فيما أصبح إصلاح القضاء العراقي ومعالجة الفساد الذي يضرب مؤسساته وتخليصه من التسييس الذي مارسه طيلة 12 عامًا رئيسه مدحت المحمود على رأس المطالب الشعبية والرسمية، يحاول القائمون على هذا القضاء اليوم الاثنين احتواء الاتهامات الموجّهة إليهم باتخاذ قرارات بناء على توصيات توصلت إليها اجتماعات مسؤولي محاكم الاستئناف في عموم البلاد.


أسامة مهدي: تبحث السلطة القضائية العراقية الاتحادية اليوم توصيات توصلت إليها اجتماعات موسعة شهدتها مقار محاكم الاستئناف لجميع المحافظات العراقية تحت هدف معلن بمحاسبة الفاسدين بغضّ النظر عن عناوينهم، كما قال القاضي عبد الستار بيرقدار، المتحدث الرسمي باسم السلطة.

وأشار إلى أن اجتماعات موسعة لمنتسبي السلطة القضائية من قضاة وأعضاء ادعاء عام وموظفين عقدوا اجتماعات على مدى الأيام القليلة الماضية في مقار محاكم الاستئناف في جميع المحافظات، بحثوا خلالها مسيرة الجهاز القضائي على صعيد الأشخاص أو الممارسات.

ولفت بيرقدار في تصريح صحافي باسم رئاسة القضاء إطلعت على نصه "إيلاف" إلى أن إجراءات سريعة ستتخذ لمعالجة أي خلل عبر تنفيذ توصيات الاجتماعات. وقال إن "القضاء حريص على إطلاع الرأي العام على جميع القرارات التي ستتخذ في جلسة اليوم".

السيستاني والعبادي طالبا بإصلاح القضاء الفاسد
والجمعة الماضي دعا رئيس الحكومة حيدر العبادي السلطة القضائية إلى القيام بسلسلة إجراءات جذرية لتأكيد هيبة القضاء واستقلاله وتمكينه من محاربة الفساد وتكريس مبدأ العدالة بين المواطنين. وأكد أن الإصلاحات الواسعة التي يقوم بها حاليًا تتطلب قضاء عادلًا ونزيهًا وحازمًا لدعم هذه الإصلاحات والوقوف في وجه مافيات الفساد وإبعاد القضاء عن المحاصصة الحزبية والفئوية والطائفية.. مشددًا على احترامه والتزامه بالقضاء العادل والنزيه.

جاء حديث العبادي هذا بعد ساعات من طلب الشيخ عبد المهدي الكربلائي معتمد المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني خلال خطبة الجمعة الماضي في مدينة كربلاء بشمول الجهاز القضائي بالإصلاحات وإعادة النظر بالقوانين التي فتحت الطريق للفساد. وشدد على أنه لا يمكن للإصلاحات أن تتم من دون إصلاح الملف القضائي الذي يسوده اليوم فساد كبير.&

يذكر أن قوى عراقية سياسية عدة تتهم المحمود بتسييس القضاء العراقي ووضعه في خدمة أهداف رئيس الوزراء السابق نوري المالكي ضد خصومه السياسيين، فيما تركز تظاهرات الاحتجاج التي يشهدها العراق حاليًا على إقالة المحمود وإجراء إصلاحات شاملة في القضاء الذي يقوده منذ أن عيّنه الحاكم الأميركي السابق للعراق بول بريمر بمنصبه الحالي عقب سقوط النظام السابق في عام 2003.

وقد انحدر القضاء العراقي في عهد مدحت المحمود بشكل كبير، حيث كان له دور كبير في التستر على خروقات حقوق الإنسان العراقي بالاعتقالات العشوائية وإلقاء القبض بدون مسوغات قانونية وبلا أوامر قضائية والسكوت عن انتزاع الاعترافات الكاذبة بالتعذيب الشديد وإبقاء المعتقلين في أسوأ ظروف سنوات من دون تهم محددة أو عرض على المحاكم.

كما قدم المحمود خدماته للمالكي من خلال تفسيراته للقضايا المختلف عليها وبما ينسجم مع مصلحة& رئيس الوزراء السابق ومعاركه ضد خصومه السياسيين مثل تفسيره المخالف للقانون لمعنى الكتلة البرلمانية الأكبر التي يحق لها تشكيل الحكومة وحق المالكي بولاية ثالثة في رئاسة الحكومة.. إضافة إلى تسييس القضاء وإعطاء تفسيرات ترضي الحكومة والأحزاب الحاكمة في سياق الصراع السياسي الدائر في البلاد.

صلاحيات العبادي لطرد المحمود من منصبه
وحول ما إذا كان الدستور العراقي يجيز قيام العبادي بإزاحة مدحت المحمود من منصبه رئيسًا لمجلس القضاء الأعلى أشارت مصادر قانونية إلى أن له الحق في ذلك استنادًا إلى إرادة الشعب.

وأوضحت أنه بما أن الشعب مصدر السلطات وفقًا لنص المادة (5) من الدستور فيكون قرار رئيس الوزراء بإزاحته قرارا كاشفا لإرادة الشعب.. إضافة إلى أن المرجعية الشيعية العليا طالبت صراحة بإصلاح القضاء، وهو ما يعني ضرورة إبعاد مسؤوليه الحاليين.

وأشارت المصادر إلى أن المحمود نفسه سبق وأن فسر صلاحيات رئيس الوزراء بحسب المادة (78) من الدستور: بأنه الرئيس التنفيذي الأعلى للسياسة العامة للدولة ومنحه حق التدخل في الدولة كلها بسلطاته الثلاث. وشددت على أن القضاء في البلاد عاجز عن تطبيق إجراءات الإصلاح التي اتخذتها الحكومة أخيرًا بسبب الفساد في المؤسسة القضائية، وطالبت بتطهيرها كي تتمكن من ممارسة دورها.
&

&