وسط توقعات بعقد (جنيف 3) في تشرين الثاني (نوفمبر) أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف أن أحد أهم شروط تسوية الأزمة السورية هو توحيد طيف واسع من المعارضة السورية على أساس الحوار مع الحكومة حول جميع المسائل الرئيسة.

نصر المجالي: قال& وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، خلال اجتماعه مع أعضاء مجموعة مراقبة تنفيذ قرارات المشاورات السورية ـ السورية في موسكو، الإثنين، إن "أحد أهم شروط تسوية الأزمة السورية هي مهمة توحيد طيف واسع من المعارضة السورية على أساس الحوار البناء مع الحكومة حول كافة المشاكل الأساسية القائمة".

كما جدد لافروف دعم روسيا& للمعارضين السوريين المتمسكين بـ"إطلاق حوار سياسي، من أجل حل جميع القضايا السياسية على أساس توافق شامل بين المعارضة والحكومة".

وشارك في اللقاء عضو قيادة جبهة التغيير والتحرير السورية المعارضة قدري جميل، والمنسق العام لهيئة التنسيق الوطنية المعارضة حسن عبد العظيم وغيرهما من ممثلي مجموعة متابعة تنفيذ قرارات المشاورات السورية ـ السورية في موسكو.

وأكد وزير الخارجية الروسي على دعم روسيا لتمسك جماعة المعارضة السورية بالرغبة في "بدء الحوار السياسي من أجل حل كافة المشاكل السياسية بين المعارضة والحكومة على أساس التوافق العام".

مبادرة بوتين

وأضاف لافروف إنه "من أجل تنفيذ هذا النهج، طرحت مبادرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والتي تفترض وجوب التقدم في اتجاهين موازيين- التنشيط الحاد باتخاذ الخطوات المنسقة الهادفة لمكافحة التهديدات الإرهابية والبدء المتزامن بالحوار السياسي على أساس بيان جنيف".

وشدد: "تدعم روسيا بثبات سيادة سوريا ووحدتها وسلامة أراضيها، كما أنها تؤمن بقدرة السوريين على تقرير مصيرهم بأنفسهم، وحل القضايا الصعبة التي تواجهها البلاد".

وأعاد الوزير الروسي إلى الأذهان أن هذا المبدأ سٌجّل في ورقة موسكو التي اتفق عليها المشاركون في لقاء موسكو التشاوري الثاني الذي عقد في نيسان (أبريل) الماضي، إذ أكد المشاركون تمسكهم بتكثيف جهود مكافحة الإرهاب من أجل إبعاد خطر التطرف العدواني عن سوريا.

كلام عبدالعظيم

من جانبه شكر المنسق العام لهيئة التنسيق الوطنية المعارضة، حسن عبد العظيم، روسيا ووزارة الخارجية الروسية على الجهود التي يبذلها الجانب الروسي، من أجل إحراز التقدم في العملية السياسية في سوريا، معربا عن "التضامن الكامل" مع الأفكار التي تم طرحها، بما في ذلك بشأن إجراء لقاء "جنيف- 3"، كما ينص على ذلك بيان جنيف الصادر في 30 حزيران (يونيو) العام 2012، وعن شكره لروسيا على عمل روسيا المتواصل في هذا الاتجاه.

ولفت عبد العظيم إلى أن هيئة التنسيق الوطنية تسعى لتوحيد مواقف كل الأطراف بشأن آفاق الرؤية المستقبلية للتسوية في سوريا، و لكنه يوجد هناك اختلافات معينة في هذا الاتجاه.

وقال المعارض السوري إن هيئة التنسيق الوطنية تتوجه بالشكر إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على مبادرته لتشكيل جبهة واسعة لمكافحة الإرهاب الدولي".

وشدد عبد العظيم على أن هيئة التنسيق تساند جهود المبعوث الأممي في سوريا، ستيفان دي ميستورا، الذي يلعب دورا كبيرا في تسوية الوضع في سوريا، بما في ذلك جهوده الهادفة لتشكيل 4 مجموعات عمل.

جنيف 3

من جانبه، قال قدري جميل القيادي في الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير في تصريحات لوسائل إعلام روسية بعد اجتماع لجنة متابعة لقاءات موسكو مع لافروف، إن مؤتمر "جنيف- 3" السلمي قد يعقد بعد 15 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.

وأعاد إلى الأذهان مبادرة دي ميستورا الخاصة بتشكيل لجان معنية بالتسوية السورية، موضحا أن تلك اللجان يجب أن تبدأ اجتماعاتها في منتصف الشهر القادم، ومن المتوقع إنجاز عمها بحلول 15 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. وأضاف أنه بعد ذلك يمكن دراسة فكرة عقد مؤتمر "جنيف-3".

واعتبر أنه من الضروري تشكيل وفد جديد متعدد الأطراف للمعارضة السورية للمشاركة في "جنيف-3"، مؤكدا على ضرورة التخلي عن احتكار الائتلاف الوطني السوري فيما يخص تمثيل المعارضة السورية بأكملها.

