فتحت النيابة الألمانية العامة تحقيقًا في 17 حادثة سيارة يفترض أن سلفيين متشددين، من داعمي داعش، لفقوها للفوز بقيمة التأمين دعمًا لداعش.

ماجد الخطيب: قال النائب الألماني غريغور غولاند، عن الحزب الديمقراطي المسيحي، إن أنصار داعش يتبعون التكتيكات نفسها التي كان فصيل الجيش الأحمر(بادر-ماينهوف) يستخدمها في ألمانيا، لتمويل نشاطاته الإرهابية في ستينات وسبعينات القرن العشرين. وأضاف: "بينما كان فصيل الجيش الأحمر يسطو على البنوك والمخازن الكبيرة قبل 40 سنة، يحاول السلفيون من دعاة داعش اليوم استغلال نظام التأمين الصحي والاجتماعي في ألمانيا لجمع التبرعات لتنظيمهم".

استخدام التأمين

كان غولاند وجه رسالة رسمية إلى وزارة الداخلية في ولاية الراين الشمالي فيستفاليا، يستفسر فيها عن كيفية استغلال أنصار داعش لنظام التأمين في عمليات تمويل نشاطاتهم. وجاء في رد الوزارة، الذي عممه غولاند على الصحافة، أن النيابة العامة الألمانية تحقق مع 24 سلفيًا في ولاية الراين الشمالي فيستفاليا، بتهمة التحايل على شركات تأمين السيارات.

وتعتقد النيابة العامة أن المتهمين، الذين تتراوح أعمارهم بين 23 و47 سنة، لفقوا 17 حادثة سيارة سعيًا للفوز بقيمة التأمين. وتبدو النيابة العامة على ثقة بأن مفتعلي الحوادث حولوا أموال التأمين، بهذه الطريقة أو تلك، إلى حسابات داعش السرية. ومن المحتمل أن الأموال قد نقلت مباشرة إلى العراق وسوريا، لأن اثنين من المتهمين نجحا في كسر حظر السفر المفروض عليهما من قبل السلطات، ووصلا فعلًا إلى حيث تنتشر تنظيماتهم بهدف المشاركة في العمليات القتالية لمصلحة داعش.

نال ملفقو حوادث السيارات مبلغ 8500 يورو عن أحد الحوادث في مدينة اوبرهاوزن، ومبالغ أخرى أصغر عن بقية الحوادث، التي تم معظمها باستخدام سيارات فاخرة مؤمنة بالكامل ضد الحوادث والسرقة. وعمومًا، يرتفع المبلغ الذي ناله أنصار داعش من تلفيق السيارات إلى نحو 100 ألف يورو.

التكرار كشف العملية

استخدم ملفقو حوادث السيارات الطريقة نفسها في افتعال الحوادث، رغم تباين المدن التي شهدتها، وهو ما عزز شكوك الشرطة بوجود تحايل ما. ثم لاحظت السلطات أن التعويضات كان تصل إلى حسابات الأشخاص أنفسهم، وكان بعضهم ممن يخضع لرقابة الشرطة بسبب نشاطه في جمع التبرعات أو حشد المتطوعين للقتال لصالح داعش.

الخطير في الموضوع هو أن هذه الإحصائية تشمل ولاية الراين الشمالي فيستفاليا فقط، ومن المحتمل أن داعمي الإرهابيين قد استخدموا أساليب التحايل نفسها على التأمين في الولايات الأخرى. ورغم أن هذه الولاية تعتبر من مراكز نشاط السلفيين المتشددين المهمة، إلا أن ولايات مثل هيسن وبادن فورتمبريغ وهامبورغ وبرلين لا تقل أهمية بالنسبة لهم. وتعود أهمية ولاية الراين الشمالي، بالنسبة للإرهابيين عمومًا، إلى نفوسها الكثيرة، ولأنها ملاصقة لهولندا وبلجيكا ولوكسمبورغ وفرنسا.

النائب غولاند حذر من أساليب ملتوية حديثة يتبعها المتشددون في البحث عن مصادر تمويل لتنظيماتهم. واعتبر التحايل في قضية تأمين السيارات مؤشرًا على أساليب مماثلة قد تكون مستخدمة في بلدان الاتحاد الأوروبي.

