انطلقت في مصر حملة شعبية تطالب بحلّ الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية، باسم "لا للأحزاب الدينية". وتستهدف الحملة حزب النور السلفي بالأساس، لاسيما أنه الحزب الإسلامي الوحيد الذي قرر خوض الإنتخابات البرلمانية المقبلة، بينما قررت بقية الأحزاب الإسلامية، ومنها "مصر القوية" برئاسة القيادي الإخواني المنشق عبد المنعم أبو الفتوح، و"البناء والتنمية" الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، و"الأصالة"، و"الإستقلال" مقاطعة الإنتخابات.


صبري عبد الحفيظ من القاهرة: دشّن نشطاء مدنيون في مصر حملة تطالب بحلّ الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية، وعلى رأسها حزب النور السلفي. وأطلق النشطاء على حملتهم اسم "لا للأحزاب الدينية"، وتسير الحملة الجديدة على غرار حملة "تمرد"، التي تسببت في إسقاط نظام حكم جماعة الإخوان المسلمين ممثلًا حينها بالرئيس السابق محمد مرسي. تنتهج الحملة مسار توزيع بيانات، وتدعو المصريين إلى التوقيع عليها، بغية حمل الحكومة على حل الأحزاب الدينية. وترفع الحملة شعار "نحن لسنا ضد الدين، ولكننا ضد المتاجرة باسم الدين".

بأمر القضاء
تتبنى الحملة ما تقول إنها استمارة لتوقيع المصريين عليها، وجاء نصها كالآتي: "أقر أنا الموقع أدناه بصفتي مواطنًا مصريًا، أتمتع بحقوق دستورية والمنصوص عليها في دستور 2014، وبناء على المادة 74 من الدستور والتي تنص على أن للمواطنين حق تكوين الأحزاب السياسية، بإخطار ينظمه القانون، ولا يجوز مباشرة أي نشاط سياسي أو قيام أحزاب سياسية على أساس ديني، أو بناء على التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو على أساس طائفي، أو جغرافي أو ممارسة نشاط معاد لمبادئ الديمقراطية أو سري أو ذي طابع عسكري، أو شبه عسكري، ولا يجوز حل الأحزاب إلا بحكم قضائي عبر تفويض حملة لا للأحزاب الدينية أمام القضاء والجهات المختصة لحل تلك الأحزاب".

وتحمل الاستمارة بيانات المواطن، الاسم ورقم بطاقة الهوية. وتدعو الحملة المصريين إلى المشاركة بقوة من خلال شعار "إطبع.. وزّع.. شارك.. لا للأحزاب الدينية". تهدف الحملة إلى جمع أكبر عدد من توقيعات المصريين على استمارات لإقامة دعوى قضائية لحل الأحزاب الدينية في مصر.

وقال محمد إبراهيم، القيادي في الحملة لـ"إيلاف" إن الحملة بدأت بجمع توقيعات المصريين على استمارات معدة لذلك الغرض، مشيرًا إلى أنهم وجدوا تجاوبًا واضحًا، يضاهي التجاوب الذي حصل مع حملة "تمرد" لإسقاط حكم نظام الإخوان قبل 30 يونيو/ حزيران 2013.

أخطار متعددة
ولفت إلى أنهم لمسوا تجاوبًا أيضًا من مختلف وسائل الإعلام والأحزاب السياسية الليبرالية واليسارية، مشيرًا إلى أن الهدف من وراء إطلاق الحملة هو تطبيق صحيح للدستور، الذي يرفض تأسيس الأحزاب على أساس ديني. وأوضح أن الأحزاب الدينية خطر على الحياة السياسية، ولا تؤمن بالتعددية أو حقوق المرأة أو حقوق الآخر، فضلًا عن استغلال الدين لتحقيق أهداف سياسية.

ورأى أن تلك الأحزاب تلعب على وتر الدين والشريعة الإسلامية لحصد أصوات المصريين في الانتخابات البرلمانية المقبلة وتحقيق حلم الوصول إلى السلطة. ونبه إلى أن الحملة تعقد مؤتمرات وندوات وفعاليات في المحافظات، لجمع توقيعات المصريين، والترويج للحملة، تحت شعار "إطبع.. وزع.. شارك"، على غرار حملة "تمرد" حتى تؤتي ثمارها سريعًا.

