جوبا: امر رئيس جنوب السودان سلفا كير بمرسوم الجيش بوقف القتال ضد المتمردين اعتبارا من الجمعة في اطار اتفاق السلام الذي وقعه الاربعاء لانهاء نزاع مستمر منذ عشرين شهرا في البلاد.

وقال اتيني ويك الناطق باسم كير لوكالة فرانس برس ان "الرئيس اصدر مرسوما امس (الخميس) دخل حيز التنفيذ منتصف الليل (21,00 تغ) يأمر كل القوات (الحكومية) بوقف اطلاق النار والبقاء في القواعد التي تتواجد فيها".

واوضح ويك ان المرسوم يسمح للقوات بالرد في حال تعرّضها لهجوم، مشيرا الى ان "الامر صدر في اطار تطبيق اتفاق السلام" الذي وقعه كير الاربعاء. وتبادل الجانبان اتهامات بشن هجمات الاربعاء عندما كان كير يوقع اتفاق السلام في اديس ابابا بعد تسعة ايام على توقيعه من قبل زعيم المتمردين النائب السابق للرئيس رياك مشار.

ويفرض الاتفاق اعلان "وقف دائم لاطلاق النار" بعد 72 ساعة من توقيعه. وهو يقضي بمنح المتمردين منصب نائب الرئيس الذي يرغب مشار في العودة اليه بعد اقصائه منه في تموز/يوليو 2013 اي قبل ستة اشهر من اندلاع القتال. ويدعو الاتفاق الذي يهدف الى وقف اشهر من العنف، الى تشكيل لجنة للمصالحة ومحكمة لجرائم الحرب بالتعاون مع الاتحاد الافريقي.

واتهم المتمردون الخميس الجيش بمهاجمة مواقعهم في ولاية الوحدة شمال البلاد. ولم يعلق الجيش على هذه المعلومات، لكنه اكد في الماضي ان ما يردده المتمردون اكاذيب او اتهمهم بشن هجمات. ووقع كير الاتفاق وسط تهديدات بفرض عقوبات دولية. لكنه وضع لائحة تحفظات على النص. ورأى مشار ان التحفظات التي عبر عنها كير "تثير شكوكا" في التزام الحكومة.

وصرح لفرانس برس في اثيوبيا "جميعنا لدينا تحفظات، ولكننا لم نشوه توقيعنا بتحفظات، لان ذلك يعني اننا نعيد فتح باب المفاوضات". واكد مشار على انه "ملتزم بتطبيق الاتفاق". وامهل مجلس الامن الدولي الاربعاء رئيس جنوب السودان حتى الاول من ايلول/سبتمبر لابداء تأييده الكامل لاتفاق السلام. وكان قد اعلن قبل يوم انه مستعد "للتحرك فورا" اذا لم يوقع كير الاتفاق بينما تقدمت واشنطن بمشورع قرار ينص على فرض حظر للاسلحة وعقوبات.

ورحبت الولايات المتحدة، عرابة انفصال جنوب السودان عن الخرطوم في 2011، بتوقيع كير على الاتفاق، وقالت انه يجب توقيع اتفاق السلام كما هو. وتابع الناطق باسم كير "نتوقع من رياك مشار ان يفعل الامر نفسه مع قواته"، موضحا انه "بقيت معرفة الى اي درجة سيكون لرياك مشار سلطة على قواته". اضاف ان حركة التمرد "لم تعد تحت امرة شخص واحد لكن الاسرة الدولية تجاهلت" ذلك، مشككا بذلك مسبقا بامكانية ان يوقف المتمردون القتال.

وكان عدد من القادة العسكريين انشقوا مؤخرا عن التمرد، وقالوا انهم يرفضون مسبقا اي اتفاق سلام بين كير ومشار. ورأت سلطات جنوب السودان ان هذا الامر يجعل الاتفاق غير قابل للتطبيق. التحفظ الرئيس لكير في هذه الوثيقة التي سلمت الى المفاوضين وحصلت فرانس برس على نسخة عنها الخميس يتناول منصب النائب الاول للرئيس الذي استحدث الى جانب منصب نائب الرئيس الحالي ومنح للمتمردين.

وينص هذا البند من الاتفاق على ان يتشاور الرئيس كير مع نائبه الاول الذي يرجح ان يكون زعيم المتمردين نائبه السابق رياك مشار، من اجل اتخاذ قرارات "جماعية". ورأت حكومة جنوب السودان في منح المتمردين منصب النائب الاول للرئيس "مكافأة لحركة التمرد".& وتنتقد حكومة جوبا كذلك خطط نزع الاسلحة في العاصمة وتعترض على الصلاحيات الممنوحة للجنة المراقبة والتقويم التي يقودها اجانب والتي سترفع تقاريرها الى المجتمع الدولي.

وبدأت الحرب في جنوب السودان في كانون الاول/ديسمبر عام 2013 عندما اتهم كير نائبه السابق مشار بمحاولة الانقلاب عليه، ما اثار موجة من اعمال العنف امتدت من جوبا الى كل انحاء البلاد واتخذت احيانا طابعا اتنيا وشهدت ممارسات وحشية. وتم ابرام سبعة اتفاقات لوقف اطلاق النار، الا انها جميعها انهارت خلال ايام واحيانا ساعات، في البلد الفتي الذي استقل عن السودان في 2011.

وكانت رئيسة مفوضية الاتحاد الافريقي نكوسازانا دلاميني زوما دعت الخميس الاطراف المتحاربين الى "الامتثال بدقة لبنوده وتطبيقها بصدق". من جهتها، قالت منظمات الاغاثة الرئيسية التي تحاول وقف الازمة الانسانية في البلد المضطرب، في بيان مشترك انه حتى لو تم تطبيق اتفاق السلام، فانه "لن يكون سوى بداية لرحلة طويلة وصعبة باتجاه السلام والمصالحة".

ويعتقد ان عشرات الالاف قتلوا في الحرب التي شهدت اعمال قتل واغتصاب جماعي وتجنيد للاطفال للمشاركة في القتال.& وتقدمت باقتراح السلام دول السلطة الحكومية لتنمية شرق افريقيا (ايغاد) والامم المتحدة والاتحاد الافريقي والصين وبريطانيا والنروج والولايات المتحدة. ويحتاج اكثر من 70 في المئة من سكان جنوب السودان (12 مليون نسمة) مساعدات عاجلة. ونزح نحو 2,2 مليون من منازلهم، وفق الامم المتحدة التي حذرت من ان بعض المناطق مهددة بالمجاعة.