نهب كنائس الكفار

في تشرين الثاني (نوفمبر) 2014، أقامت النيابة العامة في كولون دعوى قضائية ضد "عصابة" من 8 أشخاص، ينتمون إلى منظمات إسلامية متشددة، كانوا يسرقون الكنائس بهدف جمع التبرعات لداعش.

وقال النائب العام اولف فيليهون إن الخيوط تقود إلى تنظيم دولة الحق الذي يقوده المتطرف بيير فوغل، الذي تصنفه دائرة حماية الدستور ضمن المحرضين على الكراهية، إذ سبق للسلطات الألمانية أن ألقت القبض على مصطفى ابياه (29 عامًا) في بيت أهل المشتبه به بيير فوغل، وكان الأمر يدور، بحسب بروتوكولات الاستماع للحديث، حول تجنيد ابياه في صفوف جند الشام. اتضح بعد ذلك أن أبياه أهم منظمي الخلية التي كانت تمارس سرقة الكنائس.

اعترف بعض المشاركين بانهم ساهموا في السطو على صندوق تبرعات، وعلى موجودات فضية تاريخية ثمينة، من كنيسة سانت اوغسطينوس في مدينة زيغرلاند. اتضح بعد التحقيق أن المجموعة نفسها سطت أيضًا على تحف ثمينة من كنيسة سانت كلارين في مدينة زيغن.

عدالة النحر

ويقول النائب العام فيليهون انهم تعقبوا مكالمات هاتفية بين أعضاء المجموعة جاء في بعضها كلام عن سرقة "دور عبادة الكفار"، بل كان بعضها يتحدث عن عدالة "نحر" الكفار وسرقة أموالهم. وعبر فيلهلم روشة، قسيس كنيسة سانت اوغسطينوس عن عدم تصديقه منطق اللصوص، وأضاف انهم سرقوا مرة في نهاية العام 2013 خزنة مليئة بالموجودات الثمينة، من قبو الكنيسة. وفشلت المجموعة آنذاك بفتح الخزنة وتركوها مع أدوات العمل التي استخدموها في قاعة رياضية مغلقة في ضواحي المدينة.

ونقلت مجلة "فوكوس" واسعة الانتشار عن مسؤولين في حماية الدستور أن أفراد المجموعة كانوا يرسلون، منذ منتصف العام 2013، نساء منقبات يشترين الحاجات الثمينة من المخازن الألمانية الكبيرة ببطاقات بنوك مسروقة، ويتاجرون ببيع جوازات سفر بلغارية مسروقة. كما ثبت على بعضهم العمل غير المشروع واستلام المساعدات الاجتماعية الخاصة بالعاطلين في الوقت نفسه.

وفي محاكمة الجهاديين أيوب ب. و إبراهيم ه.، اللذين عادا إلى ألمانيا بعد مشاركتهما في القتال إلى جانب داعش، ادعى الأخير (27 عامًا) بان الرجل الذي نظمه أغراه بعدة سيارات فارهة وبأربع نساء عند التحاقه بالقتال.

كراس تنويري

ضمن خطة لحماية الشباب من تأثير الاسلاميين المتشددين، أعلن رالف ييجر، وزير داخلية ولاية الراين الشمالي فيستفاليا، عن توزيع كراس من 88 صفحة يتعرض لأساليب المتشددين في التقرب من التلاميذ المسلمين. وسبق للوزارة أن اعلنت عن خط ساخن للمسلمين لحماية أولادهم من أحابيل أنصار داعش.

يحذر الكراس من بعض الوجوه المعروفة في ألمانيا كدعاة للكراهية والتطرف، وخصوصًا أصحاب الأسماء الكبيرة في محيط التنظيمات السلفية من أمثال ابراهيم أبو ناجي وبيير فوغل وابو دجانة وابو آدم.

كما يصف طريقة لبس المتشددين وملامحهم الخارجية وأكثر التعابير والحجج التي يستخدمونها. ويحمل الكراس صورة جماعية تضم معظم وجوه دعاة الكراهية. وقال الوزير إن الكراس يهدف إلى"تلقيح" الشباب المسلم ضد ايديولوجيا داعش، مؤكدًا ضرورة رفع القناع عن "الدائرة الشيطانية" التي يتخفى وراءها دعاة هذه التنظيمات.

&