انعكست أزمة ضعف الإعلانات الورقية، وتفضيل المعلنين الاتجاه نحو الانترنت،&على عدد من الصحف اليومية السعودية التي قلصت عدد صفحاتها بنسبة 15% تقريبا، فيما توقع مختصون تزايد الأزمة وشح تدفق الإعلانات الورقية لمدة خمس سنوات مقبلة، ما لم تقم تلك الصحف بتغيير مفاهيمها واتجاهاتها نحو العالم الرقمي، و استيعاب المستجدات بهدف القدرة على المنافسة في عالم مليء بالمتغيرات.
&
ضعف تدفق الإعلانات، لم يؤثر فقط على عدد صفحات الصحف، بل شمل أيضا تقليص حجم التوزيع والاشتراكات &وبالتالي انخفاض حجم المبيعات والموارد المالية ، وهو ما ادخل بعض الصحف في حالات تقشف اقتصادية، ظهرت في تسريح عدد من &الموظفين و تحويل بعض الصحفيين إلي متعاونين، فضلا عن إغلاق بعض الفروع المحلية لتقليل المصروفات، بسبب قلة الإعلانات التي تعتبر المصدر الرئيس لدخل غالبية الصحف.&
&
وتعتبر السعودية من الدول الخليجية &الأعلى إنتاجا للصحف الورقية إذ يصل عدد صحفها اليومية إلى سبعة عشر &صحيفة، منها صحيفتان باللغة الإنجليزية ، وثلاث صحف رياضية &كما تصدر عشرات المجلات ما بين أسبوعية وشهرية عدا المجلات المتخصصة ، فيما يتراوح عدد صفحات الصحف اليومية السعودية &بين 26 صفحة &كحد ادني و 35 & صفحة كحد أقصى، وذلك بعد عملية تقليص الصفحات التي بدأت مؤخرا .
&
انحدار إعلاني
&
الدكتور سعود كاتب ، المختص في الإعلام الجديد ، أوضح إن الصحف المطبوعة في حالة انحدار إعلاني وانهيار في المقروئية، وتوقف نسبي عن النمو في التوزيع، وذلك في مقابل ارتفاع قوة الإعلانات والتوزيع للوسائل الرقمية، مشيرا في حديثه لـ& إيلاف&إن المستقبل سيكون للإعلام الرقمي، أما الصحافة المطبوعة فهي في طريقها الحتمي للأفول، والمطلع على أرقام الإعلانات والتوزيع الحقيقية للصحف سيدرك حقيقة أنها جزء من ذلك الأفول وليست بعيدة عنه.
&
وبين سعود كاتب ، إن موت الصحافة المطبوعة لا يعني موت المؤسسات الصحفية المؤمنة بالتغيير ، حيث ضرب مثلا بنموذج صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية ، &التي أعلنت هذا الشهر بأن عدد المشتركين في نسختها الرقمية تجاوز المليون مشترك ، مشيرا &إن الموت سيكون بالتأكيد لتلك الصحف والمؤسسات الصحفية الرافضة للتغيير أو غير القادرة عليه، وأضاف إن مجال التوزيع في المؤسسات الصحفية رغم أهميته الكبيرة، إلا أنه كان دائماً يأتي في مرحلة تالية لمجال الإعلان الذي يعتبر &المصدر الرئيس لدخل الصحف.
&
أزمة عامة
من جهته ، أوضح وائل كردي ، مدير وكالة المسار للإعلان، إن عزوف المعلنين عن المطبوعات الورقية ليست مشكلة تواجه السعودية وحدها، حيث إنها أزمة تهدد سوق الصحافة الورقية بشكل عام ، مشيرا &في حديثه &لـ ايلاف إن رصد حديث لسوق الإعلان بالسعودية أظهر أن الإنترنت أضحى الوسيلة الفضلى للإعلانات متجاوزا الإعلانات المطبوعة، وتوقع كردي أن تزيد هذه النسبة مع تزايد الوقت الذي يقضيه المستخدمون على الهواتف الذكية، وهو ما جعل المعلنين يحولون ميزانياتهم من الصحف الورقية &إلى الإعلانات عبر الإنترنت.
&
وقال &كردي إن هذه الظاهرة تسببت في انخفاض مبيعات المطبوعات وإيرادات الإعلانات، مما بات يمثل تهديدا جسيما لمستقبل الصحافة الورقية، خاصة مع التميز الإضافي للإعلام الالكتروني بما تحويه من تقنيات عرض و ميزات تفاعلية، من صور ورسوم فضلا عن الفيديو الذي أصبح أسرع فئة رقمية نموا ، مشيرا إن على الصحف الورقية اغتنام الفرصة لرفع أداء مواقعها الالكترونية من خلال تقديم محتوى يتناسب مع الاتجاهات الجديدة للإعلان، وإلا سيكون مستقبلها في خطر.&
&
رصد للمقارنة&
وفي رصد أجرته إيلاف - في سياق إعداد هذا التقرير- &للمقارنة بين حجم الإعلانات في صحف ورقية، ونظرائها من إعلام الكتروني - صحف ومواقع تواصل اجتماعي- &في فترة زمنية قدرت بيوم واحد، اتضح أن هناك تفوقا وحضورا كبيرا &للإعلام الالكتروني في مجال الإعلانات التجارية والاستهلاكية، وذلك &في مقابل تفوق للصحافة الورقية في الإعلانات الإدارية والإعلانات المبوبة، فيما كانت الإعلانات ذات الطابع الاجتماعي من أفراح و وفيات وتهاني متذبذبة بين الورقي والالكتروني.
&
الإعلان التجاري، وكل ما طغي عليه موضوع رفع معدلات الاستهلاك، واستخدامات مختلف السلع والخدمات، كان حاضرا و بقوة في وسائط الإعلام الالكتروني سواء في الصحف أو مواقع التواصل الاجتماعي، في مقابل حضور ضئيل للإعلانات المبوبة و معدوم تماما للإعلانات الإدارية، حيث كانت إعلانات المزايدات والبيوع والعقود والأحكام القانونية و الإعلانات الحكومية وتلك الصادرة عن هيئات محلية عمومية، أشبه ما تكون محتكرة لصالح الإعلام الورقي من صحف ومجلات.
&
أما الإعلانات المبوبة والتي تتناول غالبا عروض فرص العمل أو ألأحكام القضائية والمفقودات ، فد سيطرت عليها الصحافة الورقية ، حيث كان حضور الإعلام الالكتروني ضئيلا نسبيا، وذلك بسبب &إلزام &بعض الجهات الحكومية الأشخاص المعلنين باستخدام الصحف الرسمية، فيما كان حضور الإعلانات الاجتماعية من أفراح و أحزان متذبذبا بين الورقي والالكتروني، فيما خلص الرصد إلا أن الإعلام الالكتروني رغم نجاحه البارز وسرعة انتشاره لا يزال يبحث عن موقع قدم في سوق الإعلانات الإدارية والمبوبة بصفة خاصة.