على الرغم من الغضب العارم الذي تميزت بها تظاهرات الاحتجاج العراقية ضد الفساد والمحاصصة الطائفية الا ان بعض المتظاهرين وجدها فرصة للسخرية السوداء والاستفزاز والتعبير عن ما يجيش في نفسه من خلال رفع بعض الشعارات التي تمثل علامات فارقة تلفت الانظار اليها.

عبد الجبار العتابي من بغداد: شهدت التظاهرات العراقية رفع شعارات هدفت لان تكون قسوتها اشد وان يكون استفزازها اقسى ورسالتها معبرة اعتقادا بان الشعارات الاعتيادية التي تدعو لمطالب عامة لا تؤدي واجبها ولا تشفي الغليل لذلك وجدوا ان ردات الافعال يجب ان تكون اكبر من القسوة وتضرب في الصميم وتحاكي بشكل مباشر الساسة والفاسدين ولذلك كانت هناك شعارات فيها من القسوة كميات من الشتائم التي يندى لها الجبين خجلاً لانها فاحشة .. واغلب الشعارات كانت باللهجة العامية وقليلها باللغة العربية الفصحى، فالعامية كانت اشد تهجما من الفصحى، ومع كل هذا فهناك من يرى ان بعض الشعارات ساذجة وان رفعها هو تسطيح وتسفيه لمطالب الجماهير وربما تصدر من (مغرضين) او هي محاولات لحرف التظاهرات عن مسارها الصحيح.

همز ولمز

وقد تنوعت الشعارات الطريفة التي رتم رفعها خلال تظاهرات الاحتجاج المستمرة منذ اسابيع ما بين ظريفة ترسم البسمة على شفاه القارئين لها وبين الموجعة لحد الاسى حتى ان احدهم علق قائلا (لو كنت برلمانيا وسمعت كل هذه الشتائم لما بقيت يوما واحدا بمنصبي) لكن هناك من اراد ان يغلف مطلبه بشيء من الرومانسية او العاطفية فرفعها شعارا يتباهى به او يستفز به الاخر او يشتمه ولكن بشكل غير مباشر مثل هذا الغزل الذي يتناغم مع فائدة الكهرباء في الجو الحار (حبيبتي انت جميلة كساعة اضافية من الكهرباء)،او مثل هذا الذي رفع لافتة كأنه اراد بها ان يغيظ البرلمانيين (كل البرلمان فدوة لحبيبتي نريد نتزوج)،او هذا الحزين الذي وقع باللائمة على السياسيين والطائفيين (من سياستكم الطائفية فقدت حبيبتي انا شيعي وهي سنية)، لكن الطريف بينهم هو الذي رفع شعارا يغمز من خلاله الى احوال البرلمانيات (شاب عراقي جاد ابحث عن مطلقة برلمانية).

نقد قاس مباشر

وهناك فئة من المتظاهرين جعلوا من شعاراتهم نقدا جارحا قاسيا لاشخاص بعينهم، وتم رصد الكثير من الاساءات الفاحشة فقد انتقدوا ما قاله وزير الكهرباء من ان 12% من العراقيين لا زالوا يستخدمون السخانات الكهربائية (الكيزرات) ، فكان الرد عليه بأغنية كانت تتغنى برئيس النظام السابق فكان الشعار (يا وزير الكهرباء .. هذا الكيزر كيزرنا يا نور العين ، من نيسان ما طفينا هالحر منين) ، او ذهبوا الى ما قاله وزير النقل من ان التظاهرة التي قام بها عمال السكك (امر دبر بلبل) فجاء الشعار المرفوع بلافتة هو (اليوم وغدا يا هند / امر دبر بليل) .. وهناك شعار جاء على شكل شعر مقفى ينتقد بعض السياسيين مثل (اليوم انت دستوري / حاسب علاوي وعموري/ لا تنسى فلوس العراق / اللي طشرها علي العلاق/ ترى الفساد يعود / اذا يبقى مدحت المحمود) .. فيما كان هنالك شعار طويل (اختصرناه) يخص رئيس مجلس القضاء الاعلى جاء فيه (من وصايا حمورابي المقتبس من كتابه اللاطش بحكم القضاء) وكذلك فيما يخص احد النواب وهو خالد العطية رئيس هيئة الحج حاليا الذي انفق 56 مليون دينار من اجل اجراء عملية بواسير، فكانت هناك شعارات تخصه بصور اشتغل عليها بالفوتو شوب، لكن الشعار هنا لاطباء العراق قالوا فيه (مستعدون لعلاج بواسير النواب مجانا /اطباء العراق)، فيما كانت هنالك لافتة موجعة تشير الى المعنى ذاك بالقول (مؤخرة بن عطية تصلح ان تكون مقدمة لابن خلدون).

