يريد مسؤولون في أكبر جمعية أميركية للأطباء النفسيين تعزيز أخلاقيات المهنة، بعد الكشف عن تواطؤ بين عدد من أعضاء هذه الجمعية ووزارة الدفاع، خلال جلسات استجواب، استخدمت فيها القوة، في إطار مكافحة الإرهاب بعد اعتداءات 11 أيلول/سبتمبر 2001.


إيلاف - متابعة: اعلنت نادين كاسلو استاذ التحليل النفسي في كلية الطب في جامعة ايموري في ولاية اتلانتا (جنوب شرق)، لوكالة فرانس برس ان مسؤولي الجمعية الاميركية لعلم النفس (اميركان سايكولوجي اسوسييشن) سيوصون بتشديد القواعد الاخلاقية لمنع الاعضاء من المشاركة في جلسات استجواب ينظمها الجيش او الاستخبارات.

نحو التجريم
وقالت ان مجلس ادارة الجمعية "سيعرض هذه التوصية على الاعضاء الـ173 في مجلس الممثلين الهيئة القيادية للجمعية، للتصويت عليها خلال مؤتمرها السنوي في تورونتو" في كندا في الاسبوع المقبل. واضافت انها "لا تعرف ما اذا كان سيتم تبني النص بالكامل او سيعدل". وفي حال اقر النص، تصبح اي مشاركة لطبيب نفسي في جلسات استجواب مرتبطة بالامن القومي مخالفة للقواعد الاخلاقية للجمعية.

تنطبق هذه القاعدة ايضًا على وسائل الاستجواب التي توصف بغير القمعية، وتلجأ اليها الادارة الاميركية. وكان الرئيس الاميركي باراك اوباما وقع في 2009 مرسوما يحظر اللجوء الى تقنيات الاستجواب العنيفة التي استخدمت في عهد الرئيس جورج بوش الابن، مثل الايهام بالغرق الذي بات يعد شكلًا من اشكال التعذيب.

وترد الجمعية الاميركية لعلم النفس بذلك على تقرير نشر في تموز/يوليو، ويتضمن نتائج تحقيق مستقل عن مشاركة علماء نفس معروفين في برامج للاستجواب بالقوة لوكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه) ووزارة الدفاع في عهد بوش.

تجاوزات مهنية
اجرى محام في شيكاغو يدعى ديفيد هوفمان التحقيق لحساب مجلس ادارة الجمعية. وقال ان هناك تواطؤًا بين قلة من مسؤولي الجمعية لملاءمة سياساتها مع سياسات وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) بطريقة تسمح لأطباء النفس بالمشاركة في جلسات الاستجواب.

وكشف المحققون ايضًا ان اطباء نفسيين محترمين ساعدوا وكالة الاستخبارات المركزية على إخفاء ورعاية بعض جوانب برنامجها، حتى لا يتعرضوا لمساءلة حول القواعد الاخلاقية من قبل اطباء او مهنيين آخرين في قطاع الصحة.

وكانت سوزان ماكدانيال العضو في اللجنة الخاصة المستقلة للجمعية المكلفة كشف هذه الممارسات صرحت ان "تقرير هوفمان يتضمن وقائع مقلقة جدا تكشف نماذج من التواطؤ لم تكن معروفة من قبل".

وقالت كاسلو ان "الطريقة التي انشئت مجموعة العمل هذه بموجبها في 2005، واعضاءها، وما كان يجري في داخلها كانت كلها متاثرة بالتواطؤ بين مجموعة صغير من ممثلي الجمعية الاميركية لعلم النفس ووزارة الدفاع". واضافت انها "تشعر بحزن كبير" لما ورد في التقرير الذي يقع في 542 صفحة.

دور سلبي
وصرحت كاسلو ايضا ان الجمعية لم تناقش بعد تأثير هذه القواعد الجديدة على عمل اطباء النفس في الجيش او وكالات الامن القومي الاخرى. وقالت ان "الامر معقد جدا حاليا لانه لدينا اطباء نفسيون لدى الجيش، وعلينا ان نكون اكثر التزاما في هذه القضايا". واضافت "اعتقد انه ما زال لدينا عمل كبير يجب القيام به".

واكد بعض الاطباء النفسيين ان وسائل الاستجواب في ظل ادارة اوباما التي تقدم على انها غير قمعية، وتستند الى قواعد عمل الجيش، تطرح مشاكل ايضا. وهناك بعض الجوانب الغامضة خصوصا بشأن اللجوء الى الحرمان من النوم. وقال مسؤولون في الادارة الاميركية ردا على اسئلة لصحيفة نيويورك تايمز ان اطباء نفسيين ما زالوا يلعبون دورا في جلسات الاستجواب المرتبطة بالارهاب.

والهيئة الرئيسة المكلفة اجراء عمليات الاستجواب للمشبوهين الرئيسيين في الارهاب هي "مجموعة استجواب المعتقلين المهمين" (هاي فاليو ديتيني انتروغيشن) وهي وحدة وزارية يديرها مكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي آي).

ونقلت الصحيفة عن مسؤول كبير في الادارة ان هذه المجموعة تضم خصوصا عاملين في السي آي ايه ووزارة الدفاع ومكتب التحقيقات الفدرالي واطباء نفسيين يقومون بابحاث ويقدمون النصح بشأن طريقة الحصول على معلومات دقيقة من المشتبه فيهم في قضايا ارهاب. وذكرت وزارة الدفاع الاميركية ان بعضهم ما زالوا يواصلون العمل في القاعدة العسكرية الاميركية في غوانتانامو في كوبا.