مع اختتام اجتماعات الهيئة العامة للائتلاف الوطني السوري اليوم بعد اجتماع لثلاثة أيام لمناقشة خطة الموفد الدولي ستيفان دي ميستورا والبيان الأخير لمجلس الأمن الدولي، أكد عضو في الائتلاف لـ"إيلاف" أن الائتلاف تبنى مشروع قرار سوف يرسل لمجلس الأمن.


بهية مارديني: قال عضو في الائتلاف، طالبًا عدم الكشف عن اسمه، "إن المعلومات عن خطة دي ميستورا غير مكتملة، ولا يزال ينقص الكثير من التفاصيل، ولدينا تحفظات".

وأشار إلى أن "الائتلاف بهيئته العامة سيقرر تكليف الهيئة السياسية بمواصلة المشاورات مع فريق دي ميستورا، وسيربط المشاركة في خطة الموفد الدولي حصريًا بقرار منفصل من الهيئة العامة في اجتماعها المقبل بعد وصول التفاصيل اللازمة إليها رسميًا".

تطبيق بيان جنيف
وسيعلن الائتلاف في نهاية اليوم ذلك في بيان رسمي وقرار داخلي، وسيرسل القرار إلى مجلس الأمن. وعلمت "إيلاف" أن القرار قد صيغ من منذر آقبيق عضو الهيئة العامة وموفق نيربية عضو الهيئة السياسية. وتمت دراسة تفاصيل نص البيان الرئاسي لمجلس الأمن، رقم 12008 والذي أقر في جلسة مجلس الأمن رقم 7504 المنعقدة بتاريخ 17 آب/أغسطس 2015 عبر الهيئة العامة كان حاضرًا.

ومن المرجح أن يؤيد الائتلاف الوطني الالتزام القوي لمجلس الأمن في بيانه بسيادة واستقلال ووحدة الأراضي السورية، ودعوة مجلس الأمن إلى التطبيق الكامل لبيان جنيف المؤرخ في 30 حزيران (يونيو) 2012، لتحقيق المطالب المشروعة للشعب السوري.

كما إنه لا بد من التركيز على إعادة التأكيد على ضرورة تقيد مجلس الأمن بالقرار 2139، وتوقف الأطراف عن مهاجمة المدنيين، والاستهداف العشوائي للمناطق الآهلة بالسكان، بما يتضمن القصف بالبراميل المتفجرة وغيرها، وإنهاء الاعتقالات والتعذيب والإفراج عن المعتقلين، وخلق بيئة مناسبة للمفاوضات عن طريق إجراءات بناء الثقة، وعلى مسؤولية السلطات السورية في حماية السكان.

خرق القرار 2139
لكن المعارضة ستذّكر بأن السلطات السورية ممثلة في نظام بشار الأسد لم تتقيد بأي بند من بنود القرار 2139 واستمرت في قتلها المدنيين واحتجازهم وتعذيبهم، ولم تبذل أي جهد في إطار إجراءات بناء الثقة من أجل المفاوضات السياسية المنشودة. وسيشدد الائتلاف على أنه رغم انتهاكات نظام الأسد للقرار 2139 الواضحة والموثقة بكل الدلائل والبراهين، فإن مجلس الأمن لم يدن تلك الانتهاكات لقراراته ولم يتخذ أي إجراء بشأنها.

مجلس الأمن في قراره الأخير عبّر عن قلقه البالغ من وقوع أجزاء من سوريا تحت سيطرة جماعات إرهابية متطرفة، مثل داعش والنصرة، وإدانته اعتداءاتها على المدنيين بما فيها الاعتداءات على المجموعات الإثنية والدينية والمذهبية.

وترى المعارضة أن ممارسات نظام الأسد البالغة العنف تجاه الشعب السوري هي التي أفسحت المجال، وأوجدت الفراغ، اللازمين لخلق الجماعات المتطرفة، حيث إن نظام الأسد يساعد على تمويل تنظيم داعش عن طريق شراء النفط منه، ويستهدف السكان المدنيين بالقصف الجوي بدلًا من داعش، وليست لديه لا القدرة ولا الإرادة لمواجهة داعش، وتؤكد المعارضة أن الطريقة الوحيدة للقضاء على التنظيمات الإرهابية في سوريا هي نقل السلطة إلى حكم يحوز ثقة الشعب من أجل توحيد جهود الشعب السوري في مواجهة الإرهاب والتصدي له.

4 مسارات
ومن المرجح أن يرحّب الائتلاف الوطني بتأكيد مجلس الأمن على ضرورة العمل السريع من أجل إنهاء العنف وانتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، والبدء في عملية انتقال سياسي في سوريا تحقق التطلعات المشروعة للشعب السوري عن طريق تشكيل هيئة انتقالية حاكمة ذات صلاحيات تنفيذية كاملة وذلك بموافقة متبادلة.

