في الوقت الذي رحّبت فيه واشنطن بمشاركة تركيا في ضرب تنظيم داعش في إطار قوات التحالف، قال تقرير نشر في لندن إن تركيا خدعت الولايات المتحدة، وإن التنظيم يجني الثمار في نهاية المطاف.


نصر المجالي: قال التقرير إن الولايات المتحدة بتوقيعها الاتفاق العسكري مع تركيا لاستخدام قاعدة (إنجرليك) الجوية، خانت السوريين الأكراد، الذين كانوا أكثر الحلفاء فعالية ضد تنظيم ما يسمى بـ"الدولة الإسلامية".

وأشارت صحيفة (إنديبندانت أون صنداي) البريطانية إلى أن الاتفاق العسكري يقضي بحصول الولايات المتحدة على تعاون عسكري أكبر من تركيا، لكن بسرعة تبين أن هدف أنقرة الحقيقي كان الأكراد في تركيا وسوريا والعراق، وأن الضربات ضد تنظيم الدولة لم تكن أولوية للأتراك، إذ إن 3 غارات جوية تركية فقط استهدفت تنظيم الدولة مقابل 300 شُنت ضد قواعد لحزب العمال الكردستاني، كما يقول كوكبرن.

وكانت وزارة الخارجية التركية قالت إن طائرات تركية شاركت للمرة الأولى في ضربات جوية للتحالف بقيادة الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش في سوريا يوم الجمعة.

قواعد تركيا
وكانت تركيا وافقت في الشهر الماضي على فتح قواعدها الجوية ذات الأهمية الاستراتيجية أمام قوات التحالف، إلا أنها لم تحرص على القيام بدور بارز في القتال ضد التنظيم خشية رد فعل عنيف.

تعليقًا على الضربات الأخيرة، أصدر بيتر كوك المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) بيانًا أثنى فيه على مشاركة تركيا في جهود التحالف "لإضعاف تنظيم الدولة الإسلامية وهزيمته في نهاية المطاف".

إلى ذلك، فإنه وحسب تقرير (إنديبندانت أون صنداي)، فإن سيطرة الأكراد على نصف الحدود السورية ـ التركية، التي يبلغ طولها نحو 550 ميلًا، كان سببًا وراء عرض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان التعاون بشكل أكبر مع الولايات المتحدة، وفتح قاعدة إنجرليك أمامها بعدما مُنعت منها في السابق.

يضيف التقرير أن هناك قناعة كبيرة في واشنطن، إن تركيا خدعت الولايات المتحدة، عندما أظهرت أنقرة أنها تريد ضرب تنظيم الدولة، في حين كانت نيتها استهداف الأقلية الكردية البالغ عددها 18 مليونًا.

إضعاف حلفاء واشنطن
يرى الكاتب باتريك كوكبيرن أن هناك دلائل أخرى تشير إلى أن تركيا تهدف أيضًا إلى اضعاف حلفاء الولايات المتحدة المعارضين لتنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا، العرب منهم والأكراد.

وقال إن الولايات المتحدة كانت تحاول إنشاء قوة معتدلة من المقاتلين السوريين لتحارب تنظيم الدولة والحكومة السورية، وفي شهر تموز (يوليو) أرسلت مجموعة مقاتلين تحت مسمى "الفرقة 30"، ولكن ما إن عبر أفرادها إلى سوريا من تركيا، حتى وجدوا مقاتلين من جبهة النصرة الذين أسروا عددًا منهم. ويعتقد الكاتب أن هذا دليل على أن جبهة النصرة حصلت على معلومات عن تلك الفرقة من المخابرات التركية.

يشير التقرير إلى أنه حسب تحقيق أجراه ميتشيل بروثيرو، من منظمة ماك كلاتشي للأخبار، فإن دافع تركيا هو تدمير الفرقة، التي أسستها الولايات المتحدة لقتال تنظيم داعش.
ويقول كوكبرن إن ذلك لن يترك لأميركا سوى خيار تدريب قوات لها علاقة بتركيا، ويكون هدفها الأساسي إزاحة الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة.

ويتساءل التقرير كيف للاتفاق التركي الأميركي أن يؤثر&في&تنظيم "الدولة الإسلامية"؟. ويجيب عن هذا التساؤل بالقول إن التنظيم قد يواجه صعوبة في نقل مقاتليه عبر الحدود السورية التركية، لكنه سيشعر بالراحة لرؤية قوات حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي تحت وطأة الضغط التركي، وكذلك قوات حزب العمال الكردستاني، التي تتعرّض لضربات جوية في جنوب شرق تركيا وسلسلة جبال قنديل في العراق.

زخم داعش
ويوضّح التقرير أن تنظيم (داعش) لم يفقد زخمه، ففي السابع عشر من أيار (مايو) تمكن من الاستيلاء على مدينة الرمادي، عاصمة محافظة الأنبار في العراق، وبعد خمسة أيام دخل مدينة تدمر في سوريا، وفي كلتا المدينتين لم يتعرّض لهجمات مضادة بشكل فعال، ولا يشعر بخطر على وجوده. ويقول كاتب التقرير إن الحملة العسكرية الأميركية ضد تنظيم الدولة فاشلة، ولم تغيّر الاتفاقية مع تركيا شيئًا.

لكن هناك سبب أقوى لعدم قدرة أميركا على مواجهة تنظيم الدولة بصورة ناجحة، كما يذكر المقال، وهو أن الولايات المتحدة، ومنذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، أرادت مقاتلة تلك المنظمات من نوعية تنظيم القاعدة، ولكن من دون تعكير صفو علاقاتها مع الدول السنية، كتركيا والسعودية وباكستان ودول الخليج. ويخلص التقرير إلى القول: "إلا أن هؤلاء الحلفاء كانوا حواضن، أو متغاضين، أو فاشلين في التحرك ضد المجموعات الشبيهة بالقاعدة، ما يفسر سبب نجاحاتها المستمرة".

&