مع مواصلة التظاهرات العراقية تعالت دعوات إلى اختيار قيادة موحدة لها من أكاديميين وناشطين من الجنسين وتحديد سقف زمني للحكومة لتنفيذ المطالب.


عبد الرحمن الماجدي من أمستردام: تواصلت دعوات ناشطين عراقيين إلى اختيار قيادة موحدة للتظاهرات العراقية وتوحيد المطالب من الحكومة والعمل وفق سقف زمن يحدد مسبقًا لإنجازها.

توحيد الصف
ومع مرور خمسة أسابيع على انطلاق التظاهرات العراقية المطالبة بالإصلاح، لم تتبلور بعد قيادة للتظاهرات في جميع تظاهرات مدن وسط وجنوب العراق. مواقع التواصل الاجتماعي شهدت منذ السبت طلبات باختيار قيادة موحدة للتظاهر من شبان وشابات المتظاهرين، بينهم أساتذة الجامعات والأدباء من الجنسين ومن بقية ناشطي المجتمع المدني الذين يشكلون عماد التظاهرات العراقية، تجنبًا لتشظي مطالب المتظاهرين وخشية اختراق التظاهرات من قبل ميليشيات أو مندسين مدعومين من ساسة فاسدين، يخشون أن تطالهم الإصلاحات التي يطالب بتحقيقها المتظاهرون.

التطور الجديد في هذه الدعوات هو دعوة المرجع الديني الشيخ آية الله محمد اليعقوبي النخب المثقفة والأكاديميين من أساتذة الجامعات وسواهم إلى دور واضح ومحوري في التظاهرات التي تشهدها البلاد.

وطالب اليعقوبي بتوحيد المطالب ووضعها على طاولة المفاوضات باتجاه بلورة مشروع وطني إصلاحي واضح المعالم، مؤكدًا ضرورة ضبط بوصلة حركة الجماهير وحماية التظاهرات من الانحراف واختراق المندسين وخاطفي الإنجازات.

التشخيص قبل الحل
وقال اليعقوبي خلال كلمة ألقاها أمام عددٍ من الأساتذة والأكاديميين من (مركز الإبداع) للدراسات والبحوث الاستراتيجية في مكتبه في النجف، ونقلتها مواقع صحافية عراقية اليوم، إن "غالبية الشعب تطالب بحل المشاكل الظاهرة التي تراها أمامها، ولا تلتفت إلى الأسباب الأصلية المؤدية إليها، كما لا توجد مطالب موحدة للمتظاهرين. فالمشكلة لا تقتصر على انقطاع التيار الكهربائي أو تردي الخدمات، بل المشكلة أكبر من ذلك بكثير، وهنا تبرز أهمية دور النخب في تشخيص جوهر المشكلة أولًا ودراسة الأسباب الأساسية دراسة موضوعية، ثم تقديم الحلول الجذرية لهذه المشاكل ثانيًا، وخذ مثالًا على ذلك مفوضية الانتخابات التي تكونت من ممثلي الكتل السياسية الكبيرة".

وتساءل "فكيف نتصور أنها ستكون مستقلة، وقد شكلت لرعاية مصالح تلك الكتل؟، بل كيف نتصور أن الانتخابات ستمضي بشكل نزيه، ما دام المال السياسي والنفوذ والمصالح والوظائف الحكومية بيد الكتل المهيمنة، وكذلك قانون الانتخابات، الذي صمّم على مقاس المتنفذين، لكي يقطع الطريق على أي مشروع نهضوي يضم دماءً جديدة، الأمر الذي أدى إلى إعادة استنساخ الوجوه نفسها في كل عملية انتخابية، مع وجود تدجين وتخدير للشعب يساعد على سوقه إلى حيث يريد المتسلطون".

وأشار المرجع اليعقوبي إلى أن "الحل لا يقتصر على السياسيين المتسلطين والنظام السياسي، وإنما يمتد إلى المؤسسات والجهات الساندة والمشرعنة للعملية السياسية. ودعا إلى تشكل المفوضية من جامعيين متخصصين في هذا الشأن، وبمساعدة منظمات المجتمع المدني ومساندة المجتمع الدولي".