وتشارك المعارضة مجلس الأمن في الثناء على جهود المبعوث الخاص دي ميستورا. لكن لا بد من دراسة طروحاته في الدعوة إلى عقد مشاورات ونقاشات في مسارات أربعة وهي السلامة والحماية للجميع، الأمور السياسية والقانونية، الأمن ومكافحة الإرهاب، واستمرارية الخدمات الحكومية وإعادة الإعمار والتطوير، وذلك في الطريق نحو مفاوضات سياسية وانتقال سياسي واضح.

ويحتاج مجلس الأمن على ما يبدو إلى التذكير أيضًا بقراراته السابقة، ومنها أن قراره رقم 2118 قد ذكر في بنده رقم 16 أن الخطوات الأساسية التي يضعها بيان جنيف تبدأ من تشكيل هيئة حاكمة انتقالية، حيث يدعو البند رقم 17 إلى عقد مؤتمر دولي من أجل تنفيذ بيان جنيف.

إفشال المفاوضات
وتعتبر من النقاط المهمة أن الائتلاف الوطني شارك بجدية ومسؤولية وبكل انفتاح في مؤتمر ومفاوضات جنيف عام 2014، لكن نظام الأسد لم يبد أي اهتمام بتطبيق بيان جنيف، وتحقيق الانتقال السياسي، حسب البيان، وتسبب وحده بفشل المفاوضات، حسب تصريحات المبعوث الأممي آنذاك الأخضر الإبراهيمي.

وبعيدًا عما يتردد عن ضغوطات من سفراء غربيين على الائتلاف للموافقة على خطة دي ميستورا، فإن الائتلاف الوطني قراره مستقل، كما يرجّح أكثر من مصدر، حيث إنه لا يعتقد أن الخطة المطروحة، والتي تقترح عقد مشاورات ونقاشات حول أربعة موضوعات، سوف تكون مفيدة لعملية السلام، ولا تساهم في حقن دماء شعبنا وتخفيف معاناته، وذلك لأن نظام الأسد لم يتقيد بأي من بنود القرار 2135، ولم يتخذ أي خطوات لبناء الثقة، ويرتكب المجازر والجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب كل يوم في سوريا، ويجب الرد على استفسارات الائتلاف وتوضيح نقاط الخطة بالتفصيل.

كما يرفض نظام الأسد القبول بالانتقال السياسي، وأفشل مؤتمر جنيف، ولم يصدر منه أي موقف مغاير لما كان خلال مفاوضات جنيف قبل عشرين شهرًا، ولا يوجد ما يدعو إلى الاعتقاد بأن نظام الأسد سوف يتعاون الآن في موضوع الانتقال السياسي، الذي تعتقد المعارضة ومجلس الأمن أنه الطريق الوحيد من أجل حل القضية السورية. وبالتالي لا يوجد من طرف النظام شريك من أجل السلام، وما لم يتغير موقف نظام الأسد، فإن نقاشات إضافية سوف تكون غير مفيدة.

غياب آليات
إضافة إلى ذلك لم تصدر من مجلس الأمن أية آليات إلزامية لتحقيق التطبيق الكامل لبيان جنيف والانتقال السياسي في سوريا، وبغياب الآليات الإلزامية، فإن النقاشات والمشاورات سوف تراوح مكانها بسبب رفض النظام للانتقال السياسي.

وسيؤكد الائتلاف الوطني أنه سوف ينخرط في أية عملية تفاوضية تدعو إليها الأمم المتحدة عندما تكون هناك جدية في الرغبة في السلام من طرف النظام، وجدية في الإلتزام بتطبيق بيان جنيف وتحقيق التطلعات المشروعة للشعب السوري.

وكما ترى أصوات داخل المعارضة أنه يجب متابعة العمل مع فريق دي ميستورا، ترى أصوات ثانية في المعارضة أن خطة دي ميستورا هدر للوقت، فيما القتل يزداد، وأن الحل في توافق دولي سريع باتجاه جنيف، فيما تنادي أصوات بتجميد مسار الحل السياسي هذه الفترة، وتعتبر أنه ليس عزوفًا عن ممارسة السياسة، وإنما هو عمل سياسي بحد ذاته، حيث إن العملية السلمية تحتاج طرفين مقتنعين بها وبجدواها في حقن الدماء، ولا يوجد طرف آخر في هذا الوقت، وإن مجازر بشار الأسد وخطابه الأخير يدلان على ذلك.

&