العبادي ايضا

حتى العبادي رئيس الوزراء قد طاله النقد في شعارات المتظاهرين بسبب تباطئه بالاصلاحات وجاء ذكر اسمه في مواضع عدة، حيث كانت لافتة تقول (يا عبادي ضرباتك بلاستيك اين الحديد) فيما كانت هناك لافتة عليها صورة فتاة جميلة وهي تحمل صورة العبادي كتب عليها (ما تفضها يا العبادي .. حتى الملائكة واقفة وياك) لكن اللافتة الملفتة التي امتلكت قسوتها في الاشارة الى السياسيين الفاسدين هي التسمية التي رفعتها احدى اللافتات (قاتل الحشرات حيدر العبادي) .. ولكن الطريف في انتقاد العبادي ان احد الاشخاص اشار الى نفسه انه يشبه العبادي فرفع لافتة خاصة به قال فيها (شبيه العبادي عاطل عن العمل يا وسفة (اسفا) .. ثم وكانت هنالك ضحكة طويلة مفعمة بالسخرية المرة وهي (نطالب الحكومة بمحاسبة الحكومة هههههه).

شعارات السراق

الشعارات المكتوبة على اللافتات تنطلق من اتهام السياسيين بالسرقة، لذلك فإن الشعارات الغريبة تلاحقهم بشكل سافر مثل (تقول اصلي تقول اصوم تقول ما اعوفن (اترك) قيامي، بس سؤال بروح ابوك ليش تزعل من يسبون الحرامي) ومثل هذا التهكم الواضح (يسرقنا ويقول هذا من فضل ربي) .. والاكثر قسوة هو هذا الشعار الظريف الذي كان مبتكره ساخرا بحدة حين يستفيد من المحرك غوغل لمهاجمة البرلمانيين من خلال رسم صفحة البحث في هذا المحرك، واعتقد انه يستحق ان يكون الشعار الاكثر قسوة (غوغل .. اكبر حرامية بالعالم/ هل كنت تقصد نواب البرلمان العراقي)، بل ان احدى اللافتات اشارت بشكل غير مباشر الى نواب رئيس الجمهورية والوزراء الذين اطاح بهم العبادي فتخاطبهم اللافتة بأن المناخ اصبح اكثر برودة عندما اطيح بهم (من رحتم حتى الجو تغير وصار بارد) كما ان احدى اللافتات حملت هذا التساؤل الموجع (من اين لك هذا وكنت بنعلين) وهو تعبير واضح عن الاتهام بالسرقة.

مهاجمة البرلمانيين

البرلمانيون العراقيون كانوا في فوهة المدفع وهم المتهمون قبل غيرهم بكل ما يجري في البلاد لذلك كانت حصتهم حصة الاسد في الانتقاد الحاد مثل (مسطبة الزوراء اشرف من اعضاء البرلمان) والزوراء حديقة في بغداد يلتقي على مساطبها العشاق ويمارسون الحب، وهناك شعار استبدلت كلمة الليل كما في قصيدة الشابي الى البرلمان (-اذا الشعب يوما اراد الحياة فلا بد للبرلمان ان ينجلي) وآخر (نطالب باستبدال مجلس النواب بكادر ميوزك الريماس) وميوزك الريماس قناة غنائية معروفة، وشعار (اعوذ بالله من البرلمان الرجيم) وشعار (يا برلمان انت الان بر اللا امان).

وهناك شعار استفاد من راية داعش السوداء ليرسم عليها مبتكر الشعار ما يريد قوله (لا اله للارهاب / مجلس النواب) لكن الاكثر قسوة والمؤلم جدا والمؤسف له ايضا هذا الشعار الذي كان العديد من اللافتات في التظاهرات تلوح به (في الانتخابات القادمة سأنتخب العاهرات لانني جربت اولادهن) وهذا الشعار الذي لا يقل قسوة عن سابقه (- بسطال الحشد يسوى شواربكم) وكذلك هذا التصور عن البرلمانيين (باليمنى سبحة وباليسرى مشروب هذا هو البرلماني) وحملت لافتة هذا المطلب (- ما نريد واحد ملتحي نريد واحد يستحي) وهو يترافق مع الشعار الاكثر انتشارا (باسم الدين باكونا (سرقونا) الحرامية).

المنطقة الخضراء

كما نالت المنطقة الخضراء مقر سكن وادارات كبار المسؤولين ومعظم النواب سيلا من الشعارات التي طالبت بتفكيكها، وقد تميزت هناك لافتتان هما (اغلقوا المنطقة الخضراء لانها بيت الداء) و(سكان كوكب الخضراء آن ان تنصرفوا وتقيموا اينما شئتم ولكن لا تقيموا بيننا) وكذلك هذا الشعار القاسي (- وداعا مملكة الضباع)، وعلى ذكر كلمة الضباع هناك اكثر من لافتة حملت كلمات وصورا تمثل عددا من الشخصيات السياسية ومعها شعار (العملية السياسية مثل قناة ناشيونال جيوغرافيك كل يوم نكتشف حيوان جديد) وهذا الشعار من الممكن ان يترك بدون تعليق.

في الاخير .. احذر

في الاخير .. وازاء كل الشعارات التي حملتها لافتات المتظاهرين الغريبة والعجيبة والظريفة منها والطريفة هناك لافتة استوقفتنا هي خلاصة كل الشعارات التي خرجت بها المظاهرات تخاطب السياسيين بشكل عام وتحذرهم قائلة (احذرا فإن اجتمع سني مع شيعي لن تعجبك النتائج).