يذكر أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان اقترح على قيادة سوريا والدول الأخرى في المنطقة، بما في ذلك تركيا، الأردن والمملكة العربية السعودية توحيد جهودها لمكافحة تنظيم "داعش"، إذا رأت دمشق ذلك مناسبا وممكنا، وقال إن روسيا، بدورها، مستعدة لتشجيع الحوار بين تلك البلدان.

جولتا مشاورات

وكانت موسكو استضافت جولتين من المشاورات السورية السورية، وتمكنت الأطراف المشاركة في اللقاء التشاوري الثاني في 6-9 نيسان (ابريل) الماضي، من التوصل لاتفاق حول وثيقة نهائية تشمل 10 بنود.

وتؤكد هذه الوثيقة على ضرورة تسوية الأزمة السورية بوسائل سياسية على أساس توافق الآراء، استنادا إلى مبادئ بيان جنيف الصادر في 30 حزيران (يونيو) 2012.

كانت ماريا زاخاروفا الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية أكدت أن المشاورات الروسية- السورية الأخيرة تأتي في سياق جهود روسيا الرامية إلى تسريع إطلاق العملية السياسية السورية-السورية للتسوية على أساس بيان جنيف 2012.

يشار إلى أن وزارة الخارجية الروسية تجري منذ مطلع آب (أغسطس) مشاورات مكثفة مع مختلف الأطراف السورية واللاعبين الدوليين.

واستقبلت موسكو منذ مطلع الشهر الجاري عدة وفود للمعارضة السورية، أبرزها وفدا الائتلاف الوطني السوري برئاسة خالد خوجة، ولجنة المتابعة لمؤتمر "القاهرة 2" برئاسة هيثم مناع. وبالإضافة إلى موضوع العملية السياسية في سوريا، تعمل موسكو على دفع مبادرتها الخاصة بتشكيل تحالف واسع ضد الإرهاب في الشرق الأوسط، قدما.

واشنطن والرياض

وفي هذا السياق، أجرت موسكو اتصالات بأطراف دولية، في مقدمتها الولايات المتحدة والسعودية، لتنسيق الجهود على مساري التسوية السياسية ومكافحة الإرهاب في سوريا.

يذكر أن لافروف عقد في مطلع الشهر الجاري سلسلة مشاورات مع نظيريه الأمريكي جون كيري والسعودي عادل الجبير، إذ عقد في الدوحة يوم 3 أغسطس/آب لقاء ثلاثي بمشاركة الوزراء، ومن ثم التقى لافروف نظيريه الأمريكي والسعودي كلا على حدة في كوالالمبور (يوم 5 آب / أغسطس) وفي موسكو (11 آب/ أغسطس).

وأعلن لافروف تعليقا على نتائج المشاورات الروسية الأميركية السعودية بشأن الأزمة السورية، أن الأطراف اتفقت على توحيد الجهود في مكافحة "داعش"، لكنها لم تتوصل بعد إلى مقاربة مشتركة في هذا المجال.

وأوضح في تصريحات بعد لقائه الثنائي مع كيري في كوالالمبور: "إننا متفقون على أن "داعش" يمثل شرا وخطرا يهدد الجميع"... "نحن متفقون أيضا على ضرورة توحيد الجهود في مكافحة هذه الظاهرة، في أقرب وقت وبأقصى درجات الفعالية، لكننا لم نتوصل بعد إلى مقاربة مشتركة بشأن طريقة معينة لتحقيق هذا الهدف، نظرا للخلافات القائمة بين مختلف المعنيين الموجودين "على الأرض".

لقاء الجبير

وبعد لقائه مع الجبير، أكد لافروف أنه ما زالت هناك اختلافات في المواقف بين روسيا والسعودية وبعض الدول الغربية حول مصير الأسد، إذ تؤكد موسكو باستمرار أنها لا تقبل بمطالبة الأسد بالرحيل كشرط مسبق لتسوية الأزمة.

وشدد لافروف على أن السوريين أنفسهم يجب أن يقرروا مصير الأسد، وذلك من خلال حوار شامل بمشاركة جميع الأطراف المعنية من أجل تحديد ملامح المرحلة الانتقالية.

وأكد الوزيران الروسي والسعودي أنهما اتفقا على تنسيق مساهمة موسكو والرياض في توحيد صف المعارضة السورية من أجل صياغة قاعدة مشتركة لها تمهيدا لبدء التفاوض مع دمشق.

وبالإضافة إلى الجبير، استقبلت موسكو منذ مطلع الشهر الجاري وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ورمزي عزالدين رمزي نائب المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا، كما كانت الأزمة السورية في صلب اللقاءات التي عقدها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع الزعيمين الأردني الملك عبد الله الثاني والمصري الرئيس عبد الفتاح السيسي وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان الذين زاروا العاصمة الروسية الأسبوع الماضي.