزير خارجيتها وقتئذٍ عمرو موسى، ويمثل الولايات المتحدة وزيرة الخارجية مادلين أولبرايت، واتفق الجانبان على أن يتحول الحوار إلى عمل مؤسسي مستمر، تتابع فيه جلسات للحوار بين مسؤولين من البلدين.

واتفق الطرفان على أن تكون العلاقة أوسع مدى من حدود العلاقة الثنائية، لكن هذه الخطوة المبدئية سرعان ما انتكست مع مجيء جورج بوش إلى الحكم 2001 وصياغة إدارته لسياسة خارجية تربط توجهاتها السياسية، وحدث خلافات بين الإدارة الأميركية والرئيس السابق مبارك، وبالرغم من أن مجيء أوباما رئيسًا قد جلب معه آمالًا في تغيير مسار السياسة الخارجية للولايات المتحدة.

إلا أن ما حدث في مصر في 25 يناير، ثم في الموجة الثانية للثورة في 30 يونيو، قد شهد اندفاعًا هجوميًا من إدارة أوباما في مواجهة إرادة المصريين، التي أزاحت نظام حكم الإخوان، وفي عهد الرئيس المصري عدلي منصور وجّه دعوة للرئيس أوباما إلى البدء في حوار استراتيجي بين البلدين، وهو ما قبلته الخارجية الأميركية في لقاء جمع بين وزيري خارجية البلدين جون كيري ونبيل فهمي.

صفحة جديدة&
يرى السفير صلاح فهمي، مساعد وزير الخارجية السابق، أن الحوار الاستراتيجي بين مصر وأميركا سوف يركز في القضايا التي تمثل مصالح مشتركة للطرفين على السواء، وسيتم تحديد نقاط الخلاف السياسية حتى لا تؤثر في نقاط الاتفاق، باعتبار أن لكل منهما ظروفها، وانتماءاتها، وعلاقاتها، ومصالحها.

وقال ﻠ"إيلاف": "إن الإدارة الأميركية ترغب حاليًا في فتح صفحة جديدة مع مصر بعد تسليمها للأمر الواقع الذي حدث عقب ثورة يونيو، وتيقنت الإدارة الأميركية أن مصر تتبع سياسة خارجية بعيدًا عن التبعية للأميركيين، وبالتالي فإن سياسة العداء لمصر ومساندة الإخوان أصبحت غير مجزية، بل إن أميركا خسرت كثيرًا بعدائها لمصر، عبر سعي القاهرة إلى توقيع اتفاقيات عسكرية مع روسيا وفرنسا، بعدما كانت الولايات المتحدة هي المنفذ الأول للقاهرة في شراء الأسلحة".

وأشار فهمي إلى أن الولايات المتحدة هي التي طالبت بسرعة بدء الحوار الاستراتيجي بين الدولتين، ومن أجل ذلك وافقت إدارة أوباما على تسليم أسلحة أميركية تتجاوز قيمتها 1.3مليار دولار، كما سلمت الولايات المتحدة مصر زورقي صواريخ سريعين، هذا بخلاف تسليم طائرات الأباتشي، كما أكدت الخارجية الأميركية على تسليم المعونة العسكرية والاقتصادية كاملة، كل هذا نوع من إبداء حسن النية لدى الأميركيين، سعيًا إلى فتح حوار استراتيجي حقيقي مع القاهرة.

أهم المحاور
في السياق عينه أكد الدكتور عبد السلام النويري، خبير العلوم السياسية، أن الخارجية المصرية أعلنت أن الجانب الأميركي حريص على نجاح الحوار الاستراتيجي هذه المرة بعد فشل جميع الحوارت السابقة، كما أعلنت الخارجية عن انتهاء الترتيبات الخاصة بجولة الحوار الاستراتيجي المصري الأميركي، ومن المقرر عقد عدد من اللجان في جميع مجالات العلاقات بين القاهرة وواشنطن، سواء في الناحية الاقتصادية أو السياسية، لدفع عجلة الحوار الثنائي إلى الأمام.

وأضاف النويري أن هذا الحوار له أهمية خاصة بعد حالة الفتور التي شهدتها العلاقات بين البلدين بعد ثورة 30 يونيو، وهي خطوة مهمة لإعادة قوة العلاقات في جميع المجالات ووقف محاولات إفساد العلاقات والمؤامرات.

وقال خبير العلوم السياسة ﻠ"إيلاف": "إن هذا الحوار له أهمية خاصة في هذا التوقيت، حيث تمر المنطقة بأسرها بتحولات حرجة بدرجة غير مسبوقة، ولهذا ينتظر أن يتضمن الحوار محاور أساسية، على رأسها مواجهة الإرهاب والحرب على داعش في جميع دول المنطقة العربية، كما سيكون للأوضاع في ليبيا واليمن النصيب الأكبر في المناقشات، كذلك تفعيل التسوية السياسية لما لها من عائد على أمن المنطقة ككل".

نقاط الاتفاق
وقال الدكتور محمود شلتوت أستاذ العلوم السياسة في كلية السياسة والاقتصاد في جامعة القاهرة ﻠ"إيلاف": "إن الحوار الاستراتيجي سوف يدور في الأساس حول نقاط الاتفاق والملفات المشتركة، حيث ستكون العلاقات الاقتصادية والتسليح ومواجهة الإرهاب على رأس أجندة الحوار، في الوقت نفسه من المتوقع أن يتجنب الحوار النقاش بصفة عميقة& حول نقاط الخلاف، ولكن هذا لا يمنع أن يدور الحوار في بعض القضايا، حيث ينتظر أن يطرح الجانب الأميركي ملف حق الإنسان في مصر، وقضايا محاكمة الإخوان، في الوقت نفسه سوف تطلب القاهرة من الإدارة الأميركية البعد عن مساندة الإخوان، باعتبارهم جماعة إرهابية، والإعلان صراحة عن تأييد ما حدث عقب ثورة يونيو".

نجاح ملموس
وتوقع الخبير السياسي نجاح الحوار الاستراتيجي بين القاهرة وأميركا هذه المرة خاصة، حيث سيترتب عليه تغيير ملحوظً في سياسية الإدارة الأميركية خلال الفترة المقبة، وقد يسفر عن دعوة الرئيس السيسي إلى زيارة واشنطن قريبًا.

كما يتوقع أن تتغير إدارة أوباما من موقفها الداعم للإخوان، خاصة وأنهم مقبلون على انتخابات رئاسية جديدة خلال أشهر قليلة، وسط تراجع كبير في شعبية الحزب الديمقراطي أمام الحزب الجمهوري، كل هذه الأجواء والتحديات السياسية تجعل من الصعب على الإدارة الأميركية الحالية فقدان حليف استراتيجي مهم في المنطقة.

&