جسر عبور
ثمة تجاوب من جانب الأحزاب السياسية مع الحملة الوليدة. فقال القيادي في حزب التجمع اليساري، نبيل زكي، إن الحملة جيدة، لكنها وحدها لا تكفي لحل الأحزاب الدينية، مشيرًا إلى أن الدستور حدد طرق حل الأحزاب، من خلال القضاء فقط. وأوضح لـ"إيلاف" أن الحملة الشعبية الجديدة سيكون لها تأثير كبير على وعي المصريين بخطورة استغلال تلك الأحزاب للدين في تحقيق أهداف سياسية. وأفاد بأن هذه الأحزاب تخلط الدين بالسياسية، وتسعى إلى دغدغة مشاعر الناس باستخدام الدين والجنة والنار، ولا تحترم حقوق الآخر.

ولفت إلى أن الحملة مهمة قبيل الإنتخابات البرلمانية، وسيكون لها دور فاعل في مراقبة أداء الأحزاب الدينية، التي تركز جهدها على استغلال الدين للوصول إلى البرلمان، مشددًا على ضرورة تقديم أدلة واضحة على تورط قياداتها في هذه السلوك، ثم إقامة دعاوى قضائية للمطالبة بحلها بحكم القضاء.

من جانبه، يرى المرشح الرئاسي السابق، حمدين صباحي، أن الفصل في دستورية الأحزاب الدينية يكون للقانون، وقال معلقًا على الحملة الجديدة: "إننا نؤمن بحق كل المصريين بإقامة أحزاب والفصل في ما إن كانوا على أساس يخالف الدستور أم لا يرجع للقانون". وأضاف في تصريح له: "جاهزون لمنافسة أي أحد ليس من خلال الإقصاء، ولكن من خلال إقناع الناخب بأننا نمتلك بدائل تحقق تطلعاته".

توقيت موتور
في المقابل، ينتقد حزب النور السلفي الحملة، ويعتبرها ذات أهداف سياسية، ويربط بينها وبين إقتراب الإنتخابات البرلمانية. وقال القيادي في الحزب، شعبان عبد العليم، لـ"إيلاف" إن هناك ارتباطًا واضحًا بين توقيت تدشين الحملة واقتراب الانتخابات البرلمانية، موضحًا أن الهدف من الحملة التأثير على اتجاهات التصويت في الإنتخابات ضد حزب النور.

وأضاف أن الحملة تهدف إلى تشويه صورة الحزب، لمصلحة الأحزاب الأخرى، مشيرًا إلى أن الحزب لديه رصيد كبير في الشارع المصري، ويمتلك قدرًا كبيرًا من الثقة، لاسيما أن المصريين يعلمون جيدًا دوره الوطني في ثورة 30 يونيو/ حزيران 2013. ونبه إلى أن الحديث عن استغلال الحزب للدين في السياسية عار تمامًا من الصحة، داعيًا من لديه دليل على استخدام أي من قيادات أو أعضاء الحزب الدين لتحقيق أغراض سياسية إلى التقدم به أمام القضاء، معتبرًا أن من يحاولون التأثير على إرادة المصريين من خلال الإعلام أو الترويج لحملات وهمية لا يملكون شعبية في الشارع، ويحاولون ضرب حزب النور سياسيًا، لإقصائه من المشهد السياسي والإنتخابي، حتى تخلو الساحة لهم.

الحملات لا تكفي
ويرى خبير سياسي أن الأحزاب الدينية ليست بريئة من استغلال الدين في السياسة، مشيرًا إلى أن الحملة أيضًا ليست بريئة من الاستغلال في الانتخابات البرلمانية المقبلة. وقال الدكتور سامح عباس، الخبير السياسي، إن الحملات الشعبية ليست لديها فاعلية كبيرة في مثل تلك القضايا، لاسيما أنها تعبّر عن أحزب سياسية أخرى ترتبط بخصومة مع الأحزاب الدينية.

وأوضح لـ"إيلاف" أن الأحزاب الدينية لديها قاعدة شعبية مقارنة بالأحزاب المدنية الأخرى، ولا يمكن فصل توقيت ظهور الحملة عن اقتراب موعد الإنتخابات البرلمانية وتعهد الرئيس عبد الفتاح السيسي بإجرائها قبل نهاية العام الجاري. ونبه إلى أن الأحزاب السياسية تحاول توجيه ضربات من تحت الحزام إلى الأحزاب المنافسة لها، من خلال حملات شعبية. ورأى عباس أن السبيل الأمثل هو مواجهتها قضائيًا، لاسيما أن الدستور رسم طريقًا واحدًا لحل الأحزاب المخالفة من خلال القضاء.

&