ركوب الموجة
وأكد "ضرورة أن تكون العلاجات الإصلاحية جذرية وفعّالة، وليست شكلية أو ترقيعية، لأنها ستكون خاضعة لتأثير الفاسدين، الذين ركب بعضهم موجة التظاهرات، لتغطية مفاسده، والبعض الآخر أطلق التصريحات النارية لخلط الأوراق، لتبقى الحال كما هي، ويبقى الشعب يرزح تحت قسوة الفساد والإرهاب".

وأضاف أن "عملية الإصلاح ليست لقلقة لسان، بل تحتاج عملًا دؤوبًا وضغطًا مستمرًا، فحركة الجماهير، وإن كانت ليست واسعة وفق المقاييس، لكنها أرعبت الفاسدين، وهزمتهم، وأجبرتهم على الرضوخ للحل، بعدما أخذت الجماهير دورها وتحركت، وقد نبهنا إلى ذلك، ودعونا إليه قبل خروج هذه التظاهرات".

وأبدى اليعقوبي استغرابه "لتأخر حركة الجماهير وانتفاضتها، التي لم تقل كلمتها طيلة 12 عامًا مضت، على الرغم من التنبيهات المستمرة والتحذيرات المتوالية من الأخطار المحدقة بالعراق وشعبه". وحذر "من سياسة الاستئثار ودعوات التقسيم والانفصال وتحشيد الجماهير طائفيًاً لتفكيك الائتلافات الطائفية، وأن تكون الائتلافات والأحزاب السياسية على أساس البرامج الوطنية التي تخدم الشعب".

استقالة محافظين
من جانب آخر دعا رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي مجلس محافظة المثنى إلى الإسراع في اختيار محافظ جديد خلفًا للمحافظ المستقيل إبراهيم سلمان الميالي. وكان محافظا المثنى والقادسية قدما استقالتيهما أمام وسائل الإعلام، وقالا إنهما يضعانهما على طاولة رئيس الوزراء حيدر العبادي، تاركين أمر قبولهما أو رفضهما للعبادي، الذي قال مكتبه الإعلامي إن مهمة البتّ في الاستقالة منوطة بمجلس المحافظة، الذي اختار المحافظ، وليس رئاسة الوزراء، الذي ربما أراد المحافظان إحراجه أمام الجماهير الغاضبة، حسب الناطق باسم مكتب العبادي الإعلامي.

ولإتمام رد الكرة إلى ملعب المحافظة أوفد رئيس الوزراء إلى محافظة المثنى وفدًا لمتابعة وتوضيح أمر استقالة محافظ المثنى، قال أحد أعضائه إن رئيس الوزراء يتابع باهتمام الأحداث التي تجري في محافظة المثنى".

وأضاف أن رئيس الوزراء أوفدنا للاجتماع بأعضاء مجلس المحافظة وحثهم على اختيار شخصية تكون مقبولة بين جميع الأطراف"، مشيرًا إلى: "أن هناك إجماعًا بين أعضاء مجلس المحافظة، على اختيار شخصية تتمتع بالنزاهة والمقبولية، من دون إغفال الحق القانوني للمجلس". وأعرب عن أمله في أن يختار أعضاء المجلس المحافظ بأسرع وقت.

وكان محافظ المثنى إبراهيم الميالي، أعلن في مؤتمر صحافي الجمعة الماضية تقديم استقالته من منصبه. يذكر أن تظاهرات غاضبة تعم محافظات وسط وجنوب العراق انطلقت قبل ستة أسابيع تطالب بالإصلاحات السياسية والاقتصادية ومحاسبة الفادسين. وقد اتخذ رئيس الوزراء العبادي عددًا من الخطوات، التي سمّيت بحزم الإصلاحات، منها إلغاء مناصب نواب رئيس الوزراء والجمهورية وترشيق الكابينة الحكومية وتقليل عدد أفواج الحمايات وعدد المستشارين في المناصب العليا. لكن المتظاهرين يرون أن الإصلاحات التي اتخذها العبادي غير كافية، فالمتهمين بالفساد ما زالوا في مناصبهم والخدمات متدهورة.

&